أقصوصة
ارتدي معطفه الجلدي، السماء مازالت تنزف بغزارة..والليل قد تمزقت حلّته، الأضاءة متأرجحة بالكاد تستطيع العين المبصرة رؤية الشارع الخالي من المارة، فقط تلك الأشلاء ترقد وسط الطريق ممزقة، حمل جاروفه وكيسه الأسود البلاستيكي، وخرج وقف متأملا أشلاء الجثة مبعثرة على الأسفلت، جلس قربها ثم جمعها فى كيسه، وقبرها في باحة منزله الخلفية...
طفل التوحد يجلس خلف النافذة الزجاجية، يداعب بلورات المطرالهاطل، ويهتز يمينا وشمالا فى حركة البندول، يشاهد دفن الأشلاء ولايعي..والرجل يلاحظه ولايخشاه، ويرفع يده بالتحية ولاينتظره أن يستجيب..خلقت بينهما إلفة مبهمة
عندما تضج دواخله الفارغة ليلا، يأتي لمقبرته المنزلية، ويتحدث إليهم والدموع تنهمر من عينيه:
ــ أرقدوا بسلام..الحياة مؤلمة... والموت عجز أن يجعلنا نحبه..
هرج ومرج طفل التوحد خرج بالأمس ولم يعد، بحثوا عنه فى كل مكان..أشار أحدهم لمنزل الرجل قائلا:
ــ إن الرجل ذو المعطف هذا غريب الأطوار منذ سكن هنا لم نره يخرج .
جاء بهم إلى الباحة الخلفية وأشار إليهم....
لم يكمل حديثه حتى كانت الشرطة تحيط به وتتحرى معه عن أصحاب المقابر.
ــ هنا يرقد طفل الأمس وهنا ترقد تلك المسنة المشردة..وهناك يرقد كلبي بوبي..دهستهم سيارات وعبرت دون توقف.
عندما نبشت الجثث لم يحرك ساكنا.. أخرجوا جثة كلبه انخرط فى بكاء مرير،
تذكره والذى مضي!