|
أهلاً حللتمْ أتونَ الجمرِ والغضبِ |
يا أمةَ البغي والتحريفِ والكَذِبِ |
جئتمْ إلى الحرْقِ غُزًّى في رواحلكمْ |
والنارُ تحفلُ بالعيدانِ والحَطَبِ |
سهلاً نزلتمْ إلى سجّينَ تلفحكمْ |
ذوقوا العذابَ وذوقوا حمأةَ اللهبِ |
أهلُ العراقِ إذا ريعتْ عقيدتهمْ |
طابَ الفداءُ لهمْ والعيشُ لمْ يَطِبِ |
لا يجرعونَ كؤؤسَ الذّلِّ ما عمروا |
بلْ يرجمونَ شرارَ الخلقِ بالشُّهُبِ |
يستقبلونَ عَتِيَّ الموجِ في ثقةٍ |
لا يأبهونَ لقصفِ الرّاعِدِ الصَّخِبِ |
مثلُ العفاريتِ إنْ ثاروا بِمَعْمَعَةٍ |
لا يعتريهمْ بها شيءٌ منَ النَّصَبِ |
مثلُ الجوارحِ إنْ رامتْ منازلَهُمْ |
بعضُ الزواحفِ ذاتُ السمِّ والعَطَبِ |
أَلْفَتْ هنالكَ أظفاراً مُشرَّعةً |
والموت ينزعُ بينَ اللحمِ والعَصَبِ |
حتى توارتْ بِجُحْرِ الضَّبِّ مدبرةً |
ترجو النجاة ولم تسألْ عنِ الذّنَبِ |
والضبُّ يسألُ والأجواءُ ثائرةٌ |
مابينَ مبتورةٍ تسعىَ ومضطربِ |
فاخترْ لنفسكَ درباً أنتَ سالكهُ |
وابغِ النجاةَ ولاتسألْ عنِ السّبَبِ |
إنَّ الصقورَ إذا أبدتْ مخالبَهَا |
فلا مفرَّ ولامَنْجَا إلى الهَرَبِ |
جئنا نرومُ ديارَ العُرْبِ مُنْتَجَعاً |
ونطلبُ الأََمْنَ في بغدادَ بالْحَرَبِ |
فما لقينَا سوى قصفٍ وزلزلةٍ |
وما لقينَا سوى الآلامِ والوَصَبِ |
لجُّوا إلى الْيَمِّ والأمواجُ عاصفةٌ |
تَذْرُو مراكبَهُمْ في سوءِ مُنْقَلَبِ |
وقدْ تراءَتْ ظلالُ الأَمْنِ وارفةً |
والجوُّ مبتسمٌ خالٍ منَ السُّحُبِ |
حتى أطلتْ غيومُ الرعبِ مثقلةً |
وزمجرَ الريحُ مُحْتَدًّا منَ الغَضَبِ |
ولّى هنالكَ ما ألقَوْا وما صنعُوا |
وباطل السحر لا يقوى على الْكُرَبِ |
إنَّا كتبنَا على التاريخِ ملحمةً |
(السيفُ أصدقُ إنباءً منَ الكُتُبِ) |
وقدْ بنينَا بهارونٍ ومعتصمٍ |
مجداً تشَيَّدَ بالأرماحِ والقُضُبِ |
لمْ يشهدِ الدهرُ مجداً عزَّ صاحبُهُ |
إلاّ تألقَ بينَ السُّمْرِ والشُّهُبِ |
ودولة البغي إنْ داستْ سنابكُها |
أرضَ العراقِ وثارَ النقعُ بالْجَلَبِ |
فاليومَ تحصدُ ما بالأمسِ قدْ زرعت |
منْ يزرعِ الخوفَ يجنِ جمرةَ ارُّعُبِ |
ذوقوا العذابَ وكأسَ الذُّلِّ مُتْرَعَةً |
لا لنْ تعودوا بغيرِ الذلِّ والتَّعَبِ |
قدْ أسدلَ الليلُ في بغدادَ ظلمتَهُ |
وخيّمَ الظلمَ بينَ السَّهْلِ والنَّقَبِ |
لكِنَّ شمساً أُضِيئتْ منْ مقاومةٍ |
تُجْلِي الظلامَ وشمسُ الحقِّ لمْ تَغِبِ |
هذي سواعدُ جندِ اللهِ قدْ صنعتْ |
بِضُبَّةِ السَّيْفِ عزَّ الدينِ والعربِ |
همُ الرجالُ إذا عاينتهمْ خُلُقاً |
ألفيتهمْ شرفاً أغلى منَ الذَّهَبِ |
أهلَ العراقِ بكمْ تشدُو حناجرُنَا |
وطلعةُ البدرِ تُصْبِي كلَّ ذِي أَدَبِ |
وقاصفُ الرَّعْدِ للأبطالِ أغنيةٌ |
تُشْجِي القلوبَ وفيهَا نشوةُ الطَّرَبِ |
إنْ خابَ ظنِّي بأَهْلِ الأرضِ قاطبةً |
فإنَّ ظنّي بجندِ اللهِ لمْ يَخِبِ |
والصِّيدُ عندَ لقاءِ الصَّيْدِ قدْ وثبتْ |
أمّا الكلابُ ودودُ الأرضِ لمْ تَثِبِ |
هاهمْ أولاءِ ذوو الأَحْسابِ فاحتسبوا |
إنَّ الشهادةَ أعلى ذروةِ الحَسَبِ |
إنَّ الولاءَ لخيرِ الخلقِ طاعتُهُ |
ليسَ الولاءُ لآلِ البيتِ بالنَّسَبِ |
إنَّ الوليَّ لَمَنْ لبّى إِهَابَتَهُ |
ليسَ الوليُّ الذّي ولَّى ولمْ يُجِبَِ |
إنّ المحبَّ لِمَنْ يَهْوَى لَذُو شَغَفٍ |
إذا دَعَاهُ لأَمْرٍ جَدَّ في الطَّلَبِ |
إنَّا رمينَا سهامَ الموتِ صائبةً |
ولو رمينَا بغيرِ اللهِ لمْ نُصِبِ |
سيكتبُ اللهُ في بغدادَ ملحمةً |
يصُوغُهَا الشِّعْرُ ألحانًا مدى الحِقَبِ |
فيها تُداسُ جباهُ الكفرِ مرغمةً |
ويغمرُ النورُ فيها أوجهَ العَرَبِ |