أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: بنات الرياض رؤية أخرى ( الحلقة الأولى )

  1. #1
    الصورة الرمزية زكي السالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    المشاركات : 119
    المواضيع : 15
    الردود : 119
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي بنات الرياض رؤية أخرى ( الحلقة الأولى )

    في زيارتي لمعرض الكتاب الدولي بالبحرين دخلت إحدى دور النشر المتربعة في صدر المعرض وطلبت من البائعة هناك رواية رجاء الصانع ( بنات الرياض ) فأحضرتـها لي وحدقت في وجهي هنيئة وعلى محياها ابتسامة صفراء وبرتقالية وحمراء بل ( رينبو ) شخصيا بارك على وجهها .. وقالت هل تريد كتابا آخر وعند إجابتي بالنفي .. تبرعت بنفسها وجلبت لي كتابا جنسيا من الدرجة الأولى فقلت لها وبراءة ( اليهّال ) في عيني : لم أطلب هذا الكتاب فقالت هو من نفس النوعية .. فسألتها هل قرأت الرواية قالت لا ، عندها سكت عن الكلام المباح وأخذت الرواية ومشيت .
    لمَ ألـم هذه الفتاة على نظرتـها المريبة واعتقادها أن من يطلب هذه الرواية ما هو إلا باحث متخصص في شؤون الجنس علما أنـها لم تقرأها وذلك لكثرة ما سمعت من آراء وتعليقات معلبة حول هذه الرواية واتـهامها بأنـها جاوزت الخطوط الحمراء وصعدت فوق الرصيف وفحطّت وخمّست داخل حي راقٍ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..

    بالنسبة لي فقد قرأتُها من الوريد إلى الوريد محملا ومعبئا بكل هذه الآراء المتشنجة وفي يقيني أن قراءتي لن تفتح لي آفاقا جديدة نحو تغيير فكرتي المأخوذة مسبقا نتيجة هذا السيل الهادر من الانتقادات فقط كل ما أرجوه من هذه القراءة الاستدلال ببعض الجمل والفصول على فسق وعهر هذه الرواية حتى إذا ما تربعت وتقرفصت في مجلس من المجالس إياها نفخت أوداجي وتنحنحت وصببت جام وقشطة وبنات بتر غضبي على هذه الرواية وعلى الكاتبة بالخصوص متهما إياها بكل ما حمل قاموسي الاتكالي والطفيلي الذي يعب آراءه من جهد غيره ..

    هذا ما تبادر إلى ذهني وأنا أشرع في تصفح الرواية ولكن بعد أن قرأت صفحات منها وغصت حتى أم وخالة رأسي فيها لم أرَ ما يقال .. لا أخفيكم كنتُ متضايقا أن لم أجد ضالتي ولكن قلت أُكملُ وأكملتُ حتى أتيت على آخرها ووصلت ( إلى مكان ماضيّع إبليس ولده ) من الرواية فلم أجد ويا للأسف الشديد ما كنت أبحث عنه .

    لعل الناس هنا معذورون في نظرتـهم السوداوية الحالكة لهذه الرواية وحشرها في زاوية ضيقة من الشتائم والتهايم ففي يقيني أن الكاتبة نفسها أرادت هذا الشيء لغرض في نفس يعقوب وحاولت مستميتة أن تُعمق هذه النظرة في عقل من يقرؤها .. فبجمل متناثرة هنا وهناك من الرواية رسخت في ذهن القارئ أن ما ترويه من قصص صديقاتـها – كما سمتهم – حقيقي وحصل بالفعل .. وذلك بعد إعداد المتلقي لهذه الرسالة التي أرادت إيصالها من خلال إثارة فضوله واستغلال نـهمه للولوج إلى عوالم طالما كانت موصدة في وجهه على مر السنين ..

    ففي الصفحة ( 9 ) من الرواية وهي واقعا الصفحة الأولى من تسلسلها السردي تقول رجاء ( ... أنتم على موعد مع أكبر الفضائح المحلية ، وأصخب السهرات الشبابية ..... لكل من هم فوق الثامنة عشرة ، وفي بعض البلدان الحادية والعشرين ، أما عندنا فبعد السادسة .... للرجال وسن اليأس للفتيات . لكل من يجد في نفسه الجرأة الكافية على قراءة الحقيقة عارية على صفحات الانترنت ..... إلى كل من مل قصص الحب الطرزاني ، ..... إلى كل الساخطين والناقمين ، الثائرين والغاضبين ، ... إليكم أكتب رسائلي ) انتهى .. يعني على عينك يا تاجر .. يعني إللي ما يشتري يتفرج ، تُعدهم لمشهد إباحي فضائحي فوق الثامنة عشرة .. ثم تسترسل لتقول ( .... فقد آثرت تحريف القليل من الأحداث مع تغيير الكثير من الأسماء ، حفاظا على العيش والملح ، بما لا يتعارض مع صدق الرواية ولا يخفف من لذع الحقيقة . صحيح أنني مستبيعة ... ) انتهى

    فبعد أن هيأت الجميع لوليمة فضائحية محلية صاخبة وبعد أن وعدتنا بقول الحقيقة عارية كما ولدتـها أمها .. عادت لتوقد النار من جديد .. فتقول مع كل هذه الوعود إلا أنني مضطرة لتغيير بعض الأحداث .. فبالله عليك من يقرأ هذا الكلام مع خلفية تحريضية ضد الرواية مسبقة ماذا عساه أن يقول .. قطعا سيمزقها ولن يكمل قراءتـها ويهيم على وجهه في الآفاق شاتما ومحرضا على هذه الرواية والراوية .. ولو استرسل ملقوف مثلي وأراد إكمال الرواية واقتنع أن شخوصها ربما يكونون من نسج الخيال تصدمه في الصفحة 317 تحت عنوان بيني وبينكم .. ها .. لا أحد يدري أنتم فقط المعنيون بهذا السر ( أعجبت ميشيل – إحدى بطلاتها – بالقصة كثيرا وأثنت على طريقتي في السرد .... سديم – بطلة أخرى – لم تفصح لي عن مشاعرها .... ) لم ترد الكاتبة أن نصب ماء باردا على انتقادنا اللاذع لنقول لعلها خيال .. فتحاول أن تجير تفكيرنا إلى أن الأحداث والحبكة الدرامية واقعية .. ربما علمت أن رواية لشابة في مقتبل عمرها لم تعسجها وتعصرها الحياة بتجاربـها لن تُستقبل باكورة إنتاجها بترحاب إلا بالدخول في حقل من الألغام داخله مفقود ومغادره مولود .. فركزت بكل ما أوتيت من قوة على التحرش بالمجتمع النجدي ونقده نقدا لاذعا ووصفه بالبداوة والتخلف وعدم الإتكيت في حين تثني ثناء منقطع النظير على مجتمع الغربية ( وجدة غير ) فشبابـها يمتاز بدماثة الأخلاق والالتصاق بالبرستيج والإتكيت التصاق البمبرة بالرخام الأملس .. هي تدرك أن هذا سيثير عليها أناسا يسهل إثارتـهم بأقل من ذلك ..

