مجنون...!!

رنين الهاتف لا ينقطع, نهض الدكتور خالد من فراشه متثاقلاً ,امتدت يده نحو الصوت المزعج ..
_مرحبا..
_ادركني يا دكتور ..
_خيراً ..ما الأمر..
_ ابني سامر ..تصرفاته غريبة ..جنون ..لا لا أعلم ..
_هل تعاطى شيئاً ..
_ لا أعلم ..
_ حسناً تصرفي بهدوء ريثما أحضر..
عند الباب كانت أم سامر بانتظاره ..نظراتها القلقة تلقي بظلال من الأسى والخوف على وجهها ..بصوت مخنوق بدأت تروي القصة..
صحى سامر من نومه متأخراً بعض الشيء ,خرج من غرفته وارتمى على المقعد مترنحا, كان يهذي بكلمات غير مفهومة (سومر ..آلهة..انليل..ايقونة....)..وضع� � يدي على جبينه.كان باردا.أزاح يدي وغادر الى غرفته في صمت , قبل ساعة من الآن خرج من الغرفة .أشعث الرأس .محتقن الوجه .منتفخ الأوداج .اندفع نحو مكتبة والده,حطمها ,مزق كتبها .تلك المكتبة التي كانت آخر وصايا والده..
_أين هو الآن ..
_ في غرفته ..
كان باب الغرفة موارباً ,دفعه الدكتور خالد برفق ,شاهدا سامر منتصباً أمام النافذة المشرعة .بيده قلم وبالأخرى ورقه ,عيناه متعلقتان بشيء ما في الأفق البعيد .كان يهمهم ثم يكتب ..بين حين وآخر يرتفع صوته(هذا فتح شعري عظيم )..
...........
حتشبسوت ..
عند بعد اللا بعد ..
ألقت بنفسها ..
جمعت الغبار العالق بأهداب القمر..
أخفت الشمس وراء شعرها ..
حتشبسوت تنتظر ..
مجيء مررسوت..
الريح تأبى..تمضي سادرة..
تقلم أظافر النهر..
تخدش وجه الجبل..
لا شيء يثنيها..
تبحث عن رماد ..
تذره في أعين البحر الدامعة..
حتشبسوت تنتظر..
على نوافذ اللامعقول..
تتكي على سواعد العاصفة ..
تهمس في أذن النهار ..
الشجرة المكلومة ..
تجردت من أغصانها ..
تقتات من ظلالها..
حتشبسوت ..مازالت تنتظر..
مجيء مررنسوت..
...............
أغلق الدكتور خالد الباب بهدوء ,ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة,التقت عيناه بعينا أم سامر ,كانت تهم بسؤال .بادرها قائلاً ..
_ليس به جنون..
_ مابه إذاً..
ندت من صدرالدكتور خالد تنهيدةقوية..
_يؤسفي يا سيدتي ...ولكن ..
_.................
_إبنك يا سيدتي يعاني من ...الحداثه !!

هههههههههههههههههههههههههههه




حتماً سأعود ...إن شاء الله


تسجيل حضور فقط



دمت من روعة إلى أخرى..

أستاذي النورس ..
الرجاء ..الرجاء ..الرجاء ..لا تتأخر ..
دمت بألف خير ..

أتيت ..ولكن متأخراً ...فأستميحك العذر ..ولو أنني لا أحب الخوض في هذا النقاش ..وقد أشبع دفنا ...


- ابنك يا سيدتي يعاني من الحداثة ...- هذا هو التشخيص ..وزبدة المخيض...

منذ أن احتك الغرب بالشرق انبهرت فئة معينة من الكتاب والشعراء بمظاهر حضارته فعكفت على تقليده والاقتداء به ..حباً بالشهرة أو بإسم التجديد أو الحداثة ..ومن هذا المنطلق لدى هؤلاء الفئة هوجمت أصالة اللغة العربية وتراثنا الإسلامي ...كما فعل بطل قصتنا بالمكتبة الآمانة وتمزيق محتواياتها ....ويعود هذا السبب لأن أكثرية هؤلاء لم يدرس التراث العربي دراسة عميقة , بل منهم من لم يطلع عليه ويتذوق ما فيه من متعة فنية وجمال لغوي , بالإضافة إلى فهم سطحي للأدب الغربي وحضارته وتاريخه الأدبي والنقدي بصورة خاصة .....ولو أنهم قرأوا الأدب الغربي كما يجب لوجدوا بأن ( بايرون ) و ( تنسون ) و( شللي ) و( رودز ورث ) قد أخذوا منه وسجلوا دهشتهم بهذه الحضارة التي لم يسبق لها مثيل ....على كلّ حال هو مرض وقع واستشرى ..ولكن السؤال ...ماهو المصل المضاد لهذا المرض ...؟ وكيف يكون استئصال الموجود في جسد الأمة ...؟



