ورد و نثر و مكان
الحلقة الأولى


على سلم الدمع ينزل علي نسيان خفيفا ... بتواضع يسعد البرد ... و يستفز قلمي العتيق ... و أما الصمت فهو وحده الذي يزين الوصول بقلق ينبئ بالكلام ...
نسيان ... إني هنا ... ولا ينقصني سوى حلم تخلى عني للحظات _ ربما _ و هاجر مع سرب حمام كالأغنية :
" أريني رجلا بلا حلم ... أريك رجلا ميتا ... "
إني هنا ... الجرح ... الوجع ... الغربة ... و الموسيقى السرمدية دقات قلب تعب من العشق و جزره ...
نسيان ... ينقصني ... الورد ... لاشيء أكثر ...
الورد ... مقدمات العمر المبعثر ...
باقات شاحبة لجسد يهترئ ...
ينتظر عودة حلما ...
كرجل شارف على الانتهاء من واجباته السفلية كي يتأهب لمترين و متر ... قبر سريع لعمر كم كان بطيء ... قبر بشاهدة بيضاء ... بلا اسم ... بلا تاريخ البدايات ... و النهاية ...
نسيان ... تنزل بسيطا لتثير في السؤال : " هل أنت أنت ؟ "
و دون أدنى إجابة منك أنظر إلى ما ورائك بحثا عن الموكب المعهود من قمر و بضع نجوم ... فلا أجد سواك وحدك ... تشهد أن لا خذلان أقسى من خذلانك ... قل لي يا سيدي من تخلى عنك ... عن كلاماتك ؟
نسيان ...
لا أنا أنا ...
و كم ينقصني أنت !
نسيان و " حب في زمن الكوليرا " و أكتب على وجل :
الطموح جنون خطير ...
يحدثه عشق مستحيل ...
الطموح فعل ذاكرة حب مخذول ... قادر على إحداث جرح في كبرياء الكون و لا يستكين ...
نسيان ... و أنا في منام عجيب أهذي قائلا : " كنت كل شيء ... كل شيء :
فأصحو متسائلا : " هل رحلت أم أنا بقيت ؟ "
نسيان ... و وردة يطلبها الجمالي على وطن فلا أجدها ولا تجدني ... و في التجلي :
_ بقايا سفينة فوق صخور بعيدة ّ _
هكذا كتبت أثناء بحثي عن الورد ...
نسيان ... و الأرق الليلي هو الكلب الوفي ... و العين الشمالية تفاجئني بدمعة لا سبب لها سوى ذرة تراب حمقاء تطفلت على النسيم النيساني ... لتنسيني حلما نبويا ... فأحتضن أرقي حتى النباح الأخير ...
ليل في نسيان ... و إلى السماء في الأعالي ... الأعالي ...
أرسل دهشة سريعة :
" كم هي السماء سوداء ! "
و أعيدها إلي ... إلى ليل و شوق لكرمل لم أصعده يوما بل حلما ...و أقول :
أحتاج حلما لأكون ...
و أحتاج واقعا لأكون حلما ...
في نيسان ... أفتش في " الآن " عن ماض للكلمات
و أعد ما بحوزتي منها على أصابعي
و إن زاد ... على شجرة أمنع الكلمات ...
و أنا الشجرة في نيسان ... أنثر أوراقي فوق قلوب العاشقين !
عندما يخذلني نيسان بنسيان الحلم في أجواء قيظ غليظ المزاج ... أقتات على فتات الهامش كي لا أموت بردا ... و أما الهامش فيقول : " الجمالي ليس قمر و لا نجمة و لا غبار فضي ... بل هو ما تكرهه و لا تحبذ إضافة إلى زهر اللوز ... هو أن تجافي حلمك بكل ما أوتيت من خيبة ... لكي تتحرر من وطأة اللحظة الخفية ... "
و أرد عليه _ أي على الهامش _ :
لا تاريخ انتهاء صلاحية للحلم ... أما أنا فلي تاريخ ينتقل ما بين ماض و مستقبل ... لكي يحد الآن من إصراري على جعل نيسان سيدا لهذا الكون ... أليس كل واقعي معقول و كل معقول واقعي كما قال أحدهم ؟
[ في نيسان ... أبحث عن شعرك الخرافي ...
فأجد بعد متاهة شامة كانت لي ...
و خصلة بيضاء ... شاهدة مرور أصابعي ذات حب من هناك ...
فكم كانت كل قبلة توطئة لجرح قادم ... ؟ !
و الآن ... أحبك فإنزعي عنك الذاكرة ...
وجعا ... جرحا ... خيبة ... و دعيني بقبلة أرسم شامة جديدة
دعيني أبحث في ثناياك عن كلماتي ... عن وطني
الأسير باسم الخندقجي
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم ثلاث مؤبدات