الدَّهْرُ يُخْصِبُ بِالسُّرورِ وَيُجْدِبُ
وَالمَرْءُ فِي خَطَرَاتِهِ يَتَقَلَّبُ
فَيَغِيضُ حِينًا بِالمَعِينِ مُكَدَّرًا
وَيَفِيضُ حِينًا بِالزُّلالِ وَيَسْكُبُ
كَأْسٌ تَدُورُ عَلَى النُّفُوْسِ كَمَا الرَّحَى
تَسْقِي الوَرَى مِمَّا يَمَرُّ وَيَعْذُبُ
وَلَكَمْ دَعَتْنِي لِلشَّرَابِ عَلَى القَذَى
فَنَهَيْتُ نَفْسِي وَالخَلائِقُ تَشْرَبُ
عَفَّتْ وَغَصَّ الآخَرُونَ بِنَخْبِهَا
سَكْرَى وَفِي ثَغْرِ السَّفَاهَةِ مِذْرَبُ
لا يَعْرِفُونَ مِنَ الكَرَامَةِ وَالنَّدَى
إِلا كَمَا عَرِفَ القَنَاعَةَ أَشْعَبُ
حَدَّقْتُ أَبْحَثُ فِي الوُجُوهِ لَعَلَّ فِي
هَاتِي الوُجُوهِ وَفَاءَ مَنْ لا يَكْذِبُ
حَتَّى إِذَا كَادَ القُنُوطُ وَأَغْمَضَتْ
عَيْنُ الرَّجَاءِ أَسَى أَضَاءَ الكَوْكَبُ
بِمُقَدَّمٍ فِي المُكْرَمِينَ مُهَنْدَمٍ
تَسْمُو لَهُ حُلَلُ البَّهَاءَ وَتُنْسَبُ
نَطَقَ الجَمَالُ بِإِسْمِهِ وَبِرَسْمِهِ
وَشَذَا الخَلاقُ بِعَابِقٍ لا يَنْضُبُ
الكَفُّ غَيْثٌ وَالوِدَادُ سَحَابَةٌ
وَالقَلْبُ لَيْثٌ وَالفُؤَادُ تَحَبُّبُ
فَحْلُ البَيَانِ مِنَ الجُمَانِ حُرُوفُهُ
عَذْبُ اللِسَانِ أَخُ النَّقَاءِ مُهَذَّبُ
مَا إِنْ رَأَيْتُ كَمَا يِشِعُّ تَأَلُّقًا
فِي المُخْلَصِينَ وَلا يَطَالُ الأَنْجَبُ
غَلَبَ الرِّجَالَ بِصِدْقِهِ وَوَفَائِهِ
وَالصِّدْقُ أَحْلَى فِي الفُؤَادِ وَأَعْذَبُ
فَإِلَيْهِ مِنْ قَلْبِي الشَّكُورِ تَحِيَّةٌ
ضَمَّخْتُهَا حُبِّي وَمَا يُسْتَطْيَبُ