|
اللفظُ كالشمس تنويرٌ وإحراقُ |
والحبرُ كالغصن أشواكٌ وأوراقُ |
والعقلُ في الحق كالأمعاء لافظة ً |
سوءاً وتبقى إلى الأجساد أعلاقُ (1) |
إنّا من العقل وأنّا من منابعه |
والعقلُ فينا موازينٌ وأذواقُ |
إنّا ملكنا عقولا لم تظلّلها |
إمارةُ السوء للظلما وأمحاقُ (2) |
نحنُ المعارف والآدابُ جوهرنا |
والدهرُ حبرٌ لنا والأفقُ أوراقُ |
منذ الصبا صُبغتْ بالحبر منضدتي |
وزان دربي مع الآداب أخلاقُ |
واكتظّ ثغري فبات اللفظ قافية |
والنطقُ منه على الأوزان سوّاقُ |
العلمُ يطلبني والنوريُرشدني |
والحرفُ يُلبسني لوناً ويشتاقُ |
مثل العجينة صار الحرف نمضغه |
حتى كأنّ بيان اللفظ ورّاقُ |
ما كان شعري على الأفواه منقبضاً |
بل إنّ شعري إلى الأفواه أشداقُ |
ما طالت الريحُ يوماً من معارفنا |
أو طاولتنا لنيل المجد أعناقُ |
تروي لأروقة الأفلاك مسمعة ً |
إنّ الزمان لما تحويه منساقُ |
فابحثْ عن النور حين الليل منبسط ٌ |
يخبرك إنّا إلى الأنوار إشراقُ |
ما قلت إنّا هباءاً أو مبالغة |
بل قال أنتم , شموخُ الدهر , عملاقُ |
قد طاف منّي إلى الظلماء واهجة |
فالليل ظهرٌ بها والغرب مشراقُ |
لم تهفُ فينا الى التسليم نائبة ٌ |
وما ثنانا عن الإنفاق إملاقُ |
لم يدن منّا لفيض الشعر قائله |
ولا علا دوننا الآفاقَ حذّاقُ |
نحنُ الحروف وخيط العلم نغزله |
نحنُ اللسان وفي الآداب مسلاقُ (3) |
ما كان شعري كشعرٍ هام سامعه |
بل إنّ شعري له الأبرار عِشّاقُ |
إنّي من الأرض تربانٌ ومعدنه |
وكم من الأرض يزهو بالعلا ساقُ |
إن متّ يوماً فذكري حين تطلبه |
تخبرك عنه من الأوراق أعماقُ |
ما كان قبري تراب الأرض إذ حكمت |
بل إنّ قبري ببطن العلم مصلاقُ (4) |
من العراق أنا , يا سائلي , وأنا |
فمُ الزمان له الأسماع أحداقُ |
من العراق وليد والعلا سُنني |
مُنذ الطفولة للعلياء سبّاقُ |
من العراق فتاهُ والهدى قيمي |
والعلمَ أشدو وللآداب ذوّاقُ |
أنا العراقُ وشعري طاف محتضناً |
كلّ الضمائر من بغداد برّاقُ |
أنا العراقُ ونهري في مناسبه |
ملء القصائد , للشبعان أطباقُ |
لم تعلُ فيك عراق الفجر ضائقة |
ولا علاك لطول الكرب إرهاقُ |
أنت الكتابة والأمجاد تحفرها |
أنت القوانين والألواح ميثاقُ |
فيك المضايف لم تُطفأ مشاعلها |
والسقي للضيف رغم العوز أفواقُ( 5) |
ما هزّ نخلك والأقدار مفزعة |
عصفٌ وجمرٌ وبارودٌ وإطلاقُ |
ما باتت الخيلُ إلا فوقها شيم |
ولا تناءى عن الصولات غيداقُ (6) |
لم ترضع الأمّ من نهريك مبتذلاً |
أو ذاق عشبك طول الدهر مزلاقُ (7) |
هذا العراقُ به الهامات مقمرة |
فجرُ الحضارات للتاريخ إشراقُ |
لم تعلُ مثلك في الأيام فاجعة |
أو طال مثلك في التاريخ سرّاقُ |
هي المصائبُ للأبرار حاضرة |
والفاجعاتُ لأهل الحق أفراقُ (8) |
