سَرَطَانٌ

سَرَطَانٌ
... حتى إذا تمكن من إسقاط أحدهم في حبائله القذرة، نكل به، ومثل بجثته بعد الإجهاز عليه بدم له يغلي في عروقه حقداً وكرهاً، وبأنفاس تفور عداوة وبغضاً، فهذه غاية يتيمة في حياته لا ثانية لها ولا نظير، وهي منتهى ما يطمح إليه منذ أن شبَّ، وغاية ما يحلم به في اليقظة والمنام كلما أصبح وأمسى، بل إنه لم يعد يميز بينها وبين نبضات قلبه الأقسى من الحجارة، وقد خالطت ما يجري في ذهنه من شرور، وأخذت تباري حركاته الغادرة وسكناته المتربصة، وتسابق أنفاسه النتنة عند كل شهيق له وزفير...
الطفل الرضيع في عرفه مقتول لا محالة حتى يثبت قتل الشيخ الكبير أمام عينيه، والطفلة الرضيعة موءودة في حكمه حتى يعاين بنفسه المرأة العجوز جسداً هامداً بلا حراك، وكل حيٍّ سواه لا يستحق الحياة في رأيه، ولا يجدر به غير التلاشي والفناء...
كثيراً ما نظر إلى وجهه المعتم الدامس في المرآة طلباً لما عز عليه الظفر به، ورغبة في الذي شق عليه إدراكه والفوز به، ثمَّ إنه لم يدَّخر جهداً طوال حياته لبث الرعب والرهبة في القلوب المطمئنة الآمنة، ولم يبخل في السعي إلى تحقيق مآربه الخبيثة الدنيئة...
لا أحد ممن خبروه بالأمس أقام له وزناً، ولا أحد ممن يعرفونه حق المعرفة اليوم يحفظ له اسماً، وليس فيهم جميعاً إلاَّ من استعجل الخلاص منه إلى الأبد، وسأل القاهر الجبار بإلحاح أن يختم له بسوء المصرع، ويريه فيه وفي أمثال أمثاله يوماً أسوداً...

د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

أخي الكريم د. عبد الفتاح أفكوح
قصة تتحدث عن كائن أو عن شيء أو شخص في منتهى البشاعة ، نجحت في زرع الكراهية له في نفس القارئ .
الإسقاطات المحتملة ليست قليلة ومفتوحة للتأويل .
المقدمة مباغتة وسريعة الولوج إلى المضمون الوصفي "للشخص" الذي برعت في وصف مدى سوداويته وحقده وإجرامه .
من ناحية التركيب القصصي أرى أن ا لقصة ينقصها الحبكة أو الحدث الواضح والخاتمة أو لحظة التنوير .
بكلمات أخرى أنا لا أرى قصة هنا وإنما تلميحات لما كان من قصص في الماضي ولما يمكن أن يكون منه في المستقبل .
تحيتي أستاذي الكريم مع التقدير

أيه الصديق العزيز
كما تفضل من سبقني د. مازن ولست متخصصا في النقد
أرزت وزرعت وبقوة عنصر الكراهية ضد هذا الذي تحدثت عنه
ولإذا قصدت السرطان بعينه فقد انتهت القصة قبل أن تبدأ حين جعلت العنوان مباشرا جدا
حتى الأيحاء يضعف القصة فما بالك بالمباشرة
شكرا لك

سلام الله عليك أخي الكريم
محمد ذيب سليمان
ورحمته جل جلاله وبركاته
أما قبل...
فلك من أخيك أبي شامة المغربي شدو الشكر وشذا التقدير على جميل اهتمامك وكريم احتفالك بما أرسلت محلقاً من حروف قصصية في سماء هذه الواحة العربية الزهراء...
وبعد...
أرى في ما أرى أن ليس ثمة بداية محددة ولا نهاية معينة لأي قصة، وأن الذي نسمه بالاستهلال القصصي أو الذي نصفه بالخاتمة القصصية لا ثبوت لهما على وجه الدقة، بل إن لكل قصة بدايات متوارية غير مخطوطة ونهايات محجوبة غير مقروءة بصرياً على الورق، ومن ثمَّ فكل قصة لها ما قبلها ولها ما بعدها، وإن بدت لنا ذات بداية ونهاية لا تخطئهما العين...
ثمَّ إني أرى أن عنوان القصة "سَرَطانٌ" في منأى عن المباشرة، وليس إعلاناً عن نهاية القصة قبل أوان النهاية، أو إشارة إلى موت القصة في المهد، بقدر ما أن ذات العنوان ليس تلميحاً ببداية أو إيحاءً بمستهل، بل إنه عنوان تمَّ وسمُ القصة به لقصدٍ محتملٍ، وللقارئ الكريم والقارئة الكريمة واسع النظر في اقتفاء أثر ما قد يحيل أو يدل عليه، وتلك قصة أخرى...
حياكم الله

د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي

** سعدت بالقراءة لك
والتعرف على بهي بيانك
وحسن تعابيرك
وتمكنك من الرسم بالكلمات
تحيتي وتقديري

نص نثري جميل اللغة، محكم البناء، في سرد وصفي شيق يصلح مقطعا قويا في قصة ما
ولعل هذا هو ما وجدت هنا، مقطع من قصة ...
لم تكتمل في النص أدوات القصة ، ولا تبدت أي من الملامح التي تقود للبدايات المتوارية والنهايات المحجوبة التي أشار اليها الكاتب في رده أعلاه، كما افتقر النص للحبكة القصصية بالمعنى المتعارف عليه...

قرأت هنا لغة قوية وواعدة، واثق بقدرة صاحب هذا الحرف على إبداع نصوص قصصية مميزة بشيء من الاهتمام بادوات وملامح القصة ...

دمت مبدعا

نص كان استهلاله وخاتمته مستترة جاء بإسقاط سياسي رائع وجاءت اللغة أنيقة والسرد بديعا فشكرا لك أديبنا الفاضل
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي