ابنتى الحبيبة الدكتورة مها
مات عبد الناصر وعرف الشرفاء فى عالمنا العربى قيمته وادركوا قدره
استمعى معى الى هذه الكلمات التى ترثيه
انها ليست كلمات من قبل مصر
بل من الكويت
استمعى اليها
اعزائى
لم يكن موت عبد الناصر موت لاحلام المصريين وحدهم
بل كان موتا لكل الاحالم العربية
وهكذا رثاه كل شرفاء العرب
واسمحوا لى ان اعرض عليكم بعض مما رثته به الشيخة/ سعاد الصباح ابنة الكويت
أثناء تسكعى على ارفف مكتبتي وجدتها بكل جلالها وعبقريتها ترسل تحياتها إلى الزعيم والبطل / جمال عبد الناصر
وكان لابد أن أقف وأحييها أنها الشاعرة الدكتورة / سعاد الصباح حاملة الدكتوراه فى الاقتصاد من إنجلترا وابنة الكويت وقرينة الشيخ المرحوم / عبد الله مبارك الصباح نائب حاكم الكويت السابق وإحدى أهم الشخصيات النسائية فى عالمنا العربي
اسمعوها معى واسمعوا كلماتها فى حق القائد البطل
كنا كبارا معه فى كتب الزمان
كنا خيولا تشعل الآفاق عنفوان
كان النسر الخرافي الذى يشيلنا
على جناحيه إلى شواطئ الأمان
كان كبيرا كالمسافات
مضيئا كالمنارات
جديدا كالنبوءات
عميق الصوت كالكهان
وكان فى عينيه برق دائم
يشبه ما تقوله النيران للنيران
كنا شموسا معه
توزع الضوء على مساحة الأكوان
كنا جبالا معه ..من حجر الصوان
وكان يحمينا من الركوع والهوان
كنا نسمى باسمه
إذا نسينا مرة أسماءنا
كنا نناديه جميعا يا أبى
إذا أضعنا مرة آباءنا
فهو الذى أطلقنا من رقنا
وهو الذى حررنا من خوفنا
وهو الذى
أيقظ فى أعماقنا الإنسان
كان هو المهدى فى خيالنا
وكان فى معطفه يخبئ الأمطار
وكان إذ ينفخ فى مزماره
تتبعه الأشجار
وكان فى جبينه سنابل وحنطه
وفى رنين صوته ما يشبه الأذان
وكان فى قدرته أن يطلع السنابل
ويجمع القبائل
ويستثير نخوة الفرسان
ويرجع الملك إلى بيت بنى عدنان
والله ما كذبت يا سيدتى كان كذلك وأكثر . أرأيتم كيف كانت ابنة الكويت ترى جمال عبد الناصر لم أشأ أن أراه بعيون مصرية وفضلت اليوم أن أراه بعيون عربية اسمعوها تعتذر إليه عن حالنا بعدما خذلناه وتركنا طريقه الذى اختاره لنا
يا ناصر العظيم
هل تقرأ فى منفاك أخبار الوطن
فبعضه مغتصب
وبعضه مؤجر
وبعضه مطبع
وبعضه مستسلم
وبعضه استسلم
وبعضه ليس له سقف ولا أبواب
يا ناصر العظيم
لا تسأل عن الأعراب
فإنهم قد أتقنوا صناعة السباب
وواصلوا الحوار بالظفر والأنياب
وحاصروا شعوبهم بالنار والحراب
يا ناصر العظيم
سامحنى فما لدى ما أقوله
فى زمن الخراب
صدقت يا سيدتى لم يعد هناك ما يقال فى زمن الخراب ولكن اليأس ترف ليس من حقنا التمتع به فثمنه سيكون مستقبل أمة وصفها ربها يوما بأنها خير أمة أخرجت للناس لهذا سأقول وأظل اردد الكلمات التى أتمنى أن تستطيع إفاقة الأمة يوما فهكذا علمنى ناصر أن أسمو فوق اليأس وأترفع عن الصغار وأرنو دائما إلى الشمس وانتظر مشرق النهار
ترى من يرفض اليأس وينتظر معى مشرق النهار
جمال النجار [/size]