    ولا ننسى فكرة تحديد الأماكن التي كانت مسرحا ( يتناقز ) عليه أبطال الرواية ( جامعة الملك سعود ، كلية الطب ، الرياض ، جدة ، الخبر ، طريق الرياض الدمام إلخ ) هذه الأشياء وعن تجربة شخصية في الشعر تدير دفة تفكير المتلقي لتنتزعها من الخيال إلى الواقع ومن الصعب عليك إقناعه بغير ذلك .. فقط قص عليه قصة وحدد لها أماكن وانظر ما يصنع

    إذن الكاتبة أرادت أن تُدخل المتلقي في عالم الواقعية ومن ثم الدخول في عوالم ومشاهد لطبقة مخملية والتقاط الجزئيات الصغيرة قبل الكبيرة في حياتهم وفي ظني أنها نجحت نجاحا باهرا في هذا الصدد الأمر الذي جعل كاتبة مثل الدكتورة دانية الشويعر تهاجمها هجوما لاذعا وتحاول أن تفند ( مزاعمها ) الواحدة تلو الأخرى فتقول في مقالها المنشور بجريدة الرياض (ولكوني طبيبة تخرجت من جامعة الملك سعود طب بشري واعرف أغلب طالبات كلية الطب في الوقت الذي كانت رجاء في كلية طب الأسنان ولم اسمع كلمة تسيء ولا حتى شبهة على أي طالبة في كلية الطب وان الجو الجامعي يتصف بالجد والعمل الصارم في كل أنحاء الجامعة ولا يوجد وقت لطالبة لأي نوع من العبث الذي أشارت إليه الرواية عن إحدى طالبات كلية الطب وهي لميس. ) يعني ألقت بظلال الواقعية على وهج الخيال وشمرت عن ذراعيها لترد هذه الفرية عن كل دارسات كلية الطب وكأنهن معصومات من الزلل .. وكأن المشاعر المخبأة في قلب كل واحدة منهن لا يجوز لها حتى الهمس بها مع نفسها .. ثم تعود الدكتورة دانية لتقول ( وطالبة الطب تتصف بالذكاء ورجاحة العقل وبعد النظر وإلا لما استطاعت دخول هذا المجال الصعب جداً .. ) إلى آخر اعتراضاتها الكثيرة جدا على الرواية .. وكأن الكاتبة مؤرخة يُطلب منها الدقة في كل كلمة تقولها .. عموما الدكتورة قدمت لنفسها العذر في البداية فقالت (قراءتي لهذه الرواية ليس لنقدها من حيث أسلوبها أو تماسكها الدرامي أو ترابطها من حيث أدوار شخصياتها أو من أي رواية نقلت أحداثها فهذا متروك للمتخصصين من الأدباء وهم كثر في بلادنا والحمد لله. ) .. هذا غيض من فيض من الهجوم العنيف ضدها ..

    المهم أن الكاتبة أرادت أن تثير نقمة المجتمع عليها ونجحت في ذلك .. خاصة في ظل مجتمع يكره المرايا ويريد أن تظل صورته نمطية ذات نسق واحد لا يتغير ..
    في تصوري أن الكاتبة لم تتجاوز الخطوط الحمراء ككثير من الروائيين الذين لا تحلو لهم الحرية إلا إذا انغمسوا في مواضيع الجنس ونقد الدين نقدا لاذعا كي يتمكنوا من الوصول إلى أكبر شريحة من خلال العزف على الحساس من مشاعرهم .. رجاء الصانع حاولت إيهام القراء بذلك ولكنها لم تدخل .. إن مجرد الحديث وسرد قصص لفتيات عشن حياة منفتحة نوعا ما في مجتمع متحفظ لا يكفي لنـزول هذا الوابل من النقد اللاذع الذي خدم الرواية وقدم لها دعاية مجانية ، لولاها لصرفت دار النشر عشرات الألوف للوصول إلى هذه الغاية .. خاصة أنني أعتقد أن شخوص الرواية ليسوا حقيقيين وأن سديم ولميس وقمرة وميشيل اللاتي جعلت منهن بطلات لروايتها وكذلك فاطمة الشيعية ما هن إلا من نسج خيالها مع يقيني أن هذه الفئة من الفتيات موجودات بكثرة في مجتمعنا ويعشن ويمارسن كل ما حكته الروائية بحذافيره .. فهي تحدثت عن مجتمع في ظني أنها قريبة منه أو التقطت أحداثه وجزئياته من لصيق أو لصيقة به ..
    ما أريد قوله أن الحكايات المروية من نسجها .. ولكن توأمها موجود على أرض الواقع ..

