إلي جميع الأخوة والأخوات الكرام / أعضاء الملتقي ،،
تحية طيبة ، وبعد ،،
فلكل منا تجاربه في الحياة ، مارسها بنفسه ، وعاش فيها برهة من الزمن ،
ثم توالت الأيام ، من بعد ذلك ،
ولكن ،
صارت هذه التجربة أو تلك ذات قيمة لدي صاحبها ،
فإن تكررت ، فهو أقرب إلي معالجتها بالرأي الصحيح من غيره ،
فعلي سبيل المثال ،
يمكن لأحدنا أن يسجل لإخوانه في هذا الملتقي تجربته الناجحة في علاج مرض من الأمراض ، كان قد ألم به ، وتعاطي له علاجا معينا ، فأذن الله بالشفاء ،
يمكن لأحدنا أن يقدم المشورة والنصيحة اللازمة لشراء ( كمبيوتر ) علي سبيل المثال ،،
يمكن لأحدنا أن يشير باستعمال سلعة معينة بإعتبارها أفضل من غيرها ،
يمكن لأحدنا أن يسجل كيف أحب القراءة والإطلاع بعد أن كان منصرفا عنها ،
الأمثلة كثيرة ، ومتنوعة ،،،،
اشتد بي ألم ووجع الضرس ذات ليلة، وتزايد إلي درجة تعدت الإحتمال ، ونفذ الصبر والتصبر ،
والمشكلة أن هذا التطور الرهيب والسريع حدث بعد منتصف الليل ،
هذه واحدة ،
أما الثانية ، فالمكان ،
شاليه المصيف ، وفي أواخر موسم الصيف ، حيث عدد الجيران ، أقل من القليل ،
وأقرب مستسفي تبعد كثيرا ،
وارتبكت الأسرة كلها ، ،،،،
الإسعافات الأولية لم تجد نفعا ،
والموت الزؤام ولاتعاطي حقنة ،
وكاد الأمر ينقلب إلي ما يقال عنه ( شر البلية ما يضحك )
فبعد أن كان تعاطي الحقنة ، يأخذ شكل النصيحة ، من الأولاد ، تدرج الأمر إلي التهديد باستعمال القوة ،
وممن ؟
من أصغر الأولاد ، الطالب الجامعي الذي يلقي مني ومن والدته معاملة آخر العنقود ,
اقترح علي إخوته الأفاضل ، أن يوثقوني للحظات ريثما أتحمل الحقنة ،
ووافق الأحباب جميعا بلا استثناء ، علي التنفيذ فورا ،
حقيقة ،
نسيت الألم ، مع شدته غير المحتملة ،
فهو أهون بكثير من تعاطي حقنة ،
وصحت ، وتصايحت ، بكل مااستطعت ،
ومع ذلك ،،،،،
الجميع يضحك ، وأنا الوحيد الذي أصرخ ،
وحانت لحظة الإنقضاض الرهيب ،
والكترة غلبت الشجاعة ، وغلبت الأبوة ، وغلبت كل شيء ،
ونفذ الأبطال الأمر في ثانية ، مرت علي كأنها دهر ،
وعلي الفور ،، خرجت غاضبا ، إلي خارج المبني كله ، لأجلس وحدي بعيدا عن الجميع ،
وخرج الجميع ،
هذ يحضن ، وهذا يقبل ، وهذا يجهز لي المقعد ، وتحولت الليلة إلي أمسية طيبة ختمناها بصلاة الفجر ،
جلسوا حولي يتساءلون ، إلي متي ستظل تخاف من الحقنة ؟ وأنت الذي رأيناك مرات كثيرة حين تشيع جنازة أحد المعارف أو الأقرباء ، تنزل مع الميت ، ولانخاف .
