رسم أحمد التونسي بمعية صديقه الجزائري الخطة , واشترى لذلك حمارا , ثم ظّل يركبه , و يسافر على متنه ذهابا ,و إيابا ,بين قريته التونسية , و قرية زميله الجزائري المحاذية , فهي لا تبعد سوى ساعة من الزمن فقط مشيا على الأقدام .. كانت الخطة تقتضي , أن يقدم للحمار جائزة من شعير , عند وصوله للقرية الجزائرية , أو عند عودته للقرية التونسية .. كان أحمد يسافر على متنه في واضحة النهار , و لا يحمل شيئا على ظهر حماره , فهو يريد فقط أن يجعله يتعود على الطريق , و على مكان جائزة الشعير التي تقدم له في كل مرة ....كانت الطريق وعرة بعض الشيء , و كان أحمد , و زميله يخافان عند إجتياز الحدود , لكنهما يعرفان كيف يقنعان الشرطة في حال يتم التفطن إليهما , سوف يدعيان بكل بساطة , أنهما ضلا الطريق , و الشرطة في كلا البلدين , تعرف مدى تقارب الأسر التونسية , و الجزائرية القاطنة على الشريط الحدودي ......قضى أحمد مع زميله الجزائري أكثر من أسبوع يدربان الحمار , على الطريق الجبلية , الرابطة بين قريتيهما , و يقدمان له جائزة الشعير عند نقطتي الوصول المحددتين ..و ذات ليلة مقمرة , عزم أحمد على فسح المجال للحمار , كي يسافر بمفرده في أول تجربة , فهاتف زميله الجزائري , على أن يكون في المكان المحدد , مصحوبا بجائزة الشعير لاستقبال الحمار ...ساق أحمد حماره حتى بداية الطريق , ثم أطلق سراحه و ظل يراقبه عن بعد , حتى توغل وسط الجبل , و ما هي إلاّ سويعات , حتى رن هاتفه: ! إنه زميله الجزائري ,يهنئه بنجاح الخطة ,و يردد :لقد وصل الحمار للمكان المحدد بمفرده , سأحزم على ظهره بضاعتنا الآن , ليقبل بها عليك , إنتظره في المكان المحدد ,وداعا شرطة الجمارك , وداعا أيتها الضرائب ...
و ظل الحمار لمدة أشهر يتنقل بمفرده ليلا , بين القريتين يحمل البضائع من هنا ,إلى هناك حتى تم القبض عليه ذات ليلة , وهو يعبر الجبل محملا ببضاعة ذات ماركات عالمية مشهورة , و متلبسا بجريمة التهريب ...و ماتزال الشرطة تحقق معه و تسأله: أنت حمار من ؟ فلا يسمعون منه , سوى النهيق , شوقا لجائزة الشعير , و طعمها اللذيذ ...