التزمت الصمت كثيرا غير أن ذلك السؤال ما زال يكبر في داخلي كـجنين بلا أب أخاف أن أخرجه للنور فيلصق بي الآخرين صفات لست أعرف إن كانت تخصني أم لا، أردت فحسب أن أريح ضميري من عناء القلق الذي ألصقتها به ..فكيف أفعل ذلك ؟لست أعرف، فجميع ما ادخرت من إجابات اختفت من أمامي فجأة، ولم يبقى غير هذا السؤال الذي لا أعرف كيف أتخلص منه ...فكرت ربما إن منحت نفسي القليل من أي شيء سوف أخرجها من شرنقة السؤال الذي يلفها بغير رحمة ،فأعدتاها لزمن محدد ،زمن ولادة ذلك السؤال الأول، الذي ترك خلفه ساحة حرب ضروس بين أسئلة تتعارك فيما بينها كي تجد الخلاص في ذلك الجواب الوحيد الذي سينقد جميع الأسئلة من الموت..أعدت عقارب الساعة للخلف وأوقفتها هناك، عند الساعة الرابعة من مساء يوم كان قبل يومين من تاريخ كتابة هذه السطور ،وطرحت السؤال لماذا ...؟وقبل أن أتمه ،كانت جميع الأسئلة المتعاركة فيما بينها تلفظ آخر أنفاسها ،لحقت سؤالا كان بعض الروح فيه ما زال يعاند بعضه، وأرغمته على البوح بسؤاله قبل الوفاة، فأجابني والروح تعانده لماذا...؟.وقبل أن يتم سؤاله تلاشى من غير عودة ،آهات متقطعة، وصوت متوجع، يصلني من سؤال أغمد نصل الجواب فيه قبل أن ينطق بسؤاله فقرأت فيه، لأن..واختلط الباقي من الجواب مع الباقي من السؤال ،فلم أعرف كيف أفرز بين الاثنين... !!سحقا أما كان هناك من مجال لإعلان فائز وحيد في هذه الحرب، كي أريح فكري من عاصفة ريح هوجاء تطيح بكل قلاعها ..؟فلماذا نصمت حين الكلام؟ ولماذا نتكلم حين الصمت؟.ولماذا ننتظر جواب سؤال بشدة؟ إن كان الجواب سيقتل السؤال !!ولماذا نحمل أنفسنا ذنبا لا يد لنا فيه ؟ولماذا استيقظت كل الأسئلة من موتها الآن؟.ألتتعارك مجددا للموت؟.
في الساعة 16.00 من مساء هذا اليوم كتبتها في
محاكمة بيني وبيني أقفلت الجلسة فيها بسجني داخل زنزانة السؤال لأجل غير مسمى