دَارَتْ عَلَيْـــكَ بِكَأْسِـــهَا الأيَّـــــــامُ
وَسَـــــقَتْكَ مِمَّـــــا تَأْنَفُ الأَنْعَـــــامُ
وَرَمَتْكَ مِنْ كَفِّ الْخِيَانَــــةِ بِالرَّدَى
وَبَرَاكَ مِنْ ذُلِّ الْخُنُــــوْعِ ســــــقَامُ
يَا أيُّهُــــا الْحُــــرُّ الأَبِـــــيُّ بِمَوْطِنٍ
مِنْ كُلِّ أَصْـــنَافِ الْهَـــوَانِ يُسَـــامُ
فَالذُّلُّ فِي مَثْـــوَاكَ أَضْـحَى رَاتِعًـــا
وَعَلَى حُصُونِكَ فِي العُرُوْشِ لِئَـــامُ
السَّـــــاقِطُونَ الْخَائِنُــــونَ لِدِينِهِـــمْ
الْمُرْجِفُـــــونَ القِلَّــــــةُ الأَقْــــــزَامُ
الْمُرْتَشُــــونَ بِمَنْصِــبٍ وَبِدِرْهَــــمٍ
الوَاثِبُـــــونَ وَقَلْبُهُــــمْ إِحْجَـــــــــامُ
تَرَكُوا الزِّمَــامَ لِكَفِّ أَخْبَثِ فَاجِـــرٍ
فَــــإِذَا بِـــهِ لَكَ حَارِسٌ وَإِمَـــــــامُ
كَالثَّوْرِ هَاجَ إِلَى الدَّمَـــارِ بِقَرْنِـــــهِ
فَاللَونُ أَحْمَـــرُ وَالدِّيَــــارُ رُكَــــامُ
فِي القُدْسِ أَقْصَى الْمُسْـلِمِينَ مُدنَّسٌ
وَعَلَى المُآذِنِ يُصْلَــــبُ الإِسْــــلامُ
صَرَخَتْ فِلِسْطِينُ الْجَرِيحَةُ تَشْتَكِي
نَصْلُ القَرِيبِ يِئِـــــــزُّ لا الآلامُ
مَنْ لِلْحَرَائِرِ فِي المُصَـابِ إِذَا نَعَوا
مَوْتَ الرَّجَــــاءِ وَأُخْبِتَ الإقْـــــدَامُ
مَنْ لِلْيَتَــــامَى البَاكِيَــــاتِ كَلالَــــةً
إِنْ يَظْلِـــمِ الأَخْــــوَالُ وَالأَعْمَــــامُ
مَنْ لِلْبَرَاءَةِ حِيْنَ تَصْرُخُ مِنْ أَسْـــىً
بِفَمِ الطُّفُوْلـــــةِ طَالَهَا الإِجْــــــــرَامُ
نَصَرُوا القَضِيًّةَ بِالشِّــــعَارَاتِ التِي
ضَـــــجَّتْ بِهَا الآذَانُ وَالأقْــــــلامُ
وَتَشَـــدَّقُوا سَفَهًا بِغَيرِ عَقِيدَةٍ
فَالنُّورُ يَسْــــطَعُ وَالعُيُـــونُ ظِــلامُ
يَا أيُّهَـــــا الْحُرُّ الذِي يَرْضَى بِمَا
يَأبَــى الكَرِيمُ وَيَاْنَفُ المِقْــــــدَامُ
أفْدِيكَ مِنْ عَجْزٍ يُكبِّـــــلُ فَارِسًـــــا
إِنْ كَانَ يَوْمًـــــا يَخْنَـــعُ الضِّرْغَامُ
لِمَ أنْتَ كَالرِّعْدِيـــدِ مُرْتَعِـــدُ القُوَى
يَنْتَاشُكَ الخنْزِيــــرُ وَالأَقْحَــــــامُ
أنَسِـــــيْتَ خَالِــدَ فِي الكَرِيهَةِ فَاتِكًا
يَغْشَى الرَّدَى فَتَعِيْشُـــهُ الأَعْـــــوَامُ
وَصَلاحَ قَامَ إَلَى الصَّلِيبِ بِعِــــــزَّةٍ
حَتَّى تَألَّـــــقَ لِلْهِــــــلالِ مَقَـــــــامُ