أنت الصمود عراق الفخر ممتحناً |
والصبرُ صبرك من أيّوب دفّاقُ |
الصابرون غدت أحلامهم أملاً |
والطائراتُ مع الغارات أطباقُ |
يعلو العراقُ شموخاً والشموخ به |
يعلو وتغدو له في الكون أعماقُ |
يبقى العراق تقيّاً واحداً علماً |
زهو المشارق بالأمجاد خفّاقُ |
يبقى العراق عزيزاً والعِدى شطط |
والعزمُ فيه برغم الجور خلاّقُ |
حين استجارك منكوب لحاجته |
لم تغلق الباب أو يفقرك إنفاقُ |
كوني العراق فلم تفتح مداخلهم |
حين استجرت ولم تنجدنِ أطواقُ |
إلا القليل وكان الشر يتبعني |
حتى حسبتُ بأنّ الأفق خنّاقُ |
لم تبق أرضٌ ولا بحرٌ ولا بلدٌ |
إلا وفيها لأرض العز أعراقُ |
ما كنت تاركها والله من بطر |
لكنّ فيها غراب البين صفاقُ |
لم يُبق منا سليلا أو ذوي رحم |
حتى تعالت بكل النخل أعناقُ |
يا صانع الصبر أنواطاً يعلقها |
صبرُ الشعوب إذا يغتالها عاقُ |
ماذا يقول إلى بغداد مغترب |
قد ساد فيه لطول البعد إحراقُ |
قلبي يتوق إلى أربيل معترجاً |
نجفَ العراق ففيه الناس عتاقُ |
ماذا أقول إلى بغداد حاضرتي |
فيها الولادة فيها الحلمُ أرزاقُ |
في الناصريّة للأنبار يجمعنا |
نهرُ الفرات إلى الأهوار إلحاقُ |
زاخو لبصرة من بغداد مربطها |
للكاظمين لأرض الطف إيراقُ |
أنت التآخي أيا كركوك محتضنا |
كلَّ القلوب وفيك الودّ ميثاقُ |
للفاو طوقٌ إلى زاخو يعانقه |
والموصلُ الغرّ للفيحاء توّاقُ |
الخالصُ الحرُّ يحوي عِطرَ ساقيتي |
أرضي هناك وفيها الزرع أسواقُ |
يا بصرة الشعر يا مكنونة ملكت |
حبَّ العراق مع النهرين ينساقُ |
بغداد أنشد حين البعد يثقلني |
فالشوق بغداد في الأرواح آفاقُ |
أنا العراقُ وجرحي لن يضمّده |
طولُ السنين وما تُرضيه أشناقُ (9) |
أنا العراقُ ومثلي لن يسابقه |
للغاليات جموحُ الخيل أو ناقُ |
فينا العوالي وقد بانت مكارمنا |
وما نبالي إذا تلتفُّ أطراقُ (10) |
لم نغمض العين إن مُسّت مرابعنا |
ولا طوانا بيوم الريع إطراقُ (11) |
فينا العراق فلم تضعف عزائمنا |
للشامخات وفينا القلب مشناقُ (12) |
أرض التقاة فهل طاوعت مظلمة |
وانتاب شعبك عند الضيق إشفاقُ (13) |
أرض الرسالات والإسلام مذهبها |
والشعب فيها لدين الله توّاقُ |
كم سال فيك عراق الصّابرين دمٌ |
حتى كأنّخضابالأرض سمّاقُ (14) |
فاكتظّت الأرض بالأشلاء ناطقة ً |
إنّ الشهيد بأرض العزّ مصداقُ |
أخي الشهيد وأرض الرافدين به |
كالخصب فيها إلى العلياء سُوّاقُ |
أخي الشهيد ويحيا في العراق فماً |
يعلو المسامع أنّ الفجر رقراقُ (15) |
أخي الشهيد وأرض العزّ مكمنه |
أرضَ العراق نناجي حين نشتاقُ |
جرح الشهيد نديٌّ حين نلمسه |
يروي العراق كأنّ النحرَ غيداقُ ( 16) |
عذرا بلادي فلم أ ُسعف بقافيتي |
حتى يجود بكل الروح معلاقُ (17) |