    وللحديث بقية
    مُعرفي بتوتير

    Zakiass@

  2. #2
    الصورة الرمزية زكي السالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    المشاركات : 119
    المواضيع : 15
    الردود : 119
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الحلقة الثانية :
    والآن سأستعرض عضلاتي المفتولة وعروقي المتفصدة في التعليق على هذه الرواية مع إدراكي ويقيني أنني غير كفء لهذه المهمة فهي تحتاج إلى أدوات وآليات كثيرة لا أملك منها إلا كما يملك مكتتب إعزوبي في شركة ( الدريس ) ، بيد أني سأدوّن انطباعاتي الخاصة وليحصل ما يحصل ..
    أبدأ هذه الانطباعات باستعراض الرواية عرضا موجزاً وعلى حلقتين ثم في الحلقة الأخـيرة أتناول الرواية تحليلا ونقداً ( كأني صج ) .. :

    بين أوائل عامي 2004 و 2005 ميلادية انهمرت على كثير من مستخدمي الإنترنت بالسعودية ( إيميلات ) دورية ، كانت تحط رحالها في أحضانـهم مساء كل جمعة ، ترسلها فتاة مجهولة الهوية تشرح فيها وبشكل تشويقي قصص وسوالف صديقاتـها الأربع ( قمرة القصمنجي و سديم الحريملي و لميس الجداوي و ميشيل ( مشاعل ) العبد الرحمن ) وعادة ما تختتم المرسلة ( أيميلها ) بشكل فجائي كما يحدث في المسلسلات العربية لتُبقي المتلقي مشدوها وفاغرا فاه في انتظار القادم الجديد ليُضمر فضوله المترهل .. وعادة ما تكون هذه الايميلات حديث الناس في أعمالهم وتجمعاتهم في اليوم التالي ،، لأن الكاتبة وكما أسلفت أقنعت الناس أنها عميلة سرية لهم تتجسس على صديقاتها لتلتقط الصغير والفضائحي من أخبارهن وتنقلها إلى غرفة العمليات ( بريدهم ) مصحوبا بتوصيات قوية ( ها لا أحد يدري ها الأخبار بس لكم انتو ) وطبعا الناس – مثل المهبل – مصدقين ..

    تبدأ رجاء روايتها بتقمص شخصية الراوية ( موا ) التي جاءت من سبأ بنبأ يقين ، وبطريقة ( الفلاش باك ) تشرع في سرد ( السري ) من حياة صديقاتـها الأربع قمرة و سديم و لميس وميشيل ،، وميشيل هذي بالذات التي تركز ( الزوم ) على جسدها النحيل الممشوق المتناسق اللدن الذي يطاوعها في تأوده وتمايله كأفعى ( الكوبرا ) وهي تقلبه ذات اليمين وذات الشمال على أغنية محمد عبده في حفل زواج قمرة القصمنجي على راشد التنبل ( والذي يجمع النقيضين في اسمه فهو راشد وتنبل في نفس الوقت ) وهو الذي سيعيش في أمريكا ليحضر الدكتوراه وكذلك هو الصخرة الملساء التي هطل عليه الشعور فتركه صلدا لا يقدر على مغازلة زوجته أو حتى الابتسام في وجهها خوفا من النظرات المتجمعة نحوه ..

    بعد الحفل تخرج الفتيات وبطريقة المتسكعين في أفلام ( الكاوبوي ) فيدخلن أحد الأسواق لتتعرف ميشيل هناك على فيصل البطران والذي تبدأ قصتها معه بتبادل ( المسجات ) ثم المكالمات بعدها يأتي اللقاء فالاستلطاف إلى درجة ذوبان عواطفها ومشاعرها في شخصيته القوية و ( إيتيكيته ) المبهر فتعيش في أحلامها الوردية معه أجمل لحظات حياتـها .. كان فيصل دقيقا جدا حتى في اختيار الهدية التي أهداها لميشيل ،، وحتى في الدبدوب الناعم الذي لم ينس أن يعلق في أذنيه ( قرطين ماسيين على شكل قلبين ... حتى تعلقهما دبدوبته الجميلة في أذنيها صـ 71 ) ،( لم يخطر ببالها قبل تعرفها إلى فيصل أن بإمكان الشاب السعودي أن يكون رومانسيا كغيره من شباب العالم المتحضر صـ 103 ) إلا إنـها وعلى طريقة ( أسامة أنور عكاشة ) الذي لا تنتظم شخصياته في حياتـها الزوجية ، وعادة ما تنتهي بالطلاق .. هنا أيضا ميشيل تفاجئ بفيصل يصدمها بقرار أمه( ست الحبايب ) الجائر الذي يأمره بإنـهاء علاقته مع هذه ( المتحررة ) والزواج بإحدى قريباته لأنه وكما قال أحد الفلاسفة قديما ( حلاة الثوب رقعته منو وفيه ) بافتراض أنه ثوب مشقق والرقعة المغايرة تشوهه .. فتبقى منكسرة حزينة لا حول لها ولا قوة ، وهنا تقفز النظرة السوداوية للرجال الذين تجري الخيانة في دمهم ( كما تومي إليه الرواية ) مجرى الهم في قلب خسران في الأسهم .. علما أن السبب في نفوره منها هي أمه والتي من المفترض أن تكون امرأة ، أو هذي العادة في الأمهات .

    من هول الصدمة لجأت ميشيل إلى طبيب نفسي ، غير أن إحساسها أن فيصلا يحمل لها من الحب أكثر مما تحمل له ولكنه ضعيف وسلبي وخاضع لإرادة المجتمع .. هذا الإحساس خفف عليها الوطأة نوعا ما .

    الدراسة في أمريكا هذا ما قررته أخيرا ، العودة للبلد الذي نشأت فيه مع والدها السعودي وأمها الأمريكية فتشد الرحال إلى هناك إلى سان فرانسيسكو لتجد ابن خالها( ماتي ) في انتظارها ليبدأ معها مشوارها الجديد كان يساعدها في كل شيء ويشرح لها ما استعصى عليها من دروس ويصاحبها في جولاتها في بلد العم سام ، استمر هذا التجاذب بينهما والإعجاب على مدى عامين حتى أحست بميل نحوه ( كان أكثر ما يعجبها في ماتي احترامه لوجهة نظرها مهما يكن الاختلاف بينهما . صـ 187 ) ولكن هل سيقتنع والداها بتلميحاتها ورغبتها الزواج من ابن خالها .. والدها الرجل المتحرر والذي قضى نصف عمره في أمريكا لم يستطع الانفلات من قيود مجتمعه ( كما تزعم الرواية ) .. ووالدتها الأمريكية التي أسلمت أخيرا يرفضان هذا الزواج من ماتي المسيحي فيقرران على الفور الهجرة والعيش في مدينة دبي هناك ( وبتسلسل درامي مهترء ) تعمل ميشيل في إحدى المحطات التلفزيونية فيستلطفها المخرج حمدان الشاب الإماراتي ذو الأنف المسلول كالسيف ويتقرب منها مبديا بتلميحات بريئة رغبتها الزواج منها .. ( رغم كل هذا ، لم تستطع ميشيل أن تحبه ، ... إذا كانت أسرتها ترفض ارتباطها بقريبها الأمريكي ، وأهل السعودية يرفضون ارتباط أحد أبنائهم بها ، فهل سينفك النحس مع حمدان الإماراتي ؟ صـ 276 ) ..

