رؤية نقدية
من هنا وهناك وصناعة الحلم
تأتي رواية "من هنا وهناك" للأديبة الفلسطينية/ السكندرية بشري محمد أبوشرار الصادرة في مطبوعات القصة عن ندوة الاثنين بالاسكندرية لتؤكد ان الأديبة/ المرأة/ الفلسطينية مازالت تراهن علي دورها في المقاومة بالسلاح الذي اختارته.. سلاح الكلمة. لتجعل من تلك الكلمات. التي تصوغها في قصة أو رواية. حربة موجهة إلي صدر الذين سلبوا الوطن.. انها تمزج بين الأنا الخاص والعام.. بين الذاتي والجمعي.. بين هنا. حيث الاسكندرية الاقامة والأصدقاء.. وهناك غزة مسقط الرأس والوطن.. أرض الطفولة والذكريات الدافئة مع العائلة.
انها كتابات تقاوم الحصار.. الاقتلاع.. تخترق الحواجز.. وبشري صاحبة قلم فياض. تملك زمامه جيداً.. تضعه علي الورق فينطلق ليجوب الآفاق.. بحثاً عن المعاني الجديدة والكلمات المعبرة. وهي في هذه الرواية تترك لقلمها العنان لينسج لها من ذكرياتها وكل المواقف التي مرت بها. مع أحداثها اليومية.. مع شخصياتها الواقعية التي مرت بها. حتي يخيل للقاريء ان الرواية ما هي إلا سيرة ذاتية للكاتبة.. أو هي لوحات تسجيلية لواقع أديبة في الاسكندرية. تحن إلي موطنها فلسطين من خلال تيار الوعي.. فنحن نعيش معها واقعها هنا كأديبة تحضر الندوات وتشتري الكتب من شارع النبي دانيال.. أو من الأصدقاء.. روايات تتحدث عن أدب المقاومة.. وتقابل أدباءً ونقاداً تذكرهم بالاسم وآخرين تعطيهم أسماء رمزية.. أما أدباء هناك فتذكرهم بنفس الأسماء عبدالله تايه.. غريب عسقلاني.. زكي العيلة.. اسماعيل شموط.. نبيل عمرو.. نعمة خالد.. موسي حوامدة.. جلال هديب.. بل انها تخصص فصولا خاصة بهم وتعنون بعض فصول روايتها بأسماء حقيقية مازالت تعيش بيننا. أو توفاها الله. مثل فصول.. كمال اسماعيل. وعثمان. وماجد وهذا الأخير هو المناضل الأديب الفلسطيني الشهيد ماجد أبوشرار شقيقها في الواقع. وشقيق البطلة جميلة في الرواية.
مزجت بشري أبوشرار في هذا العمل بين السيرة الذاتية والواقعية التسجيلية. في رواية ذات فصول منفصلة/متصلة. يمكنك ان تغير موضع بعض الفصول وتضعها في سياق آخر غير السياق الذي وضعته فيه فلا تتأثر الرواية.. وهي فصول تقل أحياناً عن صفحة واحدة "مثل فصل أذكرك دوماً" وتمتد أحياناً حسب ما يقتضي السياق.
ان بشري أبوشرار تصنع حلمها هناك وهي تعيش هنا علي أمل ان يتحقق الحلم.. ولو بعد حين.
فرج مجاهد عبدالوهاب