|
بِنَجْمِكِ مِنْ بَين الكَوَاكِبِ يُهْتَدَى |
وَنَهْجِكِ مِنْ بَين المَذَاهِبِ يُقْتَدَى |
وَدَرْبُكِ فِي الأَيَّامِ فِي رِحْلَةِ العُلا |
أَقَامَ جَدَا الأَمْجَادِ فِيهَا وَأَقْعَدَا |
تَبَارَكْتِ أَرْضًا ضَمَّتِ البَيْتَ قِبْلَةً |
وَضَمَّتْ حَنَايَاهَا النَّبِيَّ مُحَمَّدَا |
أَقَامَ لَكِ التَّارِيخُ فِي الدَّهْرِ رِفْعَةً |
تَزِيدُ مَعِ الأَيَّامِ عِزًّا وَسُؤْدُدَا |
فَمَجْدُكِ يَا شِبْةَ الجَزِيرَةِ فِي الوَرَى |
هِلالٌ بِنُورِ اللهِ يَسْطَعُ فِي المَدَى |
تَفَرَّدْتِ فِي البُلْدَانِ قَدْرًا وَقُدْرَةً |
كَأَنَّ بِلادَ الأَرْضِ تَخْشَى التَّفَرُّدَا |
وَسِرْتِ عَلَى الرَّمْضَاءِ وَالكَوْنُ مُظْلِمٌ |
وَصِرْتِ إِلَى العَلْيَاءِ وَالنُّورُ قَدْ بَدَا |
عَلَوتِ عَنِ الأَقْوَامِ غَيرَ بَعِيدَةٍ |
فَسُبْحَانَ مَنْ أَدْنَاكِ مِنْهُمْ وَأَبْعَدَا |
بِلادًا رَعَاهَا اللهُ لِلدِّينِ قِبْلَةً |
وَدَارًا لِمَنْ صَلَّى وَزَكَّى وَوَحَّدَا |
أَمَا وَالذِي أَعْلَى مَقَامَكِ إِنَّنِي |
أُحِبُّكِ يَا أَرْضَ العُرُوبَةِ وَالهُدَى |
إِذَا أَتْهَمَ الأَحْبَابُ يَمَّمْتُ مُتْهِمًا |
وَإِنْ أَنْجَدَ الأَحْبَابُ يَمَّمْتُ مُنْجِدَا |
وَإِنْ زَارَنِي طَيفٌ مِن الشَّوقِ بَارِقٌ |
ضَرَبْتُ لِقَلْبِي فِي سَحَابِكِ مَوْعِدَا |
وَأَرْضُكِ لَو مَسَّ الحَسُودُ جَلالَهَا |
لَكُنْتُ لَكِ الصَّوتَ المُنَافِحَ وَالصَّدَى |
وَرُبَّ يَرَاعٍ فِي أَنَامِلِ صَادِقٍ |
يَبُزُّ حُسَامًا فِي أَكُفِّ مَنِ اجْتَدَى |
أَنَا ابْنٌ لِهَذَا القَومِ مِنْ آلِ يَعْرُبٍ |
تَعَمَّمَ فَخْرًا بِالمَكَارِمِ وَارْتَدَى |
فَأَهْلُكِ أَهْلِي إِنْ أَقَالُوا وَإِنْ قَلَوا |
وَأَصْلُكِ أَصْلِي إِنْ أَعَادَ أَوِ اعْتَدَى |
فُرُوعِي تَعِيشُ القُدْسَ مِنْ نَسْلِ فَاتِحٍ |
وَجَذْرِي إِلَى قَومِي قُرَيْشٍ تَمَدَّدَا |
وَلَو أَنَّنِي خُيِّرْتُ حَيًّا وَمَيِّتًا |
لَمَا اخْتَرْتُ إِلا أَرْضَ يَثْرِبَ مَقْصِدَا |
فَسِيرِي نِيَاقَ الشَّوقِ بِالرَّكْبِ نَحْوَهُمْ |
أَسُوقُ لَهُمْ وفْدِي وَأُبْدِي التَّوَدُّدَا |
إِلَى حَائِلٍ أَشْتَمُّ مِنْ رِيحِ حَاتِمٍ |
مَكَارِمَ أَبْدَاهَا الزَّمَانُ وَخَلَّدَا |
وَخُذْنِي إِلَى الأَحْسَاء فَالتَّمْرُ نَاضِجٌ |
وَمِنْهَا إِلَى الدَّمَّامِ فَالزَّيتُ جَوَّدَا |
