أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الحاتمي والوحدة العضوية للقصيدة العربية في القرن الرابع

  1. #1
    الصورة الرمزية فريد البيدق أديب ولغوي
    تاريخ التسجيل : Nov 2007
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,698
    المواضيع : 1052
    الردود : 2698
    المعدل اليومي : 0.45

    افتراضي الحاتمي والوحدة العضوية للقصيدة العربية في القرن الرابع


    كثر الحديث عن الوحدة العضوية للقصيدة العربية في العصر الحديث تأثرا بالغرب وعيبا على وحدة البيت في القصيدة العربية- بكيفية توحي أن هذا الأمر لم يخطر للقدماء نقادا وشعراء، لكن الدكتور زكي مبارك في كتابه المتميز "النثر الفني في القرن الرابع" قد نقل في الجزء الثاني ص136 ما نقله أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني في كتابه "زهر الآداب وثمر الألباب" عن الحاتمي أحد نقاد القرن الرابع الهجري تحت عنوان "القصيدة والإنسان" ما يؤكد معرفة النقاد قديما هذه الفكرة.
    والآن مع ما نقله الدكتور زكي عن الحصري:
    قال الحاتمي: مثلُ القصيدةِ مثلُ الإنسان في اتِّصَالِ بعضِ أعضائه ببعض؛ فمتى انفصلَ واحدٌ عن الآخر وبَايَنَهُ في صحَّة التركيب، غادر الجسمَ ذا عاهَةٍ تتخوَّنُ محاسنَه، وتُعَفي معالِمَه؟ وقد وجدت حُذَّاقَ المتقدّمين وأربابَ الصناعةِ من المحدَثين يحترسون في مثل هذا الحال احتراساً يجنّبهم شوائبَ النقصان، ويقفُ بهم على محَجَّةِ الإحسان حتى يقعَ الاتّصَالُ، ويُؤْمَن الانفصال، وتأْتِي القصيدةُ في تَنَاسُب صدورها وأعجازها وانتظام نسيبها بمديحها كالرسالة البليغة، والخُطْبَة الموجَزَة، لا ينفصلُ جزءٌ منها عن جزء، وهذا مذهبٌ اختصَّ به المحدَثون؛ لتوقّدِ خواطرهم، ولُطْفِ أفكارِهم، واعتمادهم البديع وأفانينه في أشعارهم، وكأنه مذهبٌ سهّلَوا حَزْنَهُ، ونهجوا رَسْمَهُ؛ فأمَّا الفحول الأوائل ومَنْ تَلاَهُمْ منَ المخضرمين والإسلاميين فمذهبُهم التَعالم عن كذا إلى كذا وقُصَارَى كلِّ واحدٍ منهم وَصْفُ ناقتِه بالعِتق والنَّجَابة والنجاء، وأنه امتَطاها فادّرع عليها جِلْبَابَ اللّيل، وربما اتَّفق لأحدِهم معنى لطيف يتخلّص به إلى غرضٍ لم يتعمّده إلا أن طبعه السليم، وصِراطه في الشعر المستقيم، نصبا مَنَارَه وأوقدا باليفاع نارَه؛ فمن أحسن تخلّص شاعر إلى معتمده قولُ النابغة الذبياني: الطويل:
    فكَفْكَفْتُ منّي عَبرَةً فَرَدَدْتُها ** على النَّحْرِ، منها مستهلّ ودامعُ
    على حينَ عاتبْتُ المشيبَ على الصِّبَا ** وقلتُ : أَلمَّا أَصْحُ والشيبُ وَازعُ
    وقد حالَ هَم، دونَ ذلِكَ، شاغِلٌ . . . مكان الشِّغافِ، تَبْتَغِيه الأَصابعُ
    وعيدُ أبي قابوسَ في غير كُنْهِه . . . أتاني ودوني راكِسٌ فالضَّواجعُ
    وهذا كلام متناسب تقتضي أوائلُه أَواخره، ولا يتميّز منه شيء عن شيء: الطويل:
    أتاني، أبيتَ اللعن، أنك لُمْتَني . . . وتِلك التي تَسْتَكُّ منها المسامِع
    مقالة أن قد قلتَ سوف أناله . . . وذلك من تِلْقَاءِ مثلك رائعُ
    ولو توصَل إلى ذلك بعضُ الشعراء المحدثين الذين واصلوا تفتيش المعاني، وفتحوا أبواب البديع، واجتنوْا ثمرَ الآداب، وفتَحُوا زَهْرَ الكلام لكان معجزاً عجباً، فكيف بجاهلٍ بَدَوِي إنما يغترفُ من قليب قَلْبِه، ويستمدُّ عفوَ هاجسه.
    احرص على أن تنادي أشياء حياتك الإيمان وشريعة الله تعالى!

