( لكل ِّ شيخ ٍ طريقتُه )
لقد شاهدها من بعيد ولكنها لم تره .. شاهدها تخرج من بوابة العمارة .. من شقة الدور الأرضي ، وهي تخفي وجهها ، وفجأة سقط غطاء وجهها .. فخطفته من على الأرض ،وانطلقت كالبرق الخاطف في أول سيارة أجرة وقفت لها .
يمر على شقة الدور الأرضي .. يطرق الباب .. يُفتح الباب .. يقول : ألن تكف عن هذه المساخر ؟؟ ألن تنظف أبدا .. ألا تخشى أن يعلم صاحب العمارة .
ــ : ماذا أصنع يا جلال يا حبيبي .. البنات يحببن الشرح العملي دائما .
في الصباح (جلال ) في فناء المدرسة بجوار سارية العلم ، وناظر المدرسة متوجه إليه ، ويناديه : يا أستاذ جلال .. يا أستاذ جلال ..
ـ : تحت أمرك يا حضرة الناظر .
ــ : ليكنْ في معلومك يا سيدي .. إن حضرتك سوف تدرِّس المادة لفصل البنات بدلا من زميلك الأستاذ ( عصام ) .
ــ : ولمَ هذا ؟
ـ : إعتذرَ يا سيدي وقال : إنه مكسوف .. هههههههه ... وأنت لها يا همام .
ــ: غريبة !!
الأستاذ جلال يدخل الفصل ، ومعه رسم توضيحي لدرس اليوم .. ، وعندما بسطه على السبورة انفجر البنات في الضحك وكأنهن رأين مهرجا ، وبعضهن وضعن رؤوسهن بين كفوفهن ، وبعضهن وضعن رؤوسهن في آذان زميلاتهن وأخذن يهمسن .
ولكنها الوحيدة التي انفجرت بالبكاء .. وقالت : أرجوك أنا لا أحتمل النظر إلى هذه المناظر المقرفة .. أرجوكم أخرجوني من هذا المكان الذي يشبه
( الكاباريه ) .. و لا أدري أهذه مدرسة أم ماذا ؟ .. هذه الصور تشعرني بأنني ممسوسة .. أرجوك .. أرجوك .. أرجوك ( تضع الآن ووجهها بين كفيها وهي تبكي ) وتكمل : لابد أن تقدر مشاعر البنات ذوي الأحاسيس المرهفة .. لابد من تغيير المناهج .. لابد من إبدال المدرسين بمدرسات .. هذا أمر لا يحتمل .
الأستاذ جلال يصرخ : سكووووووت ( صرخة مدوية .. هزت أركان الفصل فهو معروف بشخصيته القوية بين الطالبات ) .. لا أريد أن أسمع صوتا .
أذعنَّ جميعهن ، ولكنها ما زالت تُبدي الأشمئزاز والتوتر .. اقترب الأستاذ ( جلال ) منها .. من أذنها ، وهمس قائلا : أهذا أفضل أم أنك تفضلين دائما(الشرح العملي ) .
.. جفت الدموع .. واحمرت الخدود .. وبرقت العينان .. ولفَّها الصمت والذهول ُ.... ، ثم تقدَّم الأستاذ ( جلال ) إلى السبورة بخطوات واثقة .. بعدما لزمتْ كلُّ بنتٍ حدَّها وبدأَ الشرحَ في هدووووووءٍ تاااااااام .
انتهت بحمد الله ، والله من وراء القصد
بقلم / محمد محمود شعبان ( حمادة )
مصر ـ الزقازيق ـ محافظة الشرقية ـ