آه .. آه .. ماء .. ماء ..
هل لى بكوبٍ ماء ؟؟
نعم .. شكراً ..
جلو جلو جلو ..
الحمدلله ..
اعذرونى لدخولى المفاجئ المرعب .. فقط اعطوا لى فرصة لأجمع أنفاسى ..
احم احم .. حسناً .. السلام عليكم أساتذتى أيها الأعضاء الكرام ..
أنا غريب .. لستُ غريباً فى شخصى فأنا مجرد آخر ، و لكنى عنكم غريب ..
جئتُ من جنة خضراء ..
كانت يوماً جنة حتى ظهر وباء ..
وباءٌ غريب قتل كل مثقف و كاتب و أديب ..
وباءٌ زاحف سفك بكل شاعر و غانى و عازف ..
فتحولت الجنة إلى صحراء ..
صحراء جرداء بلا ماء بلا دواء ..
فتحوَّل سكانها الأرقياء إلى أشياء ..
و تشربتْ أراضيها السمراء بالدماء ..
ما بين دماء مقتول أو مظلوم أو نازف ..
يرقبها من داخل جحره راجفٌ خائف ..
فقررت أن أجازف ..
و تركتُ رماد الجنة و قطعتُ صحارى الأخطار ..
فواجهنى ما واجهنى من مدنٍ عمَّها دمار حكمَها أشرار ..
و ليالٍ باردة كالثلج و نهارٌ حارٌ كالنار ..
حتى رأيت أمامى سرابَ نخيلٍ و أشجارٍ و أنهار ..
فإذا بها ليست سراباً .. إنها استراحة ..
استراحة فى واحة ..
و ها أنا ذا أمامكم ، مشعثاً مترباً عطشاً تعباً غير مبال ..
ألقى عليكم التحية و السلام ..
فاسمحوا لى أن أتخذُ مقعداً فى طرف ، أتنفس من أعطارِ الكلمات و أطربُ بغناءِ الأشعار ..
و أدعو الله ألا يزحف الوباء على هذه الواحة ...