وَعَرِّجْ عَلَى صَرْحِ الحَضَارَةِ وَالعُلا |
دَلِيلًا عَلَى فَنِّ العَمَارَةِ شُيِّدَا |
وَأَعْنِي الرِّيَاضَ المُسْتَقِرَّةَ فِي الذُّرَى |
بَنَى الجُهْدُ فِيهَا المَجْدَ صَرْحًا مُمَرَّدَا |
وَطِرْ بِي إِلَى نَجْرَان أَرْتَادُ رَوْضَهَا |
وَسِرْ بِي إِلَى جِيزَان أَشْدُو مُغَرِّدَا |
وَطُفْ بِي عَلَى الأَنْحَاء فِي حِضْنِ طَائِفٍ |
تَطِيبُ بِهَا الآلاءُ شَهْدًا وَمَشْهَدَا |
وَإِنِّي إِلَى دَارِ الجُدُودِ بِمَكَّةٍ |
أَكَادُ مِن الأَشْوَاقِ أَنْ أَتَشَهَّدَا |
هُنَالِكَ فِي البَيتِ العَتِيقِ وَقَدْ رَنَتْ |
جَمِيعُ القُلُوبِ الوَالِهَاتِ تَعَبُّدَا |
تَحُجُّ وَمِنْهَا القَلْبُ للهِ خَاشِعٌ |
وَتَدْعُو وَدَمْعُ العَينِ يَدْعُو مُرَدِّدَا |
وَفِي جُدَّةِ الأَفْرَاحِ بِالحُبِّ نَلْتَقِى |
كَمَا تَلْتَقِى فِيهَا الثَّقَافَاتُ فِي المَدَى |
وَسِرْ بِي طَرِيقًا نَحْوَ يَثْرِب سَارَهَا |
رَسُولُ الهُدَى أَقْفُو خُطَاهُ فَأَسْعَدَا |
فَقَدْ شَاقَنِي مِنْ رَوْضِ طيبَةَ هَاتِفٌ |
تَرُدُّ عَلَيهِ الرُّوحُ: نَفْسِي لَهُ الفِدَا |
أَيَا مَوْطِنًا لِلصِّيدِ مِنْ نَسْلِ مَنْ عَلَوا |
غَطَارِيفَ طَابَتْ فِي القَبَائِلِ مَحْتِدَا |
تَسَامَتْ فَلَمْ تَرْضَ الدَنَايَا خَلِيقَةً |
وَعَزَّتْ فَلَمْ تَرْضَ الدَّنِيَّةَ مَقْعَدَا |
رِجَالٌ لَهُمْ نَحْوَ المُرُوءَةِ وَثْبَةٌ |
وَلِلرَّأْيِ هُمْ عِلْمٌ وَحِلْمٌ وَمُنْتَدَى |
وَمِنْ كُلِّ حُرٍّ يَحْفَظُ العَهْدَ شَامِخًا |
مَتَى رَاوَدُوهُ الذُّلَّ يَأْبَاهُ سَيِّدَا |
فَإِنْ كَانَ عَصْرُ الجَاهِلِيَّةِ مُشْرِكًا |
فَمَا عَدِمَ الأَخْلَاقَ وَالفَخْرَ وَالنَّدَى |
وَلَمَّا أَتَى الإِسْلامُ لِلحَقِّ هَادِيًا |
تَنَادَوا إِلَى الإِيمَانِ وَالبِرِّ وَالهُدَى |
وَسَارُوا بِنُورِ اللهِ فِي الكَونِ دَعْوَةً |
تُحِيلُ تُرَابَ النَّفْسِ فِي النَّاسِ عَسْجَدَا |
أَقَامُوا عَلَى الأَجْيَالِ دَارًا مَنِيعَةً |
لَهَا هَيْبَةٌ تُخْشَى وَقَدْرٌ تَسَيَّدَا |
إِذَا هَبَّتِ النَّكْبَاءُ هَبُّوا إِلَى الوَغَى |
لُيُوثًا تُذِيقُ البَغْيَ سَيفًا مُهَنَّدَا |
وَإِنْ عَمَّتِ السَّرَّاءُ لَمْ يَتْبَعُوا الهَوَى |
وَلَمْ يَهْجُرُوا عِلْمًا وَحُكْمًا وَمَسْجِدَا |
فَلَمَّا عَلَى الأَيَّامِ هَانُوا تَهَاوَنُوا |
وَأَصْبَحَ حُرُّ المَجْدِ عَبْدًا مُقَيَّدَا |
