صديقي
كلّما داهمتني دياجير الظّلمة ،وبدأت أخبط خبط عشواء ،كنتَ النّور الذي يضيئها ويبدّل اهتزاز الخوف بقشعريرة السّكينة التي تبسط أهدابها على قلبي ، وتحمل رجليّ على المسير ، وتفتح لي بوّابة الطّمأنينة على مصراعيها؛ داعيا إيّاي العبور منها وأحراز الهدف ...
وإذا ما أخطأت في إحراز الهدف ،فأنت الدّليل الذي يخطّ لي الخطوط المستقيمة ، ويمسك بتلابيبي خوفا عليّ من التّيه أو التّعثر ...
ورغم الإرشاد فقد تصاب العينان بالعشا، فلا تريان استقامة الدّرب فيترنّح الجسد . وخوفا عليه من السّقوط تأتي مقوّما وداعما إيّاه ليستقيم كما الخطوط ؛ كي لا يلتهمني الخطأ ويلدني خطيئة !
وإن أبَت النّفس الأمارة بالسّوء أن يسير الجسد بعد تقويمه حسب استقامة الخطوط ، فإنّك تسلّط عليها النّفس اللوّامة كي تقهرها ،وتجهز على مولودها وتعيد لجسدي صحّة خطواته وثباتها ، وتطهّره من براثن العناد والجهل .
فيا أيها الصّديق ابقَ في حياضي خائضا؛ كي تدثّر خوضي بطهر الثّياب وتحميني من لوث المياه !
وابقَ سياجا يسوّرني بالنّور والمحبّة والعطاء، ويقيني من أشواك المغرضين والبلهاء ؛ لأحرص على زهرة الرّوح التي أنبتها الخالق أن تبقى في أفضل وعاء ...
ولا يستطيع فعل ذلك سواك أيّها الصّديق المسمّى... الإيمان .