ولم يكن جديدا عليهم معرفة السر المؤلم ،،،،،،،
ومع أن ألم الحقنة لم يكن يستحق مجرد الأعتراض ، ،
إلا أن الخوف والهلع الدفين في عقلي الباطن ، هو الذي أحدث كل هذا الإضطراب والإنزعاج والصياح وبحمد الله ، كان الشفاء من عند الله ،
الشاهد من هذه الواقعة تقرير عدة أمور ،
أهمها ،،،،
إعطاء العلاج للأطفال الصغار يجب أن يكون بعقل وتعقل ،
ولاينبغي أبدا أن نحدث في نفسية الصغير عقدة نفسية من الحقنة ،
وإلا لصار رجلا ناضجا لايخاف شيئا ، ، ومع ذلك يخاف من حقنة ،
ليعطها له من يحسن ملاطفته وإقناعه بأنها أمر يسير جدا ،
وليكن فعله مطابقا للواقع ، ويكون ماهرا في ذلك ( إيده خفيفة ) .
أذكر منذ عشرات السنين ، ولعلها آخر مرة تعاطيت فيها هذه المصيبة ،
كان الرجل ضخما فوق العادة ، وشاربه كثيف، وصف أسنانه العلوي غير موجود ،
وكان الوقت شتاء ، ولذلك فقد تلفح بشال لايظهر إلا وجهه فقط ،
نظرت إلي وجهه ــ ولن أنساه ماحييت ـــ فتمثلت لي كل شياطين الأرض التي سمعت عنها في القصص ،
ونظرت إلي كفه ، وهي تعالج الحقتة بالطريقة المعروفة ، خاصة حين رفعها لأعلي في اتجاه المصباح ، ليخرج منها الهواء ، فتمثل لي وكأنه يهيء مسدسا لإطلاق الرصاص ،
ونظرت حولي ، اتفرس الوجوه ، ولسان حالي يستغيث : هل من مغيث
ايقنت ساعتئذ أن الجميع معه لا معي ، ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
وإذن فليس أمامي وأنا ابن السادسة إلا الصراخ الهستيري ،
أخذني بقدرة قادر بين فكيه ، ولاأقول بين يديه ، وأعطاني الحقنة ,
ومع انها لم تستغرق وقتا ،
إلا أن الصياح استمر ،
ومع أنه لم يمكث بعدها في الغرفة ، وقد أدي مهمته في لمح البصر ،وانصرف ،
مع ذلك انتابتني ، حالة صياح مستمرة ، لاتزال والدتي حفظها الله ورعاها إلي الآن كلما تذكرنا ذلك ،،
تقول لي لقد عانيت من جراء هذه الواقعة طويلا ، من بعدها ،
ولقد نطور الأمر إلي أنني أصبحت لاأتحمل أن أري أحدا ياخذ حقنة ،
ولهذا كانوا يصرفوني ( يزوحوني ) بعيدا حين يتطلب الأمر حقنة لأحد أفراد المنزل ,
وحتي الآن أخاف من الحقنة ،
تجربة قاسية بدأت في الطفولة ، وكأنها لن تنتهي ،
لذا أنصح ألا تتكرر عند أحد ،
هذه واحدة ، وقد أطلت في سرد بعض تفصيلاتها عمدا لأهميتها ،
أما الثانية ،
فيجب أن يكون مع المسافر لأي مكان ، حقيبة طبية صغيرة فيها بعض الأدوية اللازمة للأمور المفاجئة
ولايتكل علي أن الصيليات تخدم ليل نهار ، أو أن المستشفيات متوافرة ، ولاتغلق أبوابها البتة ،
بل ولا يتكل علي أنه في صحبة طبيب من أفراد أسرته ،
كل ذلك ، يأتي في الأهمية ، في الرتبة التالية للحقيبة الصحية الصغيرة ،
عذرا للإطالة ،
ولكنها دعوة إلي أن يقدم بعضنا ما يستطيع تقديمه من نصائح مخلصة ، بناها علي تجارب فعلية ،
وجزي الله الجميع خيرا جزيلا ، وجملهم بالصحة والعافية ،
صلاح جاد سلام