حِجَازٌ وَنَجْدٌ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَهَا |
وَقَدْ جَاءَهَا عَبْدُ العَزِيزِ فَوَحَّدَا |
هُوَ الفَتْحُ أَحْيَاهَا بِلادًا وَأُمَّةً |
تُفَاخِرُ بِالإِنْجَازِ أَرْضًا وَفَرْقَدَا |
عَجِبْتُ لَهُ عَزْمًا أَجَدَّ وَدُونَهُ |
مَهَامِهَ لَمْ يَعْرِفُ بِهَا الإِنْسُ مَعْهَدَا |
وَأَتْبَعَهُ نَسْلٌ عَلَى العَهْدِ سَائِرٌ |
فَيَا فَيْصَلٌ لَو عُدْتَ نَبْتَدِرُ العِدَى |
وَهَا جَاءَ عَبْدُ اللهِ خَيرَ خَلِيفَةٍ |
وَسُلْطَانُهُ أَمْسَى قَرِيرًا مُؤَيَّدَا |
إِمَامَ الهُدَى المَرْجُوَّ فِي كُلِّ حَادِثٍ |
أَبَى اللهُ إِلا أَنْ تُعَزَّ وَتُحْمَدَا |
تَقَلَّدْتَ عِزَّ المُلْكِ فِي دَارِ عِزَّةٍ |
وَمِثْلُكَ أَحْرَى فِيهِ أَنْ يَتَقَلَّدَا |
وَمَا زِلْتَ تُولِي بِالمَكَارِمِ مَنْ أَتَى |
وَتَهْدِي إِلَى قَصْدِ السَّبِيلِ فَتُرْشِدَا |
فَيَا خَادِمَ البَيْتَينِ مَا زَالَ ثَالِثٌ |
يَئِنُّ وَرِجْسُ القَيْدِ أَكْدَى وَأَكْمَدَا |
يُنَادِي عَلَى الأَحْرَارِ مِنْ آلِ يَعْرُبٍ |
وَإِنَّكَ أَوفَى مَنْ يُجِيبُ لَهُ النِّدَا |
وَقَومٌ سَقَاهُ القَهْرُ كَأْسَ تَشَرُّدٍ |
أَتَرْضَى لَهُ فِي الأَرْضِ أَنْ يَتَشَرَّدَا |
وَقَومٌ بِشِعْبِ الغَدْرِ طَالَ حِصَارُهُ |
فَهَلْ ثَمَّ بَعْدَ اللهِ إِلاكَ مُنْجِدَا |
فَخُذْهَا رَعَاكَ اللهُ مِنْ قَوْلِ شَاعِرٍ |
وَعُذْهَا رَعَاكَ اللهُ مِنْ قَوْلِهَا سُدَى |
إِذَا لَمْ يَقُمْ لِلنَّصْرِ مِثْلُكَ فَارِسًا |
تَسَاقَى كُؤُوسَ النَّصْرِ فِي الأُمَّةِ الرَّدَى |
وَأَنْتَ عَلَى أَنْ تَنْصُرَ الحَقَّ قَادِرٌ |
يَعُزُّ بِكَ الإِسْلامُ فَامْدُدْ لَهُ اليَدَا |
أَقِيلُوا عِثَارِي يَا أَحِبَّةُ إِنَّنِي |
أَغَارُ عَلَى الأَوْطَانِ مِنْ جَوْرِ مَنْ عَدَا |
أَرَى المَوتَ عَمَّ الخَلْقَ فِي كُلِّ سَاحَةٍ |
وَأَخْشَى عَلَى الإِحْسَاسِ أَنْ يَتَبَلَّدَا |
وَأُشْفِقُ أَنْ تَفْنَى المُرُوءَةُ فِي الوَرَى |
وَتَبْقَى دَعَاوَى الخَيرِ قَولًا مُجَرَّدَا |
أَرَى قِبْلَةَ الإِسْلامِ نَهْجَ تَوَحُّدٍ |
فَهَيَّا بَنِي الإِسْلامِ نَحْيَا التَّوَحُدَّا |
وَكُونُوا كَمَنْ يَحْيَا الوُجُودَ مُخَلِّدًا |
وَلَيسَ كَمَنْ يَحْيَا الوُجُودَ مُخَلَّدَا |
وَعُودُوا لِحَبْلِ اللهِ وَاعْتَصِمُوا بِهِ |
نَعِزُّ بِإذْنِ القَادِرِ اليَوْمَ أَو غَدَا |