إلى الوجعِ الأوّلِ في بيروتْ ..
هنالكَ حيثُ الشتاءُ البطيءُ
و جدرانُكَ العالياتُ
و أسيجةُ الشوكِ
أعبرُ وحديَ حُمّاكَ
بينَ مسائينِ من لازوردَ
و بارودَ
أينَ أخبّئُ بَرْدَكَ؟!
معطفُ صبريَ بالٍ
و أنتَ بعيدٌ ..بعيدٌ
صليبُكَ حيثُ تركتَ صليبَكَ
في الحقلِ
ينقشُ ذكراكَ حَرْباً فحُبّاً
و حبّاً فَحَرْباً
طَلعْتَ من اليانِسونِ
حُميّاكَ تُشْعِلُ فيّ فراغاً مليئاً
مليئاً .... ملئياً
قنابلُنا لا فتيلَ لها
ذاتَ ينفجرُ العُمْرُ
في أيّ خوفٍ يريدُ
تُكسّرُني أنتَ في كلّ زاويةٍ لا أريدُ
تُعَبّدُ ليليَ بالذكرياتِ
و أعْبدُ عينيكَ
أعْبدُ هاويِتيّ..
نسجتُ ثمانينَ ثوباً لعودِتِكَ المستحيلةِ
"إيروسُ"... كيفَ سرقْتَ خلودي ....
و أشعلتَ نبضيَ بالزعفرانِ؟!
أنا من تنبأتُ بالماءِ
في موسمِ الرمْلِ و المَحْلِ
حوريّةٌ في الأغاني
تركتُ زماني
على ضفّةِ اللحنِِ..
تفتحُ في اللحنِ نافذةً للضجيجِ
لتعبرَ ضوضاؤكَ الفوضويّةُ
في مهرجانِ النزيفِ..
تعودُ وعودي بلا نَفَسٍ في ضبابكَ
وحدي أكفّرُ عنكَ و عنّي
و وَحْديَ أبني قبوريَ وحديَ
ليتَكَ كنتَ هنالكَ
بيني و بيني
على سَفحِ جرحي
على قمّةٍ من هلاكٍ و مِلْحِ
غباراً أصيرُ
تلملمني..
كم تلملمني في رئاتُِكَ
يا أوكْسجيني الفناءُ!!
معابدُنا للهباءِ و للقشعريرةِ
والعنكبوتِ
تُيوليبُنا باردٌ
ردّ "سيرسُ" أعمارَنا للرمادِ
" من الفحمِ أنتم إلى الفحمِ "
أكليلُنا في الجبالِ البعيدةِ
يكبرُ عُمْرينِ ..
وشمٌ على القمحِ فجرُكَ
وشمٌ على الليلَكِ القَمَريِّ
على قَمَرٍ في المحاقِ
تعالَ نرقّعُ ثوبَ النجومِ ...
الممزّقَ بيني و بينكَ
ليتَكَ توقنُ..
تكفرُ " فينوسُ" بالبيلسانِ
تمكيجُ نبضتَها و تبوحُ لمرآتها
بجنونِ الجمالِ ..
و سرّ الغزالِ على البئرِ
في الماءِ بئرٌ و في البئرِ ماءٌ
و في الماءِ سرّ و في السرّ بئرٌ
مساميرُ في جَسَدِ الحُلْمِ
حُلْمٌ..
لمنتصفِ الثلجِ
ينتصفُ الحزنُ
"لونا" تُحرّقُ بَدْراً أخيراً
لآذارَ ..
آذارُ..
ليتَكَ تعرفُ أوّلَ قلبِكَ ..
من آخرِ الفصلِ
ساعتُكَ اللاعقاربُ فيها
و وقْتُكَ يبحثُ عن ساعةٍ
ساعتانِ لخوفٍ كبيرٍ بجحمِ...
ضياعٍ كبيرٍ..
بحجمِكَ
أنتَ المُضيّعُ قبلَ "السموألِ"
قبلَ عيوني
و بعدَ عيوني
و دستينِ في النّرْدِ
إنّكَ .....
إنّي .....
و إنّ السوادَ ....
و إنّ الرمادَ ....
صباحُكَ , ليلُكَ ,وجهُكَ
خطّ يديكَ ,التعرّجُ ,برزخُ ما بينَ بينَ
رسمْتُ على الحبرِ وجهي
كلاماً..
يعودُ الشبابُ من الشيبِ
يهربُ من حيثُ جاءَ
إلى الشيبِ يسعى الشبابُ
من الولدِ الوالدُ
الكلماتُ ..و لعناتُ حُبّكَ
روحُكَ تهذي بغيري و أهذي بها
و صدايَ يُقلّمُ صوتي..
و حشرجةٌ في الشرايينِ تبحثُ..
عن نَفَسٍ للصباحِ
و"إلياذتانِ" لعِرْقٍ بلا نبضَ ينبضُ
كلّ الخيولِ المُعارةِ للموتِ
كلُّ الحروبِ القديمةِ فيّ
و فيكَ سَلامُ الحمامِ
أكونُكَ
لو "مِراميسُ" أكونُ
على وجعين أطيرُ .. على زمنينِ
على ألفِ نايٍ ..
تمزّقني أنتَ ..
تحتَ صليبكَ أنحرُ أوركيدتينِ لشمسكَ
أمسحُ ليلَكَ بالمسكِ
"يا مجدليّةُ .. يا مجدليّةُ
قامَ الصليبُ ..
و لم يقمِ القلبُ "
ليتَ قيامةَ موتيَ تأتي
بغير شموعٍ أسيرُ ..
كَمانٌ شريدٌ لناصرتينِ بخاصرتي
خذْ رحيلَكَ عنّيَ
خُذْ مستحيلَكَ
خُذْكَ
إلامَ انتحابي ..!!
أنا من كتبتُ عن الحبّ سطراً
على جثّةٍ في ممرّ الخناجرِ
و ارتحْتُ
ثمّ بكيتُ ..
و عُدْتُ إلى أرضِ من أشعلوا في الشتاءِ
كوانينَهم بعظامِ ذويهم
و صاحوا : " لتكتملِ الشمسُ فوقَ الجنازةِ"
كم أرهقتني المسافةُ!!
وجهُ "نيوبا " يحلّقُ فوقَ الركامِ..
و يندبُ وحشتنا في العراءِ
نكسّرُ جوزَ الفَناءِ
و نمضي ...
و أمضي
و "سيناءُ" تأكلُ قلبي
و أتركُ ناريَ فيها
لعلّكَ ترجعُ ..
أو يا لعلّكَ تحملُني
من هباءِ الهباءِ إليكْ
تلملمني في رئاتكَ يا أوكسجيني
و أرسمُ خطّ يديّ
و خطّ يديكْ
و نحملُ تابوتنا ..في الهواءِ
إلى غيمةٍ لا مساميرَ فيها
و "ثيسبي" تودّعُ معشوقَها
و تقابلُ معشوقَها..
و القيامةُ من جَرَسَيْنا تقومُ
هنالكَ حيثُ شتاءٌ بلا لونَ يمضي
و يتركُنا للعويلِ الطويلْ
و يرحلُ عنّا الرحيلْ
.