    إذن ( يبدو كل شيء في حياتها ممتازا ما عدا مسألة الزواج صـ 276 ) .. هنا تقف الرواية مع ميشيل في المحطة ما قبل الأخيرة من تسلسلها السردي .. لتنطلق إلى محطة الوصول وعودتها في زيارة خاطفة للسعودية وحضور حفلة زواج حبيبها الأول فيصل البطران متنكرة ، يعرفها فيصل فيزداد غرورها واعتزازها بنفسها وتغادر القاعة بعدما تيقنت أن من اختارتها أمه له وفضلتها عليها لا تصلح أن تكون خادمة لها ..

    أما قمرة القصمنجي والتي يسوقها حظها العاثر لتحط في أرض الأحلام مع تنبلها أقصد زوجها راشد التنبل فتسكن إحدى ناطحات السحاب في ( شيكاغو ) لتشعر بالغثيان والدوار كلما نظرت للسيارات في الشارع من تحتها كعلب الكبريت ،، مع إحساس بالملل قوي خاصة وأن هذا التنبل يتركها بالساعات وأحيانا بالأيام وحدها في هذه الشقة الكئيبة .. ليعود إليها آخر الليل ( فيلقي بنفسه على السرير كعجوز خائر القوى لا كعريس جديد صـ 34 ) ، أما هي فكان حلمها ( كثير من الملاطفة وكثير من الحب وكثير من الحنان والعواطف ( .... ) وهاهي تجد نفسها أمام زوج لا يشعر بانجذاب نحوها صـ 35 )

    في البداية اعتبرت أمر غيابه المستمر واللامبالاة بعواطفها عاديا ولكن بالمصادفة تكتشف علاقته بـ ( كاري ) الفتاة اليابانية والتي ما زال راشد من ( تنبلته ) يحتفظ بصور تجمعه بها في حاسبه الآلي .. حيث وقعت عينا قمرة عليها بالمصادفة ، إذن هي كاري بضآلة جسمها التي تعيد لها راشدا ( منشكحا وسعيدا ومبالغا في إظهار مودته ) صـ 93

    قررت قمرة مقابلة ( كاري ) والتفاهم معها في أمر هذا ( التنبل ) وتحينت الفرصة لذلك ، قبل ذلك قررت عدم تناول حبوب منع الحمل لتعمل بنصيحة أمها ( ما لك إلا عيالك يا بنيتي . العيال يربطون الرجال ) صـ 95 ..

    كسرت هذا التردد وحزمت أمرها لمقابلة ( كاري ) ومن تكون كاري حتى لا تقابلها ولا تواجهها ؟ إنها مجرد فتاة يابانية لعوب هكذا حدثتها نفسها ،، ولكن يبدو أن حديثها مع نفسها لم يعجب كاري فقالت لها بلغة لا تخلو من الحزم والوقاحة .. ( لقد عانى راشد الكثير ولا بد من أن تعملي على تحسين نفسك من الداخل والخارج حتى ترتقي إلى المستوى الذي يستهويه ، حتى ترتقي إلى مستواي ) صـ 99 ،، هكذا بكل صلافة لم تتمالك معها قمرة نفسها فأطلقت للسانها العنان لينهال شتما وسبا على كاري ، ثم تغادر الفندق وهي مدركة أن ما دار بينهما سيصل إلى راشد عن طريق هذه اللعينة ..

    كما توقعت يقتحم عليها راشد المكان ويأمرها أن تعتذر لكاري فلما رفضت بشدة وزل لسانها بأنها حامل ينهال عليها ضربا وتقريعا ويعيدها في أقرب طائرة لأهلها وبعد أيام تأتيها ورقة طلاقها ،، هكذا وبكل صفاقة ، لتؤكد رجاء أو ( موا ) أن الرجال مالهم أمان وكميشيل تتحطم أحلامها على صخرة هذا الجاهل ( التنبل ) الذي يُبقي في أحشائها ولدا يذكرها به كلما حانت منها التفاتة سعادة ..

    ( وللحديث صـلة مع سديم ولميس )
































  3. #3
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.25

    افتراضي

    الأخ الكريم زكي السالم:

    وقعت على موضوعك الغني بالكثير من الألق النقدي بأسلوب أدبي متمكن فأسعدني أن أراه بما حفل بالعديد مما يمكن الوقوف عليه من دب الواقع والرؤية النقدية المتفاعلة مع الحدث بشكل لصيق ووثيق.

    والحقيقة أنني سعدت أكثر حين طالعت اسمك الكريم ورأيت صورتك التي تعيد للأذهان الكثير من لحظات الود التي عشناها ونتمنى دوما أن تتكرر وتستمر.

    أهلا بك دوما في أفياء واحة الخير أخي الغالي.



    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالملك الخديدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 3,954
    المواضيع : 158
    الردود : 3954
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    الأخ الكريم الأستاذ : زكي السالم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لقد تأخرت كثيراً علينا في إكمال ما بدأته
    منذ فترة والكثيرون يتمنون أن يجدوا من يلقي الضوء على رواية ( رجاء الصانع ) ..بمثل هذا الطرح المتزن والنقد البناء لرواية أخذت حيز كبير من الجدل في أوساط المجتمع السعودي والخليجي وربما تعدى ذلك إلى المهتمين بالرواية في الوطن العربي ..
    لقد أوضحت بعض الجوانب حول الرواية ولكن هناك ملابسات واحداث صاحبت صدور الرواية ونشرها من منع وهجوم وفي بعض الأحيان تكفير وتفسيق وغيره ..
    فنتمنى أن تلقي المزيد من الضوء والنقد حيال القيمة الأدبية للرواية وهل هي هادفة وتصلح أن تكون لبنة في بناء الفكر .. أم أنها مجرد قصص تثير المشاعر .. تحولت إلى رواية .
    للتثبيت
    حتى تكتمل هذه الدراسة النقدية ..
    ونرى بعض المداخلات المهمة ممن اطلع على الرواية وقرأها .
    تقبل فائق التحية
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية زكي السالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    المشاركات : 119
    المواضيع : 15
    الردود : 119
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أستاذي الكريمين الدكتور سمير والأستاذ عبدالملك :

    شكرا لزيارتكما وتشريفكما هذا الموضوع وبأمركما .. ولكن قلة التفاعل مع الموضوع هو مادفعني للتوقف فمن خلال وضعه في هذا المنتدى الجميل قبل سنة ونصف بقي حوالي الشهرين لم يدخله سوى عشرة أشخاص أو ما يقرب من ذلك ..