تحية من محب

راكبا سحابة الجنون
قادما من أزله مررنسوت
كنيزك هارب من السديم
يسابق الشهب
إلى نوافذ اللامعقول
تتلقاه حتشبسوت
بالخنجر المشرب بالجحيم
ثم تلحق به إلى حيث الأبد
عند بعد اللابعد
حيث الليل محاط بألف صمت
والصمت يلتف بالمجهول
يلتقيان
يبتسمان
يقتربان
فإذا اللامعقول يحول بينهما
يحتضنانه في ذات الوقت
ينبت في قلب كليهما عصفور شجي
وتخرج من اللامعقول شجرة مكلومة
تصرخ به أن تباعد
يتباعد اللامعقول
فيفترقان
يتناسل اللابعد أبعادا جديدة
يبتعدان
يتناسل اللابعد أبعادا أخرى
يبتعدان
يبتعدان
يبتعدان



أستاذي الحبيب "ابن المدينة"
معذرة
حاولت لأول مرة أن أكون حداثيا
استعرت بعض كلماتك
وعلى الرغم من ذلك أظنني فشلت


(أشعث الرأس .محتقن الوجه .منتفخ الأوداج .اندفع نحو مكتبة والده,حطمها ,مزق كتبها .تلك المكتبة التي كانت آخر وصايا والده)

كناية جميلة عما عاثه أصحابنا من فشاد في لغتنا.

سلم الله يديك
مع محبتي

ليس جنوناً إنّما هو انفصامٌ فكر لغوي وانتماءٌ للمبهمِ من أبهم يبهم (إ )بهماً ..

سيّدي وأستاذي الحبيب يوسف ..

الدنيا كتابٌ مفتوح نقرؤهُ منْ أوّل صرخةٍ إلى أخر تشهّدٍ - بإذن الله - وهم لستُ أدري ..

لك المحبّة والتقدير
دمت بخير
في أمان الله

أهم ما يهمنا في الحداثة ...

ألا يتطرقوا للدين أو الذات الإلاهية أو نينا عليه أفضل الصلاة والسلام بشيء ...وأن لا يمسوا عاداتنا وتراثنا الإسلامي بشيء ,,,أما ما عدى ذلك فهم أحرار ....


هذا ما يهمنا في الحداثة فقط حسب رأيي ..

أستاذي النورس ...
الحداثة مرض استشرى في جسد الأمة ..أصيبت به أولاً تلك الأجساد الضعيفة المقاومة ولكن سرعان ما انتشر بفعل العدوى عن طريق ارتيادنا للمناطق المبوءة به ..انتشر بفعل قلة اهتمام الأطباء به وبخطره ..
سيدي الكريم ..
من أصيب به أصيب به ..وما يهمنا الآن هو وقف انتشاره بتبيان حطره للجميع ..بفضحهم عن طريق تسليط الضوء على مواطن الضعف عندهم ..عن طريق تسفيه آراءهم ..التركيز على نقطة انسلاخهم من أمتهم والارتماء في أحضان الغرب ..
سيدي الكريم ..
من ناحيتي أنا ..فأنا لا أعترف بهم ولا أعترف بثقافتهم ولا أقيم لهم وزن لأنهم أصلاً دون وزن ..أنا بصراحة ألغيهم وألغي كل حوار معهم ..لأن الحوار مبني على العقل والمنطق وهو ما يفتقدونه ..

صديقي العزيز ابن المدينة
سعدت كثيرا بنصك هذا .. فيه ما فيه من تهجم رواد الحداثة على التراث .. وتجرأوا حتى على الدين والقيم والثوابت .. فهم بحق جنوا او قل جنحوا عن الصواب .. وما احوجنا ان نضع جل جهدنا في العودة الى حضارتنا ننهل من معينها ونعيد للأمم جمالها فإذا هؤلاء يركبوا سطورهم ويبهموا بها كلماتهم .. فضاع بعض جهد الأمة في نقاشهم ودحر حججهم وتفنيد براهينهم .. وما احرانا وهذا الفراغ الذي جعل مثلهم يعيثوا فسادا في لغتنا وديننا أن نتركهم وشأنهم .. وننهل من معين تراثنا ليكون ذلك ردا عليهم .. والغثاء يمضى لوحده دون عناء حينها
دمت نقيا يا صديقي .. ودام قلمك نبراسا للحق ..قوة للغة .. تحية لك وتقدير يا مبدع في كتابة الحداثة

نصٌ جميل وقيم ...

جنبنا الله الشر وأهله .,...