أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: كلّ عام: لنزار قباني

  1. #1
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي كلّ عام: لنزار قباني

    نزار قباني

    كل عام وأنت حبيبتي





    1

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    أقولُها لكِ،

    عندما تدقُّ السّاعةُ منتصفَ اللّيلْ

    وتغرقُ السّنةُ الماضيةُ في مياهِ أحزاني

    كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورقْ ..

    أقولُها لكِ على طريقتي ..

    متجاوزاً كلَّ الطقوسِ الاحتفاليّهْ

    التي يمارسُها العالمُ منذ 1975 سنة ..

    وكاسراً كلَّ تقاليدِ الفرحِ الكاذب

    التي يتمسّكُ بها الناسُ منذ 1975 سنة ..

    ورافضاً ..

    كلَّ العباراتِ الكلاسيكيّة ..

    التي يردّدُها الرجالُ على مسامعِ النساءْ

    منذ 1975 سنة ..



    2

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    أقولها لكِ بكلِّ بساطهْ ..

    كما يقرأُ طفلٌ صلاتهُ قبل النومْ

    وكما يقفُ عصفورٌ على سنبلةِ قمحْ ..

    فتزدادُ الأزاهيرُ المشغولةُ على ثوبكِ الأبيض ..

    زهرةً ..

    وتزدادُ المراكبُ المنتظرةُ في ميناءِ عينيكِ ..

    مركباً ..

    أقولُها لكِ بحرارةٍ ونَزَقْ

    كما يضربُ الراقصُ الإسبانيُّ قدمهُ بالأرضْ

    فتتشكَّلُ آلافُ الدوائرْ

    حولَ محيطِ الكرةِ الأرضيّهْ



    3

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي

    هذهِ هي الكلماتُ الأربعْ ..

    التي سألفُّها بشريطٍ من القصبْ

    وأرسلُها إليكِ ليلةَ رأسِ السنهْ

    كلُّ البطاقاتِ التي يبيعونَها في المكتباتْ

    لا تقولُ ما أريدُه ..

    وكلُّ الرسومِ التي عليها ..

    من شموعٍ .. وأجراسٍ .. وأشجارٍ .. وكُراتِ ثلجْ ..

    وأطفالٍ .. وملائكهْ ..

    لا تُناسبُني ..

    إنني لا أرتاحُ للبطاقاتِ الجاهزهْ ..

    ولا للقصائدِ الجاهزهْ ..

    ولا للتمنّياتِ التي برسمِ التصديرْ

    فهي كلُّها مطبوعةٌ في باريس، أو لندن، أو أمستردام ..

    ومكتوبةٌ بالفرنسية أو الإنكليزية ..

    لتصلحَ لكلِّ المناسباتْ

    وأنت لستِ امرأة المناسباتْ ..

    بل أنتِ المرأةُ التي أحبُّها ..

    أنتِ هذا الوجعُ اليوميُّ ..

    الذي لا يقالُ ببطاقاتِ المعايَدهْ ..

    ولا يقالُ بالحروفِ اللاتينيّهْ ..

    ولا يقالُ بالمراسلَهْ ..

    وإنما يقالُ عندما تدقُّ السّاعةُ منتصفَ اللّيلْ ..

    وتدخلينَ كالسمكةِ إلى مياهي الدافئهْ ..

    وتستحمّينَ هناكْ ..

    ويسافرُ فمي في غاباتِ شَعركِ الغجريّْ

    ويستوطنُ هناكْ ..



    4

    لأنني أحبُّكِ ..

    تدخُلُ السّنةُ الجديدةُ علينا ..

    دخولَ المُلوكْ ..

    ولأنني أحبُّكِ ..

    أحملُ تصريحاً خاصاً من الله ..

    بالتجوُّلِ بينَ ملايينِ النجومْ ..



    5

    لن نشتري هذا العيد شجرهْ

    ستكونينَ أنتِ الشجرهْ

    وسأعلّقُ عليكِ ..

    أمنياتي .. وصلواتي ..

    وقناديلَ دموعي ..



    6

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    أمنيةٌ أخافُ أن أتمنّاها

    حتى لا أُتّهَمَ بالطمعِ أو بالغرور

    فكرةٌ أخافُ أن أفكّرَ بها ..

    حتى لا يسرقَها الناسُ منّي ..

    ويزعموا أنهم أوّلُ من اخترعَ الشِعرْ ..



    7

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي ..

    كلَّ عامٍ وأنا حبيبُكِ ..

    أنا أعرفُ أنني أتمنى أكثرَ مما ينبغي ..

    وأحلمُ أكثرَ من الحدِّ المسموحِ به ..

    ولكنْ ..

    من لهُ الحقُّ أن يحاسبني على أحلامي؟

    من يحاسبُ الفقراءْ ؟

    إذا حلموا أنهم جلسوا على العرشْ

    لمدّةِ خمسِ دقائقْ ؟

    من يحاسبُ الصحراءَ إذا توحَّمَتْ على جدولِ ماءْ ؟

    هناكَ ثلاثُ حالاتٍ يصبحُ فيها الحلمُ شرعياً :

    حالةُ الجنونْ ..

    وحالةُ الشِّعرْ ..

    وحالةُ التعرُّفِ على امرأةٍ مدهشةٍ مثلكِ ..

    وأنا أُعاني - لحسنِ الحظّ -

    منَ الحالاتِ الثلاثْ ..



    8

    اتركي عشيرتكِ ..

    واتبعيني إلى مغائري الداخليّهْ

    اتركي قبّعةَ الورقْ ..

    وموسيقى الجيركْ ..

    والملابسَ التنكريّهْ ..

    واجلسي معي تحتَ شجرِ البرقْ ..

    وعباءةِ الشِّعرِ الزرقاءْ ..

    سأغطّيكِ بمعطفي من مطرِ بيروتْ

    وسأسقيكِ نبيذاً أحمر ..

    من أقبيةِ الرُّهبانْ ..

    وسأصنعُ لكِ طبقاً إسبانياً ..

    من قواقعِ البحرْ ..

    اتبعيني - يا سيّدتي - إلى شوارعِ الحلمِ الخلفيّهْ ..

    فلسوفَ أطلعُكِ على قصائدَ لم أقرأها لأحدْ ..

    وأفتحُ لكِ حقائبَ دموعي ..

    التي لم أفتحها لأحدْ ..

    ولسوفَ أحبُّكِ ..

    كما لا أحبَّكِ أحدْ ..



    9

    عندما تدقُّ السّاعةُ الثانيةَ عشرهْ

    وتفقدُ الكرةُ الأرضيّةُ توازنَها

    ويبدأُ الراقصونَ يفكّرونَ بأقدامهمْ ..

    سأنسحبُ إلى داخلِ نفسي ..

    وسأسحبكِ معي ..

    فأنتِ امرأةٌ لا ترتبطُ بالفرحِ العامْ ..

    ولا بالزمنِ العامْ ..

    ولا بهذا السّيركِ الكبيرِ الذي يمرُّ أمامَنا ..

    ولا بتلكَ الطبولِ الوثنيّةِ التي تُقرعُ حولنا ..

    ولا بأقنعةِ الورقِ التي لا يبقى منها في آخرِ اللّيل

    سوى رجالٌ من ورقْ ..

    ونساءٌ من ورقْ ..



    10

    آهٍ .. يا سيّدتي

    لو كانَ الأمرُ بيدي ..

    إذنْ لصنعتُ سنةً لكِ وحدكِ

    تفصّلينَ أيّامها كما تريدينْ

    وتسندينَ ظهركِ على أسابيعها كما تريدينْ

    وتتشمّسينْ ..

    وتستحمّينْ ..

    وتركضينَ على رمالِ شهورها ..

    كما تريدينْ ..

    آهٍ .. يا سيّدتي ..

    لو كانَ الأمرُ بيدي ..

    لأقمتُ عاصمةً لكِ في ضاحيةِ الوقتْ

    لا تأخذُ بنظامِ السّاعاتِ الشمسيّةِ والرمليَّهْ

    ولا يبدأُ فيها الزمنُ الحقيقيُّ

    إلا ..

    عندما تأخذُ يدكِ الصغيرةُ قيلولتَها ..

    داخلَ يدي ..



    11

    كلَّ عامٍ .. وأنا متورّطٌ بكِ ..

    ومُلاحقٌ بتهمةِ حبّكِ ..

    كما السّماءُ مُتّهمةٌ بالزُرقهْ

    والعصافيرُ متّهمةٌ بالسّفرْ

    والشفةُ متّهمةٌ بالاستدارهْ ...

    كلَّ عامٍ وأنا مضروبٌ بزلزالكْ ..

    ومبلّلٌ بأمطاركْ ..

    ومحفورٌ - كالإناء الصينيّ - بتضاريسِ جسمكْ

    كلَّ عامٍ وأنتِ .. لا أدري ماذا أسمّيكِ ..

    اختاري أنتِ أسماءكِ ..

    كما تختارُ النقطةُ مكانَها على السطرْ

    وكما يختارُ المشطُ مكانهُ في طيّاتِ الشِّعرْ ..

    وإلى أن تختاري اسمكِ الجديدْ

    اسمحي لي أن أناديكِ :

    " يا حبيبتي " ...



    منقول
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : سيرتـا
    العمر : 46
    المشاركات : 3,845
    المواضيع : 82
    الردود : 3845
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    الدكتور الفاضل / مصطفى

    منقول في منتهى الجمال و الروعة
    لغة نزارية تضرب على الورق و تدق نواقيس الصحو .... فلا أجدني إلاّ و قد استبد بي الأرق
    كنت هنا أستمتع بما قطفته لنا من بستان الألق
    اكليل يغلف قلبك سيدي
    هشــــــام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام عزاس مشاهدة المشاركة
    الدكتور الفاضل / مصطفى
    منقول في منتهى الجمال و الروعة
    لغة نزارية تضرب على الورق و تدق نواقيس الصحو .... فلا أجدني إلاّ و قد استبد بي الأرق
    كنت هنا أستمتع بما قطفته لنا من بستان الألق
    اكليل يغلف قلبك سيدي
    هشــــــام
    ========


    الابن العزيز أديبنا المبدع الأستاذ هشام

    وهل ثم ما هو أروع من كل هذا الإشراق والإغداق؟


    بارك الله فيك وفي حضورك المنير وقلبك النضير في كلام منقول لنزار وما أكثر من ينقلون منه دونما كلمة منقول




    ودمت بكل الخير والسعادة والنور

المواضيع المتشابهه

  1. يَا واحَتِي كلَّ عَامٍ تَزْدَهِي قِمَمًا *** هديتي المتواضعة للواحة وأهلها الرائعين
    بواسطة الطنطاوي الحسيني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 30-03-2011, 08:53 PM
  2. الوجه الحقيقي لنزار قباني
    بواسطة إبراهيم بهانة في المنتدى قَضَايَا أَدَبِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٌ
    مشاركات: 37
    آخر مشاركة: 14-05-2009, 04:28 PM
  3. قصائد لنزار قباني ممنوع عرضها
    بواسطة سالى عبدالعزيز في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04-02-2009, 11:14 PM
  4. جريمة شرف أمام المحاكم العربية / وقصائد اخرى لنزار قباني
    بواسطة مهند صلاحات في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 25-12-2004, 11:05 PM
  5. في طبعك التمثيل ( قصيدة أعجبتني لنزار قباني )
    بواسطة د.جمال مرسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 25-12-2004, 10:08 PM