في الثامنة والثلاثين ، أبوح بعمري ، لم أخفه يوماً ..
لكني ـ كغارقة ـ في بحر العمر ، أدفع بيدي سفينة الأربعين ، أتمنى أن تبتعد عني ، كم أخاف أن استقلها !!!!! .
تقترب مني ..! تمر السنوات فوق جسدي المنهك من قسوة العمر ، أشعر بآلام تضرب بطني ، وتستمر حتى إن كل من يراني يتلمس وعكتي ..
يمر شهر ، لم تأت صديقتي التي تزورني زيارة أعتاد عليها ، مرة تزورني كموجة حنونة تمر بسلام ، وأخرى تضرب هدوئي ، تتركني وقد أغضبتني بثرثرة حديثها المؤلم ..!
غيابها أسعدني كثيرا ، عدتُ إلى رفيق عمري .
- حسام ..؟ أعتقد أني حامل ..
- حامل ..! أيعقل أهذا ..؟
- ولماذا ..؟ هل صرت عجوزاً ..؟ مازالت النضارة تسطع على قسماتي ، ندى الشباب يتلألأ على وريقات عمري .
- نعم لم أقصد ، لكن طفل جديد بعد هذا العمر ، ألن يكون هذا مجالاً لسخرية المقربين ..؟
- أتمزح ..؟ قلت متعجبة مستنكرة .. هل الإنجاب حرام ، أو مجالاً للسخرية ..!؟
- لم أقصد ، ليكن ، لله الأمر من قبل ومن بعد ..
يصيبني بعض الخجل الطائش ، عندما تذكرت أن أصغر أبنائي بالثانوية العامة .
أحدث نفسي ....
يا اللـه ، أبعد هذا العمر يسكنني طفل ..؟ أنظر لمرآتي ، هل ستنتفخ بطني ، أسير مقوسة للخلف كعلامة الاستفهام ، تتورم قدماي من انتفاخ زلالي ، ساعتاد الذهاب للطبيب للاطمئنان عليَّ وجنيني ..
أضحك وأنا أحتضن بطني بسعادة ، لكن الأولاد ماذا سيكون رد فعلهم ..؟ هل سيفرحون ..؟ أو سيخجلون كأبيهم ..؟
كلا ـ كررت في نفسي ردع السؤال ـ سيفرحون لوجود نجم جديد يسطع بسماء حياتنا ، سيلعبون معه وبه ..
لماذا أفرح هكذا ..؟ هل جُننت ..؟
تسير الأيام حثيثاً ، بين حين وآخر أطمئن على طفلي القابع في غياهب رحمي ، بأنه لم يفر من سخرية المقربين ..
بدأت أتقيأ ذكريات حملي الأول ، كرهت معدتي الطعام ، وإن أجبرتها غضبت ولفظته ، صرت أسير مقوسة ، الجميع مندهشون ، لكن هذا لا يهمني ، يكفيني سعادتي بطفلي الجديد ..
يمر ، الشهر الأول : أذهب للطبيب .............