بسم الله الرحمن الرحيم
هذه المهنة وظاهرة التوجس من نصوص مبدعيها
نبيل غالي –صحيفة الرائد
1-12-2009
لماذا أغفل النقاد الأعمال الروائية للأديب عبد الغني خلف الله؟!
مع نهاية القرن الماضي ومطلع الألفية الثالثة، لفت نظرنا أن الروائي عبد الغني خلف الله الربيع، يراكم إصداراته الروائية. ربما نستطيع أن نقول أنه يصدر رواية كل عام إذ بلغت حتى الآن ثماني روايات ، من ثم نستطيع أن نفصح أن عبد الغني صار منفرداً بالقمة في عدد أو (كم) ما أصدره من روايات في المشهد الروائي السوداني ويجئ بعده أمير تاج السر وعلي الرفاعي وإبراهيم إسحق ومحمد هارون عمر والطيب صالح.
إن ظاهرة التراكم في الإصدارات الأدبية الإبداعية السودانية من روايات ومجموعات قصصية تعتبر مؤشراً صحياً وإيجابياً لنتاج وفير، دون أن ندخل في الحكم القيمي والتفاوت في ذلك بين رواية وأخرى.
إن الأديب عبد الغني خلف الله لم يقتصر إنتاجه الأدبي على الرواية فقط ، بل قدم للمكتبة السودانية ثلاث مجموعات شعرية ، وقد أثار انتباهنا أنه لم يعر القصة القصيرة أي التفاتة سائراً في درب من أخلص لها من كتابنا من قبل مثل الزبير علي وعثمان علي نور وعلي المك. إن الشائع تقريباً إن معظمهم كتاب الرواية سواء في السودان أو في الوطن العربي عامة هم كتاب قصة قصيرة وقد حققوا فيها إنجازاً فنياً معقولاً وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر إبراهيم إسحق وعيسى الحلو وأبو بكر خالد ومبارك الصادق ومحمود محمد مدني وعبد العزيز بركة ساكن، وهناك في مصر جيل ما بعد نجيب محفوظ كجمال الغيطاني وصنع الله إبراهيم ويوسف القعيد وبهاء طاهر وإبراهيم أصلان.
لقد عودنا الأديب عبد الغني خلف الله الربيع أن ينشر رواياته في البدء على صفحات الصحف اليومية السيارة ثم يصدرها في كتب وهي ظاهرة عند أشقائنا من الأدباء المصريين ، ربما تكون لها إيجابياتها بيد أن لها سلبياتها أيضاً فإن كان الترويج للعمل المعنى المنشور أولاً في الصحف السيارة يعتبر من الإيجابيات ولكنه في زعمنا يؤثر في التوزيع ومن ناحية أخرى حينما يصدر في كتاب لم يسع لإقتنائه إلا من هو مهتم سواء من النقاد أو الدارسين.في مطلع شبابي الأدبي كان يؤرقني سؤال: كيف يجمع ضابط شرطة بين الإبداع والوظيفة وخاصة أن لهذه الوظيفة الحساسة أغلالها وذلك بعد إن أطلعت على المجموعة القصصية (لحن الخصل المسافرة) الصادرة في منتصف السبعينات من القرن الماضي للأديب ضابط الشرطة وقتها عبد الرحمن فضل الله ؟! إن السؤال عن مدى التوفيق بين مهنة الشرطة والكتابة الإبداعية يأتي بسبب حالة نفسية إن صح التعبير خاصة وأن المهنة هذه تمثل (السلطة) وهناك عداء مستحكم دائماً بين السلطة والإبداع؟! ولكن بعد أن زحف الشيب نحو شعر تجربتنا حياتياً وأدبياً أدركنا أن مهنة الشرطة مهنة سامية نبيلة، شأنها شأن الطب والهندسة والتعليم...إلخ من ثم فلا دهشة أو غضاضة تمنع الشرطي أن يجمع بين المهنة والإبداع و...كان من فوارسها اللواء شرطة (م) عبد الغني خلف الله الربيع. إن ما تعرضنا له في السؤال الفائت وإبداء ملاحظة فيه ربما نشأ من أن نقادنا ما زال يسكنهم هاجس التوجس ما بين الشرطي والإبداع وإلا فلماذا أغفل نقادنا في المراكز والمنتديات الثقافية وعلى صفحات الصحف والمجلات – لماذا أغفلوا نصوص الروائي عبد الغني خلف الله الربيع وهو صاحب النفس الطويل والعناوين الأكثر في الإصدارات روائياً ؟ نستبعد هنا بعض الكتابات الفقيرة والهزيلة والمجتزئة عن إنتاجه الأدبي. إن ما صدر من أعمال روائية للأديب عبد الغني خلف الله الربيع تستحق وقفه ومتابعة نقدية إذ أنها من تجليات مشهدنا الإبداعي الروائي.