منبهراً وقف يحدق بعينيه الصغيرتين متأملاً ما حوله في دهشة .. ما أجمل هذا ؟؟!! أهذه هي الملاهي التي سمعت عنها ـ كانت الألعاب العملاقة تحيط به من كل جانب بألوانها الزاهية الجميلة , وقد امتلأت بالأطفال من أصحابه وجيرانه وآخرين لا يعرفهم وقد تعالت صيحاتهم وضحكاتهم
وقف محتاراً بأي لعبة سيبدأ فقد قرر أن يجربهم جميعاً.
داعبت أنفه رائحة طعام ذكية فأنجذب إليها تلقائياً وهو يتحسس بطنه الخاوية , وأخذ بتشمم رائحة الطعام بعمق فأشتد عليه الجوع ـ هرع إلى أحد تلك المطاعم المتناثرة وزاحم حتى وصل إلى البائع قائلاً .. أريد شطيرة من كل نوع , ولا تنس شرائح البطاطس المقرمشة اللذيذة ـ ووقف ينتظر وقد سال لعابه ممنياً النفس بالطعم الشهي..
بوم .. بوم .. أخذت الألعاب النارية تملأ السماء بالنجوم متعددة الألوان في استعراض باهر.
بوم .. بوم .. ارتعدت أوصال عمر وأخذ قلبه يطرق طرقاً عنيفاً ـ فتح عينيه وأخذ يدعكهما بشدة ليرى النيران مندلعة تضئ الآفاق ـ تبخر الحلم الجميل ليعود إلى واقعه المر, فلقد كانت حلب تحت القصف منذ عدة أيام. وتوالت أصوات القذائف لتتناثر الأجساد أشلاء, ويعم المكان حالة هستيرية .. الأحياء يتراكضون لحمل الأموات على أمل أن يكون أحدهم مازال على قيد الحياة. الدم يغطي الوجوه ويخفي الغضب والقهر الموجود في العيون, والهلع ينتاب الجميع ـ خوف ورعب وغضب يلف عمر فيصيح بكل قوته مناديا على أمه وأبيه .. ولا من مجيب.
يحاول أن يجري فيكتشف أن قدميه قد حشرتا بين الأنقاض والركام, عينيه أصبحتا جمرتين ترسلان وهجا يكاد يحرق وجهه ـ زمجر في صدره سؤالا يريد أن ينطلق فصرخ باكيا بكل ما في طفولته من براءة:
بس بدي أفهم ... ليش عم يضربونا ؟؟؟
6/ 2 /2014