اتصالكنتُ مع خير جليس أحادثه ويحادثني أسأله ويجيبني أشكو له فيواسني أتوه فيرشدني أبكي ويضحكني هكذا قضينا شوطاً من يومنا بسعادة وإن لون بلون الحزن ..
كان إحساسي يناقضُني ويلقي بنظره نحو هاتفي المحمول..
ومع كل هذا فأنا لا أنتظر اتصالا من شخصٍ ...وبين هذه الأثناء رن هاتفي وشعرتُ ببركانٍ يتفجر في الهاتف كان بداخلي قبل أن ينتقل إلى الهاتف وصورة بلادي لم تفارقني كحديقةٍ منعوا عنها الماء ....
الريح عاتيةٌ وزوابعها الصغيرة تجلب نحوها أوراقاً وأكياساً وعلب سكَائر
وصاحبها رجلٌ عجوز لم يقدر على فعلِ شيء وأبنائه يسرقون أنفسهم ليسقوا الحديقة ويبعدوا ما سنح لهم الوقت أن يفعلوه
رن الهاتف مرةً أُخرى وبنفس الشِدة التي كان عليها أول مرة فأجبت كي أعرف من يكون صاحب الاتصال وإذا به دَوليِ...ذهلت لأني لا أعرف أيُ شخصٍ خارج بلادي ومع الذهول هرعت مجيباً للاتصال وبسرعةٍ قالت:أأنتَ من أضنهُ؟؟
...الذي شد انتباهي فتاةٌ تتكلم بلهجة بلادي وكأنها لم تتوقع أن الاتصال سينجح
قلت: نعم وما تريدين؟
وبصوتٍ يملأه الدفء والحنان ويلهبه الشوق والحرمان مرهف الإحساس شُغِفَ بالحب الصادق قالت: سأسافر بسفينةٍ خُليت من الأعمدة والأشرعة وسأمضي أصارع الأمواج تلو الأمواج حتى ترسو بي هذه السفينة على ميناء مقلتيك كي أتزود من أعماق ذاتك بأجمل العبرات لأطمئن بعد رحلتي وأنا قريرة العين بين أمواج هذا الحب الذي لم يعرف متى ترضى أمواجه ويسكن إحساسه الغاضب من أشكال العواطف المزيفة حتى تتضح الشمس ويزول الغمام.........
وبينما هي تتكلم بهذا الأُسلوب الشفاف والرقي من المفردات أخذت أفكاري بعضها بعضاً وسافرت مع هذه الكلمات علها تجد بين أنغامها جواباً بحجم هذا التناسق..
قلت: لن أجعلها مخلاة وإن يكن فسأجعل أضلعي أعمدةً لها وأسلخ من جلدي شِراعاً لها إن لم يكن هناك شِراع وسأنزف دمائي وأخطها أجمل الكلمات وإن لم يبقى مني سوى الروح أجعلها مروحةً تدفع بالرياح نحو الأشرعة كي تنطلق وتخترق هذه الأمواج التي أمام وجه السفينة حتى توصلك إلى بر الأمان ....
وبينما أبادلها نفس الإحساس غشيها الصمت وأصابها الذهول والصدمة
قالت: من المتكلم؟
قلت: هو من أحزنته الأيام وبكاه دجلة والفرات هو من لأجله تتلألأن النجوم في الليل أحلى الساعات ..هو..العــراق ..العـراق.. وصرخت بعتابٍ هو العــراق.. فحالت بيننا زفرات ووقع الدموع مباغةً أنقطع الاتصال ومضت الثواني إلى حيث لا أعرف وبقيت أنا وموطني وجراحاتي...
تأليف
قصي النوري