باب الجار
(ق.ق.ج)
الليل يعبر خط المنتصف وخطواته الثقيلة ترهق ذلك الساهر عند تأدية واجبه في حراسة حقل المواشي ، يرشق الساعة بنظراته لحظات وتبدأ استراحته ليعود الى منزله الذي لا يبعد كثيرا فيأخذ الطريق ماشيا كعادته كل ليلة.
تهادى بخفة وحده ، يسير بحذر كي لا تزل قدمه أو تصطدم بحجر ، انعطف نحو داره فشاهد باب الجار مواربة يتلصص منها نحو الشارع بعض الضوء!
يعلم أن جاره يستدل به الطريق فهو رجل كبير , ويحب اقتناء الأشياء الخدمية كماكينة الحلاقة الكهربائية ومفكات البراغي بأنواعها وأحجامها المختلفة.
استمر في سيره غير مكترث فقد تعود خروجه ليلا، يراه يجلس مع صديق له أمام باب داره أو يعود منه ومصباحه اليدوي يسفر له الطريق.
خطوات أخرى بهدوء ، يتبعها ضجيج وأصوات من الخلف؛ حشرجة وقرقعة ثم مواء ؛ قطة تقفز على سور الدار نبح الكلب عليها طاردها بعيدا ، جفل ثم تسمر في مكانه وقلبه يخفق بسرعة "الحمد لله ما أدراني لولا هذه القطة لعلق الكلب بثيابي ، أفزعني نباحه"
أُغلقت الباب بقوة! وعلا صوت أوانٍ تسقط فوق بعضها وعلى الأرض يرتد مها صوت يثير الريبة والفضول !
لكنه ومن غير مقدمات رفع صوته مناديا "منووووو" ثم شاهد الباب تفتح ، خرج منها أحدهم وهو يركض نحوه حتى اصطدم به وسقطا أرضا ، لا يظهر من وجهه شيء سوى تلك العينان التي جدحتا في عينه ليصرخ الاثنان خوفا "من أنت ؟"
ظلا جامدين يمسك أحدهما بالآخر، ثم خرج رجل آخر مهرولا نحوهما ، يمسك بالمصباح اليدوي وجه الضوء في وجهيهما، "هذا أنت يا جار أعذرني؛ أنت تعلم بحالته" ، نظر إلى الآخر وكان ولده "أنت ماذا تفعل هنا لا حول ولا قوة إلا بالله".
نهض الجميع كل ينفض عن ملابسه التراب ، ثم أخذ الجار ولده بيده ودخلا بيتهما وأغلق الباب، التقط هو الآخر أنفاسه ، دخل إلى منزله وأغلق الباب خلفه بهدوء ، حمد الله تعالى على نعمة العقل والعافية.