  2. #2
    الصورة الرمزية صفاء الزرقان أديبة ناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2011
    المشاركات : 715
    المواضيع : 31
    الردود : 715
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد البيدق مشاهدة المشاركة

    كثر الحديث عن الوحدة العضوية للقصيدة العربية في العصر الحديث تأثرا بالغرب وعيبا على وحدة البيت في القصيدة العربية- بكيفية توحي أن هذا الأمر لم يخطر للقدماء نقادا وشعراء، لكن الدكتور زكي مبارك في كتابه المتميز "النثر الفني في القرن الرابع" قد نقل في الجزء الثاني ص136 ما نقله أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني في كتابه "زهر الآداب وثمر الألباب" عن الحاتمي أحد نقاد القرن الرابع الهجري تحت عنوان "القصيدة والإنسان" ما يؤكد معرفة النقاد قديما هذه الفكرة.

    دراسة جميلة . جميل ٌ ان نبحث في امهات الكتب لنستخرج منها درراً ما كنا ندرك روعتها او وجودها فيكثر الثأثر بالغرب ونظرياتهم
    دعوة جميلة لاعادة النظر والبحث في كتب اللغة العربية لاستخراج كنوز رائعة منها واعادة احيائها

    دمت بخير

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.68

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فريد البيدق مشاهدة المشاركة

    كثر الحديث عن الوحدة العضوية للقصيدة العربية في العصر الحديث تأثرا بالغرب وعيبا على وحدة البيت في القصيدة العربية-
    ....
    وقد وجدت حُذَّاقَ المتقدّمين وأربابَ الصناعةِ من المحدَثين يحترسون في مثل هذا الحال احتراساً يجنّبهم شوائبَ النقصان، ويقفُ بهم على محَجَّةِ الإحسان حتى يقعَ الاتّصَالُ، ويُؤْمَن الانفصال،
    ....
    وربما اتَّفق لأحدِهم معنى لطيف يتخلّص به إلى غرضٍ لم يتعمّده إلا أن طبعه السليم، وصِراطه في الشعر المستقيم، نصبا مَنَارَه وأوقدا باليفاع نارَه؛

    هو التعلق المريض بما يأتي من الغرب إيمانا بهم واعتناقا لوهم تفوقهم، حتى لقد فرضوا على آدابنا مجون فكرهم وجنون حرفهم، وصار مما يحلو به الأدب في رأي أدعيائه احتواءه تراكيب وصور متداخلة لا يفهم المتلقي بعد قراءتها شيئا مما أراد الكاتب، بل ولعل الكاتب أيضا لا يعرف ما أراد، فقد بات معلوما لدى المطلعين أن رواد ذلك من أدباء الغرب كانوا يبدعون سخافاتهم بعد تعاطي المخدر والمسكر..
    مداخلة خرجت بها عن موضوعك القيّم، فاعذرني استاذنا ولكنها حروفك اثارت في النفس شجنا لما نرى من إنكار لأصيل أدبنا بفنونه ومزاياه وتفوقه الذي يعرفه ويقر به كل منصف، وتعلق في المقابل بما يردنا من أعاجم الفكر والحرف ومريديهم.

    شكرا لبحوثك القيمة وإضاءاتك الرائعة

    دمت بألق
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  4. #4
  5. #5

المواضيع المتشابهه

  1. آخر مفتتح للقصيدة
    بواسطة عزت الطيرى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 07-04-2007, 06:36 PM
  2. كتابات خطية للقصيدة الرائعة ( البردة ) لكعب بن زهير
    بواسطة أبو حسن في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 12-02-2007, 07:41 PM