    ولكن لتشريفكما فأنا طوع أمركما ..

    تحياتي

  6. #6
    الصورة الرمزية عبدالملك الخديدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 3,954
    المواضيع : 158
    الردود : 3954
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    بارك الله فيك استاذ زكي
    لعل وضع القسم واختصاصه في النقد هو ما يقلل من التفاعل والزيارة نوعاً ما ،ولكن الأهم من ذلك هو نوعية الموضوع وأهميته النقدية حيث سيبقى هنا كمرجع أو نافذه يطل من خلالها القارئ العربي على حيثيات هذه الرواية القضية.
    تحيتي وتقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية زكي السالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    المشاركات : 119
    المواضيع : 15
    الردود : 119
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أما الثالثة وهي سديم الحريملي فقد بدأت خطاها التي كُتبت عليها مع دخولها مجلس أبيها حيث كان وليد الشاري ينتظرها هناك على أحر من الجمر «صـ 36» ليراها الرؤية الشرعية قبل الزواج بمحضر والدها،، سبحان الله يأسره جمالها ويأخذ بمجمع قلبه سحرها فتسرق منه التفاتة وهو يتلصص النظرات ليتفحص قوامها الفارع وقدها الضامر فيشاغبها كعادته «على فكرة سديم ترى وظيفتي فيها سفرات كثيرة للخارج.. صـ 37» فترد عليه وهي تمازح حاجبيها بغنج فاتن..: «ما هي مشكلة. أنا أحب السفر..».

    «بدا لها وليد وسيما.. صـ 38» وشعرت أنه الرجل الذي ستكمل معه حياتها بكل أحلامها الوردية «والبنفسجية»،، وبجرأة مستحبة طلب وليد من أبيها رقم جوالها فأعطاه إياه، ليبدأ من هنا مشوار المكالمات المنهمر والذي سيحيل ليلهما نهارا ليفسح المجال أمام هذه العواطف المتدفقة.. لم يكن وليد مشاغبا، كل أمانيه قبلة على جبينها عند وداعها في الثانية صباحا بعدما تعود أن يزورها من بعد صلاة العشاء حتى هذا الوقت المتأخر، خصوصا أنها صارت «حليلته» الآن بعد عقد قرانهما..

    في إحدى الليالي وفي أثناء انهماكهما بأحلامهما الوردية أرادت سديم أن تُزيل عن وليد ذلك الغضب الحارق الذي شعر به وهي تطلب منه تأجيل موعد الزواج،، فتسامحت معه قليلا - وهنا أقول إن الرواية لم تتجاوز الخطوط الحمراء، فقد اكتفت رجاء الصانع بتدوين هذه اللحظة بقولها صـ 40 «وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها» فقط ليس إلا وعلى القارئ أن يفهم، وقد فهمنا أنه بعد أن نال منها قرر هجرانها مجسدا كل ما حفلت به القواميس العربية من عبارات الدناءة والوضاعة والصفاقة.. إذن هنا منحنى صعب في حياة سديم يطل برأسه..

    لندن هي المتنفس الوحيد الذي بقي لها.. هذا ما اعتقدته سديم بعدما هجرها وليد الشاري وبعد أن رسبت في نصف موادها بسببه، وفي الوقت الذي أمضته هناك لقضاء إجازة طويلة،، تعرفت على فراس الشاب السعودي الذي يدرس في لندن وبعد عدة لقاءات بريئة.. تودعه في ليلة عودتها إلى الرياض قافلة إلى بلدها وكثير من الهم الذي زرعه وليد في قلبها قد تبدد، كالعادة وفي الطائرة تبدأ السعوديات رحلة إعادة ما سلخنه عن أجسادهن من عباءات.. «عندما تصطف النساء والرجال صفوفا - كذا وردت - أمام أبواب الحمامات لارتداء الزي الرسمي.. صـ 134»، لميس شاركتهن في الغاية ولم تشاركهن في التوقيت إذ اتجهت إلى الحمام لتغيير زيها في أول الرحلة وليس في آخرها كما يفعل الآخرون وعند عودتها لمقعدها تُصعق لوجود فراس أمامها، هل هي الصدفة؟.. هذا ما ادعاه..

    افترقا في مطار الرياض بعد اتفاق مسبق على مداومة الاتصال بينهما، كان فراس حريصا جدا على إطلاع سديم على كل تحركاته وسكناته،، عشقته إلى درجة الذوبان، وهامت به إلى درجة الانصهار، ملأ عليها ست الجهات.. «تصدقين يا خالتي، ما عرفت أن وليد ما يسوى إلا بعد ما تعرفت على فراس.» صـ 190، إذن «أنا ما أبغي من الدنيا إلا فراس. فراس وبس».. «عُمري ما تصورت أني ألقى إنسان أحبه للدرجة هاذي.» صـ 193

    كان حلمها أن ترتبط به وتعيش تحت رجليه «أتخيل نفسي أغسل رجوله بمويه دافية وأبوسهم وأمسح بهم على وجهي» صـ 193..

