قال تعالى في سورة يوسف : 12 / 16 : (( وجاءوا أباهم عشاء يبكون )) .
النص يشير إلى أن مجيء أخوة سيدنا يوسف ( صلى اللـه عليه وسلم ) إنما كان وقت العشاء ( ظلام ) أباهم ، وعبر عن حالهم أنهم ( يبكون ) ، وقد تم التعبير بالجملة الفعلية دون الاسمية ( باكين ) ؛ لأسباب ، منها :
( 1 ) : أنهم قالوا إلى أبيهم إن يوسف قد أكله الذئب ، وهو لم يأكله أصلا .
( 2 ) : وأنهم جاءوا أباهم زمن العشاء ( وهو قرينة تتساوق والحدث الغادر ) .
( 3 ) : وقيل : ( يبكون ) بفعل ؛ لأن البكاء هنا غير حقيقي أولا ، ولأن بكاءهم هنا كان بكاء ظاهرا صوتيا فقط ( على غير حقيقة ) ، ولو قيل : ( باكين ) لثبت بكاؤهم الفعلي ؛ تساوقا مع دلالة الاسم على الثبوت .
قال تعالى في سورة المائدة 5 / من الآية 6 : (( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلــكم إلى الكعبين )) .
من نفائس هذا القول أنه حد مراتب الوضوء وطريقته ، والمقصود بالكلام لفظ ( أرجلـَـكم ) بالنصب الذي يدخل في حكم الغسل إلى الكعبين ؛ لأن ( أرجل ) لفظ له وجهان إعرابيان ؛ هما :
( 1 ) إما العطف على لفظ : ( وجوهَ ) المنصوب صراحة على المفعول بـ ( اغسل ) .
( 2 ) : أو العطف على الموضع الإعرابي للفظ : ( رؤوس ) على أساس أن ( امسح ) فعل متعد بنفسه لا بحرف خفض ، والـ : ( باء ) حرف خفض زائد يفيد التوكيد ؛ توكيد مسح الرأس لا غسله .
وقد قرأ الكسائي ؛ علي بن حمزة ( 189 هج ) النص بقراءة ( وأرجلِكم ) بالكسر ، فترتب على هذه القراءة أن لفظ : ( أرجل ) بالخفض معطوف على لفظ : ( رؤوس ) لا على موضعه الإعرابي ، أي : أن ( أرجل ) ـ بناء على قراءته ـ تدخل في حكم المسح لا حكم الغسل .
[move=right]إلى حلقة أخرى بإذن اللـه [/move]