النورس الحبيب ..
مشهد خاص ..
الليلة الثالثة :
( الحادية عشرة .. إلا قبلة ) :
رائحة النعناع .. لم تأتي .. لتودعه قبل أن يندس في الحلم .. كفتىً عاشق أتعبته امرأة .. منذ أول لقاء ..
أو لربما .. أن رائحة النعناع " أمه " .. تفكر على طريقتها ..
توجس في داخله خيفة .. بادئ .. ذا بدء ..
لكن ! ما لبت أن أعتصر كتلة هواء في يده .. وغمسها في شفتيه .. حتى سال .. هواء ٌ .. آخر أكثر شفافية ونقاء من الأول ..
ثم أنسل .. خارجاً .. بخطى سريعة متناسقة .. ( خوفاً من أن يتلطخ الهواء الجديد بآخر ) .. ثم وقف على باب غرفة رائحة النعناع .. وأستعاد هدوءه ونبضه .. ثم دسه من ثقب باب غرفة أمه .. ومضى .
( الحادية عشرة .. وحزمة شوق ) :
على سريره .. يترقب حضورها .. رغم نوم جافي .. لا يأتيه ..
يضيء شمعة .. وينتظر ..
يتعطر بعطر .. دافئ .. على عنقه .. وينتظر .. من جديد !
لكن .. ورقة النعناع لم تأتي .
- صدري .. مفتوحٌ عن آخر .. وقلبي في العراء وحيداً.. فلماذا لا تأتي !!؟ " هكذا تمتم بينه وبينه " .. ثم صمت .
وأكمل .. تمتماته .. له .. ليقطع بها ألم الفقد والشوق لها ..
- مالأشياء التي تبرر عدم حضور هذا الحلم .. المتمرد ..
ما أصعب .. أن تترقب شيء لا يأتي ولا يقول : وداعاً .. ثم ما الذي أتى بها البارحة .. بجانب رائحة النعناع .. وهي تعلم أن مكاناً كالذي جلست فيه .. يُحرم فيه قبلة مارقة تغسل الجفاف المغبر .. من أثر فقدها .. ليوم كامل ..
لماذا لم تحدد .. هل ستأتي .. أم لا !!؟
لماذا .. تقترف خطيئة الوجع والشوق فيّ !!؟
ما الذي يمكن .. أن يحول دون .. أن أقاسي انتظارها .. الليل كله !!؟
إن أي .. أمل أو موعد لمجيء ــ حتى لو كان هزيلاً ــ سيكون .. كافياً ..
ثم يتدثر بصمته .. وبقاياً من رائحتها .. وتهدأ الدواخل فيه ..
صوب أشيائه .. يلتفت .. ليتأكد من اكتمال الطقوس كاملة ..
عطره , وصدره العاري , والقلب الذي فارق ثكنته ينتظر غازياً .. وشمعة تتراقص كطفل ٍ خائف من مفاجأة ظلام .
( يستدرك أن ثمة .. شمعة وحيدة ) ..
بسرعة ٍ .. يشعل بجانبها .. أخرى ............................................ فتحضر .
- تأخرتي !!
- أتعبتني .. يقظة أمك .. حيث أنها تقول : أحرميه اليوم .. ليحبك أكثر .
- وماذا قلتي لها ؟
- قلتُ : إني سأحرم نفسي .. أنا .. ( وتطرق خجلاً .. مع لون أشبه بدم .. ينزف من وجنتيها ..) .
...................
.......................... ( صمت ) ..
أربع أنفاس ٍ قريبة .. لا يدري .. لأي ٍ منهما ..
يده تمتد .. ليدها الرقيقة البيضاء والناعمة بشدة ..
ضغط ٌ عليها .. يفتق تنهيدة محبوسة في صدرها ..
..................
...................... ( صمت آخر ) ..
يفض الصمت .. قائلاً :
- أتدرين .. معنى أن أراك متواجدة بجانب أمي .. كما قال " شيء آخر " ؟
- ........... !!
- أحسست أني في حديقة .. وبحثت عن فراشة عذراء .. تقتاتكما .
- لكن .. لا ثمة ما يمنح مطراً ..
- ربما .. نامت في عيني غيمه .. لذلك نسيت أن أسقط المطر .. أقصد قبلة .. ( وهو يبتسم ) .
- لماذا .. أنت عذبٌ .. أكثر من أي حد يستوعب !؟
- لربما .. لأنك امرأة جميلة أكثر من أي حد يمكن أن يفسر .. فأنت ِ امرأة تسكنها اللاتقليدية .. والخروج عن المألوف .. ولذلك أكون كما لا إرادياً .. تعتقدين .
- ربما ..
- أنت امرأة .. من زمن التكوين حقاً .. تشعلين القلب نار .. والروح مطر .. ويمتزجان فيّ .. دون أن ينتصر أحدهما على الآخر .
- وماذا أيضاً .. ( وهي تبتسم ) ..
- لا أدري .. فأنت ِ خلاصة .. من إمتزاجات لا تدرك .. تحس فقط .. دون أن نجد لها تفسيراً .. ترتشف .. كفنجان قهوة .. وتحرق .. ونشعر بالمتعة .. وأن ثورة صداع تبدأ بحال فقدك ِ .. وثورة صداع آخر .. تبدأ معك ِ
" يفاجأها " ..
- هل تعرفين رقصة التونجو ؟
- لا .. كيف هي !
- لا أدري .. إنها ستة عشر خطوة .. متعاكسة بيني وبينك .. وموسيقى مجنونة متمردة إيطالية .. لاهثة .. تبحث عن لحاق ٍ بنا .. ونحن نرقص على الأرض المبللة .. لتتطاير حبات الماء .. معاندة للجاذبية .. ومشاركة في الرقص .. و ..
" تقاطعه " ..
- يا الله .. هذه خطاي ويداي.. أودعتهما بين يديك وخطاك .. فأغمسني .. في رقصة تشبهنا .. بسرعة .
صاحبي ..
سنكمله .. معاً .. فـ ( الحلم ) .. لا يأتي طواعية ..
لنمتزج .. في فرحة النهاية .. دون أن نصلها ..
كندف قطن .. تطير ..
لا إلى الأرض تسقط .. ولا إلى السماء البعيدة .. ترحل ..
لنكن .. " كما هي " .. على الخط الفاصل بين المعقول واللامعقول .. حلماً
عليك .. اشتياقي رغم أني إلتقيتك قبل قليل .