قصة
( وكفانا النظرُ الكلامَ ) ...
بقلم / محمد محمود محمد شعبان
كتبتها ، لأرسلها .. لحملة ( أنا بدأت بنفسي )
================================
(((( جاري يدخن السجائر وبشراهة متناهية النظير ، ودائما يجلس في شرفته يهاديني برائحة الدخان التي لا أتحملها أنا ولا بناتي وزوجتي ، والأمر الذي يزيد الطين بلة أنه يلقي أعقاب السجائر في الشارع لأصبح أجد الشارع مكتسيا بها ، وبدلا من أن أرسل نظري لمنظر جميل يسر العين أضطر لمشاهدة المنظر المؤذي ، ولا أرى بدا من الدهس في تلك الأعقاب وتلتصق طبعا بنعلي وتصاحبني لعملي وللمسجد وأخيرا للبيت ، وأمسى كل من يزورني يظن أنني مدخن من كثرة الأعقاب المنثورة على درجنا ، ومما زاد الأمر سوءا ما أصبح يلاقيه جاري العزيز من شجار وعراك من المارة الذين تُلقَى عليهم الأعقابُ المشتعلةُ ـ وبدون قصد منه ـ لأنّ الناس أضحت تتأذى ، وجاوز السيل الزُّبا.. فمنهم من يصيبه العقب في شعره وآخر يخرق العقب ثيابه ، ناهيك عن الأطفال الذين يتخذون من الشارع ناديا وملعبا .. لا مناص من أن يصبحوا ـ وعذرا في التشبيه ـ
(مشروع سبرسيَّه ) لأن فضول هؤلاء الأطفال يدعوهم دائما لتناول عقب السيجارة والتقامه ليجرب شعور المدخن الأصلي وبدلا من أن يضع القلم في فمه ويتظاهر بأنه مدخن بات الأمر سهلا ميسورا، وفي متناول يده أن يصير مدخنا محترفا .... ، وجارنا العزيز لا يراعي في الناس إلًّا ولا ذمَّة ، وتذكرت حديث
( من رأى منكم منكرًا ) وتساءلتُ بماذا أبدأ ؟ باليد أم باللسان أم بالقلب ؟ .. وفي النهاية توجهت لجاري العزيز ، وصعدتُ لشقته ، وألقيت السلام بابتسام ، وكان معي له هدية بسيطة ... ( طفاية سجائر ) ، و( كمية من أكياس الثلاجة ) ومددت يدي بهديتي ورجوته أن يقبلها مشكورًا وأنا أرسل نظرات الود إلى عينيه المحدقتين بكل دهشة ، بعدما أحالت حمرة الخجل وجهه كرة حمراء .. تناول الجار الهدية .. وكفانا النظر الكلام ))))
====================================
تحيتي
محمد محمود محمد شعبان
حمادة الشاعر
أديب ، ومفكر ، وشاعر
مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية