|
" غراس العز " |
غـراسُ العـزِّ ينبتهــا الإبـاءُ |
فتؤتـي أكلْـهَـا في كلِّ حـينٍ |
أسـودًا لا يُنَهْـنِهُـهَـا اللـقـاءُ |
أســودٌ آمـنـتْ باللـهِ ربــًا |
وبالإسـلامِ فـارتـفـعَ اللـواءُ |
وبالقـرآنِ دسـتــورًا ونـورًا |
وبالمبعـوثِ فـاكـتمـلَ البنـاءُ |
أسـودٌ آمـنتْ أنَّ الأمــانِــي |
بغيرِ التضحيـاتِ هِـيَ الهُـرَاءُ |
وأنَّ الحـقَّ لا يُعْـطَـى ولكـنْ |
بحدِّ السيفِ ينكـشـفُ البـَـلاءُ |
إذا نزلَ الأســودُ بســاحِ قومٍ |
فلا تسـألْ فـقـدْ نزلَ القضَـاءُ |
ودبَّ الرعــبُ تتبعه المنـايَـا |
وفرَّ الجمـعُ وانقشـعَ الغُـثَـاءُ |
رمَى الظـُّـلاَّمُ غَزَّتَنـَـا بجندٍ |
كأسـرابِ الذئـابِ لها عــواءُ |
لهمْ في سـاحةِ الهيجَـا خـوارٌ |
وغمغمـةٌ وأفـئـدةٌ هـَــواءُ |
متى هزمُوا بمعمعةٍ رَمَـــوْنَا |
بغــادرةٍ قـنـابِـلُهـا وَبَــاءُ |
يذوقُ الطـفـلُ منها كـلَّ ويـلٍ |
وتصلى جمرَهَا الحامِي النسـَـاءُ |
وتلك سـجيةُ الخــوَّارِ يرمِي |
بـغـيظِ سُـعَارِهِ أَنَّـى يَشَــاءُ |
رددنَـا كــيدَهم ثمَّ انتقمـنَـا |
بأُسْـــدٍ لا تُـذَلُّ ولا تُسَــاءُ |
أتاهـمْ بأسُــنا مِنْ كَـفِّ ليثٍ |
شديدِ البأسِ شـيمـتُـهُ الفِــدَاءُ |
مِنَ الجبلِ المكــبَّرِ جاءُ يسعَى |
سـريعَ الخطـوِ يعجلُـهُ اللقـاءُ |
يثورُ بكفِّهِ الرشـــاشُ عـزًّا |
وينطـقُ مِنْ مُحَيـَّــاهُ الإبَـاءُ |
فمِنْ كفَّيْهِ تنهمــرُ المنــايَـا |
وتجري تحتَ نعليـْـهِ الدِّمـَـاءُ |
أذلَّ قـرودَهمْ بلظَى رصــاصٍ |
وزمجــرَ تحتَ صيحتِهِ الشقَـاءُ |
فصبَّ الجمرَ في جُحْرِ الأفـاعِي |
فدبَّ الرعـبُ وانتشـرَ الفَـنَـاءُ |
فمزقـــهمْ وصـيَّرَهمْ جُـذَاذًا |
وبعـثرَهـمْ كـأنـهـمُ هَـبَـاءُ |
أتوا بألوفِــهمْ ولهـمْ زفـيـفٌ |
وضـجَّ لذلكَ الحشـدِ الفـَضَـاءُ |
وقالوا مَنْ يناجـزنَـا بحــربٍ |
فإنَّا اليومَ نفعـلُ مـا نَشَـــاءُ |
فجـاءُ الليثُ يصحـبهُ زئـيـرٌ |
فولَّـى الجـمعُ وانكشـفَ الهُرَاءُ |
فآلافٌ يفـرِّقُهـَــا كَــمِـيٌّ |
كـذراتٍ يبعـثرُهَـا الهـَـواءُ |
فيشـفِـي صـدرَ أمتِنَـا بِزِنْـدٍ |
لـهُ مِنْ كـلِّ نائبـةٍ شِــفَـاءُ |
سَـمَتْ أنفاسُـهُ للخلدِ شَـوْقـًا |
فأرســلَهـَا فَفُتِّحَتِ السَّـمَـاءُ |
مَضَى ، والتافهـونَ لهمْ غطيطٌ |
وَهُـمْ مِـنْ كـلِّ مَكْرُمَـةٍ بَرَاءُ |
يـوالـونَ العُـدَاةَ بِـكلِّ صقعٍ |
وللأوطــانِ ليـسَ لـهـمْ ولاءُ |
يَفُـونَ لكـلِّ أفَّــاكٍ أثـيـمٍ |
وللأبطـالِ ليـسَ لهـمْ وَفَــاءُ |
يدينـونَ البطـولةَ كـلَّ حِـينٍ |
فواعـجبي أليـسَ بِهِـمْ حَـيَـاءُ |
فكـمْ ضـاعـتْ بذلَّتِـهِمْ بِلادٌ |
وكـمْ بذنـوبِـهمْ نَـزَلَ البَـلاءُ |
هجوتُ المـرجفينَ وهمْ صِغَـارٌ |
وَفوْقَ صَغَـارِهِمْ يَسـْمُو الهِجَـاءُ |
فما حملتْ مقاعـدُهمْ كَـرِيمـًا |
ولا افتخـرتْ بعشـرتِهمْ نِسـَـاءُ |
فما لَبِسُـوا لبوسَ العـزِّ يومـًا |
ولا بشـخوصِهمْ شَـرُفَ الـرِّدَاءُ |
فمهما استكـبروا فهـمُ كِـلابٌ |
ومهما استشـرفُـوا فهمُ الغـثـاءُ |
تراهمْ للعِـدَى أذيــالَ خـزيٍ |
تُجَـرُّ على الأذَى وهـمُ الحِـذَاءُ |
وما سَــامَتْ أنوفُـهُمُ حـِـذاءً |
غـداةَ الروعِ يلبَسُـهُ عَـــلاءُ |
فـكـمْ قُتلتْ بذلَّتِــهمْ قُلُـوبٌ |
وكمْ بوجـودِهمْ خَـابَ الرَّجَــاءُ |
وكـمْ نبـتتْ بعـزَّتِـهِ غِـرَاسٌ |
وَغَـرْسُ النصرِ ينبـتُـهُ الفِـدَاءُ |