    فراس كذلك عشقها بجنون فسديم إضافة إلى شخصيتها الرقيقة وحديثها الآسر وعنفوانها المتألق فهي «أحلى مواهب فينا (....) أحس إنو جسمها مرة أنثوي، ياليت عندي مواهب زيها من....» صـ 17،، هذا الحب وهذا الوله أيضا لم يستمر.. «وعودة لشخوص أسامة أنور عكاشة» يفاجئها بكل برود وبكل حسرة «بأنه قد خطب فتاة تقرب لأحد أزواج أخواته الخمس» صـ 233 أيعقل أن يتزوج فراس بغيرها، أقول يُعقل عند كاتبة مبتدئة لا ترى أن النهايات السعيدة «كأفلام أبو هنود» موفقة ويجب أن تنتهي بعنصر المفاجأة حتى لو تشابه مصير كل الشخصيات عندها فهي تتحدث بتفكيرها ونظرتها وربما بعقدها لا بعقلية مخرج مسرحي يُحرك أبطاله على خشبة المسرح كيف يشاء.. عموما أدع رأيي آخرا وأعود لاستعراض الرواية.. فراس هنا لم يكن خائنا ولم ينل من سديم شيئا كما فعل وليد حتى يهرب ولكنه شخصية سلبية لا يستطيع أن يكسر قاعدة الأهل الموروثة.. ويبدو أن لديه انفصاما في شخصيته فهو يعشق فتاة من جهة ولكن لا يريد الارتباط بها،، فكما يفعل كثير من «المغيزلجية» فتاة يلهث خلفها وفتاة يختارها «بالفرازة» عندما يقرر الزواج. «اعترف فراس لنفسه ولها بأنها وحدها التي تشبع كل عاطفة وغريزة داخله صـ 236» كان حريصا على علاقته بسديم ولكن وبنفس الحرص يتمسك بالأخرى، هي ترفض هذه الازدواجية بقدر رفضها توسلاته الكثيرة في الإبقاء على علاقتهما متوهجة.. فجاء قرارها ببتر هذه العلاقة.

    إذن استسلمت سديم لقدرها مع إيمان عميق بأن «الرجال جميعهم من صنف واحد وقد جعل الله لهم وجوها مختلفة حتى يتسنى لنا التفريق بينهم فقط» صـ 234 بعد فترة «شُفيت سديم أخيرا من إدمانها للحب، لكنها كانت تجربة قاسية جدا، فقدت على إثرها احترامها لجميع الرجال، بداية بفراس ومن قبله وليد، ومن دون انتهاء» صـ 286.

    أما رابعة الأثافي - إن كان للأثافي رابع - فهي لميس الجداوي التي شاطرت أختها «تُماضر» بطن أمهما لتشكلا توأما جميلا لوالديهما اللذين أعيتهما الرغبة العارمة في إنجاب طفل والدعاء والتضرع إلى الله مستعينين ببرنامج علاج امتد أربع عشرة سنة ليُرزقا أخيرا هذا التوأم الجميل «لميس وتماضر» فيقرران بعدهما التوقف عن هذه الرغبة في الإنجاب لتقدم الأم في السن الأمر الذي سيجلب لها المتاعب لو حبلت مرة أخرى..

    لا داعي للتذكير هنا عن تشابه الفتاتين شكلا واختلافها كليا مزاجا وحراكا وشخصية فتماضر بشخصيتها المنضبطة والجادة هي الأقرب إلى أساتذتها في الجامعة أما لميس - وهي التي تهمنا هنا - فهي الأقرب لزميلاتها لظرفها وجرأتها وقربها من الجميع.
    كانت للميس صديقة في الجامعة اسمها فاطمة القطيفية - وهنا تنط سذاجة الكاتبة في أبهى صورها فهي تتصور أن فتاة شيعية لا بد أن يكون اسمها فاطمة وأسم أخيها علي -.

    هذه الـ «فاطمة الشيعية» كما تُسميها الشلة تقربت من لميس وكذلك فعلت لميس، في حين أن كل الشلة لم ترتض هذه العلاقة حتى توأمها «تُماضر» كانت «أول الرافضين لعلاقة أختها بهذه الرافضية. صـ 150»..«يا لميس والله سمعت البنات (....) بيقولوا ساكنة لوحدها وعايشة على كيفها «...» تزور إللي تبغاه ويزورها إللي تبغاه كمان» صـ 150». حاولت لميس إقناعهن أن ما يشاع عار عن الصحة ولكن دون جدوى.

    لم تعبأ بكلامهن ووطدت علاقتها بـها لشعورها أن هذه الفتاة «تشبهها إلى درجة فظيعة صـ 151» ومن خلال اتفاق مسبق بين فاطمة وأخيها «علي» الذي أُعجب بلميس حين رأى صورة تجمعها بأخته كانت ملقاة في غرفتها بمنزلهما بالقطيف، طلب علي من أخته ترتيب موعد يجمعه بلميس دون أن تشعر الأخيرة بذلك، وفعلا تم اللقاء الذي بدا وكأنه صدفة، وكثرت لقاءاتهما بعد ذلك في «الكافيهات» المنتشرة في كل مكان.. كان طول علي «مئة وتسعين سنتيمترا» و«سمرته الجذابة المشربة بحمرة وحاجباه الكثان، تضفي عليه - هكذا وردت - سحرا ورجولة طاغية صـ 159».. في تلك الفترة كان علي في سنواته الأخيرة في كلية الطب.. وفاطمة ولميس في سنتهما الأولى لذا اختارته لميس ليشرح لها ما صعب عليه.

    لم تكتمل فرحتهما ففي إحدى جلساتهما بمقهى بشارع الثلاثين هجمت عليهما جوقة من رجال الهيئة واقتادوهما إلى المركز للتحقيق معهما، بعد شد وجذب وأسئلة محرجة للميس تم الاتصال بوالدها ليأخذها بعد أن وقع على التعهد المطلوب.. وبقي علي محتجزا هناك «اكتشفوا أن الفتى الذي كان معها من الرافضة، وأن عقابه سيكون أقسى بكثير من عقابها صـ 161».. أيضا هنا يُقتل حب لميس في مهده كسابقاتها، «مسكين علي. لقد كان شابا لطيفا، وبصراحة، لو لم يكن شيعيا، لكانت أحبته صـ 161».

    بعد أن خُنق حبها لم تجد متهربا إلا إلى الشات ليضيع وقتها مع سخافات الشباب الذي يسيل لعابه أنهارا متدفقة كلما أحس أن من تختبئ خلف الكيبورد أنثى أو هكذا يوهمه شبقه.. آه ما أجمل الأنثى عندنا وما أحلى الانقضاض على شبحها.. حصلت لميس على كم هائل من أرقامهم ولكنها لم تعطهم في المقابل رقمها «كانت ما خذه المسألة تسلية وبس»، بعد صد وقبول وبريق وأفول في هذا العالم المشحون بالمتناقضات قررت لميس التفرغ لبرنامج تدريب صيفي في أحد المستشفيات بجدة وهناك تتعرف على نزار وتتزوجه بطريقة تقليدية ربما رجعيتها يخالف تحرر الكاتبة..