كَمْ فَارِسٍ لَبِسَ الكَرَامَــةَ وَامْتَطَــى
سَرْجَ الشَّـــجَاعَةِ فَاعْتَلَى الإِسْـــلامُ
يَأْبَـــوْنَ قَهْــــرًا مِن قَرِيْبٍ ظَالِــــمٍ
وَإِلَــــى العَــــدُوِّ تَوثُّبٌ وَضِــــــــرَامُ
حَفِظُوا بِــهِ الأَوْطَانَ مِنْ جَوْرٍ وَمَا
سَــــجَدُوا لِغَيْرِ مُهَيْمِنٍ أَو قَـــــامُوا
وَاليَوْمَ نَجْعَلُ فِي "الْرُمُوزِ" قَدَاسَـةً
فَإِلَى مَتَـــى تُتَعَبَّـــــدُ الأصْنَـــــــامُ
وَإِلَى مَتَى نَخَشَى ذُيُـــوْلَ كِلابِهـــمْ
وَنَظُــــنُّ فِـــي إِذْلالِهِــــمْ إِكْـــــرَامُ
أَتَقُـــوْلُ آيَــــــاتٌ وَتَخْرَسُ أُمَّــــــةٌ
وَتَمُوتُ فِي إِيْمَــــانِنَا الأَكْمَامُ
أَيْنَ الكَرَامَــةُ فِيكِ أُمَّةَ أَحْمَــــدٍ
أَيْنَ الرُّجُوْلَــــةُ فِيْكِ وَالإِلهَــــامُ
يَا أُمَّـــةَ البِلْيُــــونِ وَالرُبْــــعِ التِـي
تَقَتَــــادُهَا الشَّـــهَوَاتُ وَالأَوْهَـــــامُ
عَادَ الصَّلِيْبُ لَكُـمْ يُرِيْــــدُ هِلالَكُـــمْ
فِي حِقْدِهِ الأَطْمَــــاعُ وَالأَسْـــــــقَامُ
إِنَّ العِــرَاقَ لَـــهُ بِدَايَــــةُ رِحْلَـــــةٍ
تُجْتَـــاحُ فِيْهَا الْبِيــــدُ وَالآكْـامُ
وَإِلَى الْحِجَازِ وَنَجْدَ يَكْتُـــمُ غَيْظَـــهُ
وَلِمِصْرَ جـــرْحٌ تَشْـــتَكِيهُ الشَّــــامُ
وَلَــهُ مِنَ "الكَرَزَاي" أَلْفُ مُقَامِرٍ
وَلَـــهُ مِنَ البُغْضِ المقِيْت زِمَـــــامُ
حَتّى إِذَا دَانَتْ لَـــهُ الأَمْصَـــارُ فِي
شَـــــرْقٍ وَغَرْبٍ تُذْبَـــح الأَغْنَــــامُ
هَـــذَا وَإِنَّ القَــــوْمَ أَرْحَـــامٌ لَكُــــمْ
إِلَّمْ تَقَطَّــــعُ فِيْكُــــمُ الأَرْحَـــــــامُ
فَإِلَى الْجِهَادِ إِلَى السِّلاحِ إِلَى الفِــدَا
وَعَلَى السَّـــــوَابِحِ فَارِسٌ وَهُمَــــامُ
هَيَّــا لإِحْــدَى الحُسْــنَيَينِ تِجَــــارَةً
فَالدَّرْبُ صَعْبٌ وَالخُطُوبُ جِسَـــامُ
وَلْتَحْفَظُـــوا لِلْمُسْـــلِمِيْنَ وُجُوْدَهَــمْ
بِيَدٍ فَمَا يُجْدِي الخُطُوبَ مَلامُ
إنِّي نَصَـــحْتُ لَكُمْ بِقَلْبِ مُحَــرِّضٍ
إِنْ تَسْــــمَعُوا مَا تَنْصَحُ الأَحْــــلامُ
فَاللهُ حَسْـــبُ الدِّيْن وَالوَطَن الــذِي
قَــــدْ خَانَــــهُ العُلَمَــــاءُ وَالحُكَّـــامُ
هُوَ ربُّنَــــا الرَّحْمَنُ فَوْقَ عِبَــــــادِهِ
إِنْ تَنْصُـــرُوهُ تُثَبَّتِ الأقـــــدامُ