1- نمر اليوم بحالة انقلاب وثورات تبشر بالعدل وهزيمة الباطل .
ورغم أن فكر الثورة مازال لايستوعب التحول المفاهيمي للثوار ، وهو امتحان مصيري مقلق في "جدول القيم"
2- في مصر أصبح "هرم أولويات الثورة " في وضع مقلوب ، فهل القائد العادل سيوجد المجتمع العادل أم العكس ؟ ومعلوم أن تاريخ (القائد) قد مر بثلاث أطوار : في السبعينيات مارس دوره من فوق منابر المساجد يعرض الخطاب الشرعي ، ثم وجدناه دخل سجون الدولة في الثمانينات ، ثم وضع في قفص الاتهام بعد أحداث سبتمبر .. وهو اليوم يتزعم قيادة مؤسسة الدولة محاولاً نزع آثار الظلم الذي وقع عليه....
الشيخ حسن البنا أكد على أن طرائق الإصلاح تتم من داخل النظم السياسية ذاتها، أما الشهيد سيد قطب فاعتبر أن نظام (الحكم) الناصري نظام جاهلي، وأن الحديث عن إصلاح من داخله هو استنبات للبذور في الهواء، وأنه لا بد من تغيير النظام تغييراً جذرياً، باعتباره ينازع الله أخص خصوصياته وهو حق التشريع . بينما لازال الفكر السلفي والجهادي يقف اليوم خارج صلاحيات السلطة ..
هل يستطيع الرئيس مرسي رسم خارطة تستوعب كل تلك المواقف ؟
3- الموقف من تراث الشريعة الفكري واسقاطاته على ما يمس واقعنا المعاصر ونحن نتلمس بناء الدولة الحديثة التي تنص على أنها شرعية... يستفز وعينا ويحتم واجب التخلص من التنظير اللاواقعي والتخلص من التطبيق اللاشرعي.
بعض الشباب يمارس قراءة "نصوص الوحي وتراثها" قراءة نهضوية وهو أمر محمود . ولكن عند التطبيق نجده يبحث داخل هذه النصوص عن مفاهيم تدعم " المدنية " ولن نخرج من هذه الإشكالية إلا بتحديد دور مؤسسة الفقهاء ..
هل يأخذ الفقيه دوره داخل حركة التصحيح فهو كــ( ولاية الفقيه ) كما في إيران ؟
أم هو الفقيه الذي يشرف على كتابة الدستور لضمان شرعيته الدينية ؟
أم هو الفقيه الراصد لمنتجات الثورة الناصح في خطب الجمع الذي يفضح الزور في مؤسسات الدولة الفتية. وبمعنى أدق :
ماهي شروط السيادة لهذا الفقيه وما مدى صلاحياته في الدولة المدنية ؟ أسئلة تحتاج إلى تمحيص !!
اليوم في العراق يدور حديث عن (فيتو لفقهاء الشريعة) للتحكم بفقهاء القانون في المحكمة الاتحادية وهي أعلى سلطة في الدولة !!
4- الموقف من الغرب :
كيف نضبط تاريخنا في علاقاتنا مع الغرب تصحيحاً ثورياً ؟
الخطورة تكمن في مدى مساهمتنا الحقيقية التي سنحاول أن نقدمها للعالم ونحن نحمل مفهوم ( عالمية الإسلام ) وبنفس الوقت نصطدم بعواقب مخيفة عن فكرتي (التسييس) للعولمة و(المديونية) لصندوق النقد الدولي ...
آن الأوان لتصحيح تقسيم فقهائنا الأقدمين الدنيا إلى دارين : دار الإسلام ودار الكفر. باشتقاق الوصف من عقيدة أهلها، فطبيعة النظم السياسية الحاكمة اليوم هي التي تحدد القواعد المسيطرة على علاقات بلادنا مع غيرنا من البلاد ، وهي قواعد لا علاقة لها بالعقيدة لا من قريب ولا من بعيد.
5- تفسير ماحصل ، وكيف خنقتنا الدكتاتوريات ؟ توجب تمحيص ظاهرة الطغيان السياسي الذي أسقطته الثورة ، ما الذي حدث بالضبط ؟ وهل الثورة انقلاب قيمي معياري ؟
ولسنا هنا بصدد حجم انتهاكات الرؤساء الذين اطاحت بهم الثورات لحمى الشريعة والفضيلة ، بل تفسير صمت الجمهور لسنوات طوال من الخضوع ! كل ذلك بغرض تجنب تكرار تلك المأساة .
6- الظرف الأمني واستعادة بوصلة العدل هو مطلب فكري قبل أن يكون إجرائي ، فمفاهيم الرشوة والمحسوبية والتواكل في النسب لم تزل تحكم الواقع حتى بعد الثورة.
ومن أجل مستقبل الثورات : لابد من منهج فكري شديد الوضوح يقود الثوار الأبطال ..