    هذا باختصار - أرجو ألا يكون مخلا - لبُ ما سطرته رجاء الصانع في روايتها بنات الرياض..

    في الحلقة الرابعة والأخيرة،، سأدلي دلوي في هذه الرواية.. وآمل ألا يكون هذا الدلو ممزقا..

  8. #8
    الصورة الرمزية عبدالملك الخديدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 3,954
    المواضيع : 158
    الردود : 3954
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    الكاتبة من خلال هذه الرواية تطرقت الى أمور هي موجودة فعلا ولم تخترعها أو تاتي بها من خيالها .. فالمجتمع السعودي متعدد الأشكال والاتجاهات فمن الشرق الى الغرب الى الجنوب ، وجدت الكاتبة ثروة هائلة من السلوكيات المتعددة خاصة في ما يتعلق بالرغبات والحرمان العاطفي والرقابة الاجتماعية الشديدة على البنات بالذات.
    أعطت إيحاء شديد بأن هذه السلبيات أو السلوكيات هي عامة ومنتشرة في المجتمع كله بطبقاته واشكاله المختلفة ..
    التعميم على مجتمع محافظ من خلال رواية جريئة فيه تجني كبير ، فهل كان وراء الكاتبة أيدي خفية شجعتها وأعطتها الضوء الأخضر لتصل من خلالها لأهداف معينة .

  9. #9
    الصورة الرمزية زكي السالم شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    المشاركات : 119
    المواضيع : 15
    الردود : 119
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    شكرا الكريم الاستاذ عبدالملك لإنارته هذا الموضوع بما أضفى عليه من لمساته الجميلة ..

    الحلقة الرابعة والأخيرة ..

    كما وعدتكم مسبقا سأتناول الرواية تناولا انطباعيا محضا ولستُ بصدد نقدها نقدا أدبيا يرتكز في عمقه على بعد اختراقي يغوص حتى الوصول إلى جذر الرواية في محاولة مستميتة لسبر غورها والولوج في الخفي من روافدها الداعمة لها لتقف على قدميها في وجه أي نقد حاد، فبيقيني أن هذا الانزلاق للّب الجذري يحتاج إلى آليات وأدوات لا أمتلك - وبكل فخر - عشرها.. ولكنَّ هذا لا يصادر حقي الطبيعي في تسجيل انطباعي، ولا يُمسك بيدي من الإدلاء بدلوي فيها حتى وإن كان ممزقا كما أسلفت..

    بعد هذه المقدمة القصيرة والتي قصدتُ بها الهروب من أي مسؤولية قد تلقى عليّ.. أو من تسفيه لرأيي واتهامي بالسباحة في تيار لا أجيد فيه ألف باء «التطبيش» وعليه وإيماءً إلى كل ما تقدم سأدخل في انطباعي وأنا مطمئن البال مرتاح الضمير نائيا بنفسي عن كل هجوم قد أتلقاه من أحبة كل همهم أن يضعوا العصي - التي تزخر بها مخازنهم العتيقة - في دواليب الناس..

    المتصفح ولو بشكل عبوري كعبور إخوتنا الكرام للرواية ربما سيتفق معي في بعض الملاحظات..:

    • أولا: اعتماد الرواية في شكلها الرئيسي على تعدد الأبطال، فالنجم الأوحد أو القطب الذي يدور حوله الكل لم يجد له مكانا بين طياتها ولعل كثيرا مما يكتب من روايتنا منذ ملحمة «زينب» للدكتور محمد حسين هيكل وحتى عهد قريب كانت ترتكز في تكوينها الإبداعي وحضورها الفني على فكرة البطل الأوحد، ولكننا نلحظ في الفترة الأخيرة روايات تعتمد في خلق شخوصها على فكرة الأبطال المتعددين والذين يشكلون بتجمعهم وامتزاجهم كتلة وحدوية بنيوية تنوب في تكاملها عن البطل الأوحد قديما وتخلق روحا انبعاثية تخفي في مجملها تشتت النظرة الجماعية لأبطال عدة لتضعهم في دائرة الضوء كقوة متكاملة متراصة تزيح التفرد الأزلي للبطل الفرد وفي زعمي أن رواية «بنات الرياض» تنحو هذا المنحى فهي لم تعتمد على البطل الواحد ولم تجعل منه محورها ومرتكزها الرئيس، بل فرقته واختزلته في أربع شخصيات رئيسية هي «لميس وقمرة وسديم وميشيل» ووزعت كل شخصية بتنامي بنائها الدرامي ولهثها الحياتي المتصاعد ونموها الزمني المتسارع وزعتهم بانتقائية أسست لمعطى السرد لديها بحيث يسمح لها بقص الأحداث ولصقها كما تشاء.. ويعطيها - كما تظن - مساحة من الحرية تتحرك فوقها للتوقف عند شخصية بعينها في وقت معين والتحول بفجائية مباغتة إلى شخصية أخرى دون توطئة أوتهيئة وفي ظني أن في هذا الانتقال المفاجئ تشتيتا لوعي وذهنية القارئ تجعله كمتابع لمباراة في التنس الأرضي ينعطف برأسه يمينا ويسارا..

    وإن بررت الكاتبة ذلك - ضمنا - بأنها حاكت هذا النسيج من الحكايا ليصل للمتلقي على هيئة بريد الكتروني ولكن كل هذا لم يغفر لها زللها السردي ولم يمكنها من الصعود بالشخصية بشكل درامي متصاعد حتى تصل بها إلى الحبكة المنطقية المتوخاة.. وهذا يرشحها في المجمل لأن تكون قصصا قصيرة لا عملا روائيا طويلا حتى وإن جاوزت الـ 300 صفحة، وحتى لو تعددت أحداث الشخصية الواحدة وتبعثرت في فترة زمنية طويلة..


