حتى لا تبقى "إسرائيل" كبقرة مقدسة
ممدوح طه \ كاتب مصري \ صحيفة البيان الإماراتية
____________________
الوصول إلى تحقيق حلم البشرية أي إلى «عالم خال من السلاح النووي» لا بد أن يمر بأربعة مسارات بصورة متزامنة ومتتالية ومتكاملة وفق آلية رقابية أممية نزيهة متفق عليها من غالبية دول العالم..
الأول، هو التفريق في كافة المعاهدات الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها طبعاً معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بين إنتاج السلاح النووي الحربي المحرم، والطاقة النووية السلمية والبناءة، وتجريم امتلاك السلاح، وتشجيع امتلاك الطاقة، بضوابط جادة ومحكمة لتطبيقها على جميع دول العالم بمساواة وبدون استثناء.
والثاني: تقليص الترسانة النووية لدى ملاكها التسع وعلى رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، ومروراً بفرنسا وبريطانيا والصين، ونهاية بالهند وباكستان و"إسرائيل"، حتى لا يتحول مطلب حظر انتشار السلاح النووي إلى احتكار الدول المالكة للسلاح النووي، وصولاً إلى النزع الكامل والشامل للسلاح النووي.
والثالث: هو منع انتشار السلاح النووي لدول جديدة، وذلك بإلزام الدول التي لم توقع على معاهدة حظر الانتشار الذري بالتوقيع عليها، وتطبيق المعاهدة على الملاك لمتابعة نزع السلاح، وعلى غير الملاك لمنع انتشار السلاح دون معايير مزدوجة أو ثلاثية أو رباعية مثلما هو جار اليوم. والرابع هو استمرار السير في إقامة المناطق الجغرافية الخالية من السلاح النووي في العالم.
وأهمها إقرار مشروع إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي بقرار من مجلس الأمن الدولي طبقاً لإعلان الدول الخمس الكبرى، أو عبر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان «الاتحاد من أجل السلام».
بل إن معاهدة حظر الانتشار النووي كان من المفروض أن تعمل أساساً على ذات المحاور الثلاثة الأولى، لكنها مع تحكم الدول الكبرى المالكة للسلاح النووي حولت الوكالة الدولية للطاقة إلى السير في اتجاه واحد وهو مطاردة الدول الساعية لامتلاك الطاقة النووية والضغط عليها لتحرمها من حقوقها الواردة بالمعاهدة نفسها ومنها حق ملكية المعرفة التقنية بما فيها القيام بعمليات التخصيب.
بحجج فارغة القصد منها تكريس احتكار الدول النووية الكبرى للسلاح وللطاقة النووية معاً بدلاً من مطاردة الدول المالكة للسلاح النووي بهدف نزعه، ومساعدة الدول غير المالكة للسلاح النووي بهدف نشر الطاقة النووية للأغراض السلمية كما نصت المعاهدة.
وهذا ما يستدعي المراجعة.. لنصوص المعاهدة الممدودة إلى أجل غير مسمى، ولأداء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وللمعايير المزدوجة التي تحكم المسألة النووية في العالم، إلى حد أن الدول النووية الكبرى.
وفي مقدمتها الولايات المتحدة والدول الغربية لا تستخدم المعاهدة ولا توظف الوكالة إلا بتلك المعايير المزدوجة، حتى باتت تردد وتفعل ما تحرض عليه "إسرائيل" العدوانية من اتهامات وعقوبات ضد دول عربية وإسلامية موقعة على المعاهدة، وتملك الطاقة ولا تملك السلاح.. بينما "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة فيما يسمى بالشرق الأوسط التي تمتلك السلاح النووي وترفض التوقيع على معاهدة حظر الانتشار.
المناقشات مازالت جارية في نيويورك لمراجعة المعاهدة، بين رؤيتين، رؤية الدول الغربية الكبرى التي تراجع المعاهدة بقصد الإبقاء على احتكار السلاح النووي ومنع الدول غير المالكة من امتلاك السلاح ولا التقنية العلمية، والتغطية على برنامج "إسرائيل" النووي.
وذلك بالموافقة على القرار 1995 وعدم تنفيذه، وإصدار البيانات التي تؤيد إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي ولا تضع الآليات ولا الإجراءات لتنفيذه فورا، بل إنها تعلن بوضوح أن ذلك مؤجل لحين إبرام "إسرائيل" لاتفاقيات سلام مع الدول العربية والإسلامية!
والضغوط مازالت متوالية عربيا وأفريقيا ولاتينيا وآسيويا، لأن لا يلقى مؤتمر مراجعة المعاهدة الحالي 2010 مصير المؤتمر الماضي 2005 الذي فشل في إصدار بيان ختامي بسبب ازدواجية المعايير وبسبب الملف النووي الإسرائيلي، ومحاولة تطبيق نصوص عقابية على من لا يملكون السلاح بينما يغمضون العيون عمن يملكون السلاح، ويهددون به من لا يملكون.
حيث تقف 118 دولة غير منحازة من مختلف القارات تأييداً لمبادرة مصر العربية باسم دول عدم الانحياز لإعلان الشرق الأوسط خالياً من السلاح النووي، يبقي المطلوب الآن أن ترفع أميركا والدول الغربية يدها عن حماية "إسرائيل" وتلزمها بالتوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي مثلها مثل جميع الدول العربية أو تتعرض للعقوبات، والمطلوب أيضا أن تتوقف تلك الدول الغربية عن معاملة "إسرائيل" كدولة فوق القانون أو كبقرة مقدسة!
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن العطية
