|
يا ليلُ جاءك نور الفجر فانكشفِ |
وازّلزلي يا صروح الظلمِ وارتجفي |
ما أحوج الأمة الحيرى إلى شفقٍ |
يطوي سواد الأسى والضيم والأسفِ |
طال انتظارك في عينٍ مسهّدةٍ |
و مهجةٍ مزّقتها زفرة اللهفِ |
وغيّبت تحت أمواج الردى سفنٌ |
و كَدّرَت ظلمة الأحزان كلَّ صفي |
يا مدرج الوحي.. يا قدسي.. ويا كبدي |
فديت جند الهدى في ساحة الشرفِ |
فديتُ كلّ فدائي ٍ بمهجتهِ |
يغشى الوغى بفؤادٍ غير منكشفِ |
فديت تلك العيون الباكيات على |
مرأى الشهيد .. مسجّى النحر والكتف |
فديت تلك الجفون الساهرات على |
رأس الجريح بلبّ ٍ غير منصرفِ |
فديت تلك الوجوه الذاعرات وقد |
أحاطها المعتدي من كل مُزْدَلَفِ |
فديت أشجان شيخٍ شاب حاجبهُ |
ملّته حتى عصى الترحال.. مرتجِفِ |
فديت زفرته الحرّى ودمعته |
على حطام ٍ من الجدران والسُقُفِ |
فديتها من فتاة عفّة ٍ رَزَنٍ |
عافت حياة الهوى و الزيف و الترفِ |
فديتها طفلةً غضّاء َ خائفةً |
والموت يبدو لها من كل منعطفِ |
ألقت حقيبتها رعباً وخبزتها |
هيماء شاردة ً من غير مُقْتَرَفِ |
أفدي الأرامل في فقرٍ و مغتربٍ |
فمّن يواسي نشيج الخافقِ الذَرِفِ |
فديته من صبيٍ شامخٍ جَلِدٍ |
ذي مرّةٍ.. جذلٍ في لجّة التلفِ |
عثى بترسانة الطغيان فارتجفت |
و اجتالها بفؤادٍ غير مرتجفِ |
يا من أُخذتَ بصاروخٍ وقنبلةٍ |
إن الشجاع شجاع القلبِ والهدفِ |
فديت دمع اليتامى في تحرقّهم |
لهفي عليهم.. فهل أجداهمُ لهفي |
على الشفاه عن الآباء أسئلةٌ |
فمن يجيب سؤال الحائر الدَّنِفِ |
فديت كل شجاعٍ جال مئتزراً |
بمحزم الموت يروي ظمأة الشغفِ |
يا أنت: من أنت؟! قال: الدين مُدَّخري |
وفي ثغور الفدا عيشي ومُعْتَكفي |
سعى إلى جنّة الفردوس فابتهجت |
له العرائس في الأفياء والغُرفِ |
وضاع منه تراب الأرض مختضبا |
شتان بين عبير المسك و الجيف |
أسماؤكم في طريق المجد ألويةٌ |
والله خلّدها في أرفع الصحفِ |
فداك روحي فؤاد الأم مصطبرا |
ماذا تضمّد في شريانه النَّزِفِ |
سقت غراس العلا من ثدي مُحْتَسَبٍ |
فانهارَ منها جدار البطش والصلَفِ |
و عبّأت شبلها في يوم تضحيةٍ |
و قَبّلته على بوابة الشرفِ |
قالت له- والفؤاد الصبُّ محترقٌ |
وللأمومة شوقٌ صادق الكَلَفِ |
ما قرّب الموت إقدامٌ وتضحيةٌ |
وليس دون الردى كنٌّ لمكتنِفِ |
تهون لله أنفاس ٌ و أوردةٌ |
طاب الغراس وطاب اليوم مُقْتطفي |
أغار ثم أعاد الطرف فابتسمت |
و حركّت كفّها: فجّر و لا تخفِ |
يا رب شفّع شهيدا كنتُ أذخرهٌ |
إذا تطايرت الأيمانُ بالصحفِ |
رحماك رحماك فالأشواق عاصفةٌ |
في خافقٍ موجع ٍ موفٍ على التلفِ |
لولا رجاؤك لم أثبت على قدمي |
ولم تدبّ الدِّما في الطرْف والطرَفِ |
--------------------------- |
يا أمة الوحي: هذا الشرع فاحتكمي |
عودي إلى الله عوداً خالصاً عجِلاً |
فتحت دوح التُّقى عزّي ومؤتلَفي |
ما لي أراكِ ولغتي في الهوى سرفا |
و للعدا في دمانا أعظم السرفِ |
إن عُبِدت سبل الشيطان فالتزمي |
درب النبيين والأصحاب والسلفِ |
لا يكشف البأس إلا نفرةٌ و فدا |
و عودةٌ لكتابٍ غير مختلفِ |
ما حرر الأرض إلا سيفُ مُنْتصِفٍ |
فاستدبري مركب الإذلال والسَخَفِ |
أسلافنا طوّعوا الدنيا لخالقها |
فأين تاريخنا يا معشر الخّلَفِ |
-------------------------- |
آمنت يا قدس أن تغشاك ألويتي |
صالح بن علي العَمري |
|