لو تقترب فقط للحظات , وتسمع همس الروح وهي تناجي رب الأرض السموات !! لو تسمح لنفسك أن تكون غريبة عن الدنيا وأن ترتحل إلى دار البقاء ! ماذا نريد من الحياة ؟؟ ماذا ننتظر من الغد القادم ؟؟ هي ساعات صفاء وصدق وقليل من السعادة مغموس بكدر لا يفارقها , وهموم تحث القلب على أن لا يتعلق إلا بمولاه , وأن تكون الجنة وما عند الله كل ما يتمناه ...
تناسيت ما يجول بخاطري حينما تأملت سؤالك , قلب طوقه الآمل محال أن يكتنفه اليأس وقد جعل مرضاة المولى هدفه ومبتغاه , وإن سهم غدر به واستقر في الوجدان يقلق راحته ويضطره دوما إلى الدعاء , أهو ابتلاء أم نعمة ؟؟ ...
مؤلم هو موجع , ممتع وممتنع عن التحقيق , أخاله سرابا يشبه دنيانا عندما تقبل ثم تدبر , وأحلامنا المتراقصة على ضفاف الواقع تلهينا عمّا أُمرنا به , أَأُحمّلك ما لا تطيق وأنت مثلي مسير لا مخير؟؟ رغما عني وليس بيدي , أُف لنفس لا ترعوي ولا تزدجر أبدا, هي لك تواقة مشتاقة تلهو في مساحات الضوء كي تحترق..تنسى وقد يذكّرها الموت أنها عنك راحلة , عنها غائب وبعيد , ألا تستأنس برحمة الله ؟؟ وتقتل هذه الرغبات هذه الملهيات؟؟ فكيف يصدق بالله هذا الحب إن لم أُلزمها الطاعة ؟؟ إن لم تمرغ في التراب جبينها تقربا وحبا وتوقا إلى الجنان !! أيا مهجة قلبي ذاك المكان الزاهر في قلبك الطيب أمنيتي أن يظل لي ...
أيصفو هذا اليوم المبارك من الأكدار وأنت بعيد , قريب ؟؟ أيختفي الحزن من وجداني وفي أقطار الأرض مسلم مقهور ومجبور على أن لا يبتسم لطلة العيد ؟؟
كيف يزهر الورد اليوم و فلسطين الأبية مقيدة اليدين ؟؟.. لا غداء , لا دواء , لا هواء يصل إلى جسدها المطهر ؟؟
هذه الأشجان المجتمعة أرهقت روحي , وأوقفتني على أعتاب الفرح مترددة , أقسمت الدنيا ألا يصفو فرحها من كدر , جبلت على الأحزان , دوما تدفعنا إلى منزلنا الأصلي { الجنة } ...وتجعلنا ندرك أننا في هذه الدنيا غرباء حقا , كل منا يبحث عن حاجته عند الآخر , وإن لم تتصل هذه الأرواح بخالقها هلكت وتلاشت في مهرجان الحياة اليومي , لا تلومنَّ إلا نفسك إن انقضى العمر في البحث عن السراب ثم أجبرك الموت على الرحيل , لا يجدي الندم حينها ولا ينفع أن تتدبر وتتأمل الحكمة من الحياة , فهي بسيطة جدا , اختبار وابتلاء , والعظماء أيقنوا هذه الحقيقة , ترسخت في نفوسهم فأثمرت خيرا عميما سيظل التاريخ يشهد به إلى يوم القيامة ..رجائي أن تكون أوراحنا ممّن أُذن لها بالتحليق عاليا , وأن يكون هذا الحب الإنساني وقودا لها , ودافعا للعطاء والسخاء , وعسى أن يعمنا الله برحمته وفضله , وأن يكتبنا مع السعداء , دنيا وآخرة .
كل عيد وأنتم بخير.