    • ثانيا: الكاتبة هنا والتي تقمصت دور «الحكواتي» أو القصّاص اختارت لنفسها اتجاها أرادت النأي بنفسها عن الولوج في عمق شخوصها والاكتفاء بسرد ما سمعته من بطلاتها وعدم إقحام أفكارها «التقدمية الليبرالية» في بنية العمل ولكنها لم تفلح في هذا المنحى وغاصت حتى أذنيها في أكثر من مناسبة في رسم الشخصيات بحسب رأيها الشخصي وحسب نظرتها وتحررها وليبراليتها الأمر الذي جعل منها حكما وقاضيا يفرض آراءه وأيدلوجياته الخاصة على شخوص الرواية..

    ولا أريد هنا أن أسرد الأمثلة الكثيرة في الرواية التي زجت الكاتبة برأيها الخاص لتقتحم به جو الرواية المتشنج أصلا لتصبه في مصلحة رؤاها ورؤيتها للحياة.. صحيح أن كل كاتب عندما يكتب رواية تعبر في النهاية عن رأيه.. ولكن الأصح أن يدع الشخصيات التي خلقها بكل أبعادها الثقافية والفكرية هي من تتحدث عن نفسها دون تدخل من قريب أو بعيد في قناعاتها حتى وإن كانت انهزامية فهي في الأخير رافد أساسي يدعم الرواية ونتيجة حتمية للعوامل والمؤثرات التي تشكلت من خلالها الشخصية نعم للكاتب أخيرا الحق في طرح رأيه في توجه الرواية العام، ولم يسطر راو روايته إلا لتنقل في المنحى العام رأيه الخاص ولكن كما أسلفت هذا يتأتى في توجه الرواية العام وليس في جزئياته أو ما يفهم من تحركات وسكنات شخوصه..


    • ثالثا: لم يكن البناء اللغوي العام للرواية قويا، وإن كانت المفردات المرصوصة بين ثناياها كلمات معبرة ورقيقة في كثير من جملها ومرتبة ترتيبا منطقيا بيد أنها لم تكن بالمستوى الراقي الرفيع والبناء المتراص المتين التي تجده مثلا في روايات عبد الرحمن منيف.. أو الكثافة اللغوية المتقنة المزدحمة في أعمال الطيب صالح مثلا.. طبعا دون إغفال عامل الخبرة الطويلة المتوفرة لهذين المبدعين وندرتها عند رجاء الصانع، ولكنّ استدعاءهما هنا كأنموذج وليس للمقارنة بين الكاتبة وبينهما،، وتحفيز لها على الاهتمام باللغة وتراكيبها ومفرداتها ومدلولاتها بشكل أكثر في الأعمال القادمة.. وفي زعمي أنها لو التفتت للغة كقالب مهم تصب فيه عملها لأخرجت الرواية لنا في أفق أرحب ومدى أوسع.. غير أن كل ما قيل آنفا لا يمنع من الإقرار أن الرواية جاءت خلوا من الأخطاء المطبعية وكذلك النحوية وهذا يُجير لصالحها إذ لا يكاد يخلو كتاب من هذه الأخطاء..

    • رابعا: كنا ننتظر منها أن تعطينا لمحات لأبعاد شخصياتها النفسية تشرح فيها تلك التقلبات الانهزامية فيهن ونظرتهن السوداوية لعالم الرجال، والرغبة العارمة في تهشيم وخلخلة المتراص من مجتمعها والقفز بحركة التوائية على الثوابت من قيمه وتقاليده المحافظة.. وهل هذا مبعثه انفلات معاش في الغرب كشخصية مشيل التي تربت هناك أو نتيجة التأثر بأفكاره المصدرة لنا كباقي الشخصيات ؟ لم تستطع الكاتبة نقل هذه الدوافع في الرغبة في الاصطدام بالمجتمع والتي اختارت «نجد» هنا لتسقط عليه كل ما هو ظلامي ومتخلف

    • خامسا «وأخيرا»: رغم كل هذه الملاحظات السريعة جدا والتي كتبتها بعد ما يربو على الشهرين من قراءة الرواية ورغم قيد مساحة المقال إلا أننا لا نريد أن نبخس الكاتبة حقها من أول رواية تخرج بها للعلن.. فقد استطاعت بها أن تخلق لنا نصا جميلا بالميزان النقدي العام، وإبداعا متفردا بقياس الأسلوب الذي ابتدعته لإيصال روايتها للناس سواء من ناحية الطريقة أو من ناحية اختيار المادة الأنثوية الجاذبة لكل ما هو مطرود من إنتاجنا الإبداعي أو من ناحية المكان المحافظ المغلق والغارق في سكونه والذي بمجرد إلقاء حجر ولو صغير فيه سيُحدث ضجة وتماوجا يؤدي في حتميته إلى تصادم بين قطراته.. ولا ننسى هنا الضجة المفتعلة والمدروسة بإتقان من قبل الكاتبة حول الرواية، فهي أي الضجة وافتعالها يعد عملا إبداعيا مستقلا بذاته..

    وأخيرا بما أنها الأولى في تجربتها الروائية فهي تشكل في مجملها باكورة جيدة تغفر لها كثيرا من السلبيات المطروحة والذي مرجعه قلة التجربة..

  10. #10
    الصورة الرمزية عبدالملك الخديدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : السعودية
    المشاركات : 3,954
    المواضيع : 158
    الردود : 3954
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    بورك فيك اخي الكريم على هذا النقد المتميز أو قل إلقاء الضوء على هذه الرواية .. معتمدا الموضوعية في ذلك.
    تقبل التحية وفائق التقدير

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مسلسل أرباب المهن ورباتها - الحلقة الأولى - الصحفي .....
    بواسطة أبو القاسم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 06-04-2010, 03:06 PM
  2. فضفضة ثقافية (الحلقة الأولى)
    بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-06-2008, 03:17 PM
  3. حصريا على قناة الواحة .... الحلقة الأولى
    بواسطة خالد علي الناصر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 04-05-2006, 01:33 AM
  4. رؤية ونقد لرواية بنات الرياض
    بواسطة ندى الإسلام في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 13-04-2006, 08:03 AM
  5. رحلـــة ابن حمــدان إلى جـــيزان !!( الحلقة الأولى )
    بواسطة جمال حمدان في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 23-03-2005, 09:38 AM