لا علاقة البتة بين يوم عاشوراء وبين ما يختزله بعض من تقزم فكرهم وتسطحت معتقداتهم بمدينة ماكان لها ان تُعظم ، كونها ساحة غدر ونفاق قتل فيها سيد شباب اهل الجنة ، فما أشبه دعواهم التالفة هذه بما تدعيه النصاري في انتمائها للصليب الذين يزعمون ان عيسى عليه السلام -روح الله وكلمته - قد صلب عليها ..
الفكرة هي هي ، والتقديس هوهو ، والتقزم والتسطيح يضرب بأطنابه بين أظهر هؤلاء وأولئك ..
هم يعظمون الصليب حد التقديس والعبادة وهؤلاء يعظمون القبور والمشاهد كفلا بكفلٍ وامثالاً بأمثال.. بل ويرى سادتهم وكبراؤهم جواز السجود للقبر- لا للقبلة - تعظيما وتقديسا ..
يعظمون ما لم يأذن به الله ، ولا شهد له رسوله ، ولا من تتابع على نهجهم من أولي الفضل والنهى ممن آتاهم الله علما سويا ينتصب على ساقين ..
إن ما أحدثه هؤلاء الطماطم الأغشام من أقوال جسام ووأفعال مستخذية يلزم عنه أن الدين إذاً كان ناقصا يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الأطهار الأخيار كونهم لم يَشُقّوا في كربلاء جيوبهم ويلطموا وجوههم وصدورهم ويهريقوا دماءهم في مشهد ذميم بائس لا يمت لديننا بصلة ، بل هو تنفير وتهوين لهذه الملة السمحاء في اعين الآخرين من غيرها ...
لا ينبغي لعاقل ان يتنكر لعقله ويستدبر قيم الأسوياء ويتحجر كجلمود صخر عند نكبة - وإن كان عندنا عظيما -قد خلت من قبله النكبات ..
وعند مكان لا قدسية له ولا شبهة تبجيل ... اللهم إلا ما تنزلت به الشياطين ..
اولم يقسم الشيطان الرجيم بأن يجلب عليهم - كما هناك - بخيله ورجله ؟!
... فما اكثر جلبتهم وسكرتهم ونواحهم وهرطقاتهم ...
إن يوم عاشوراء هو يوم فارق في تاريخ الأمة المسلمة .. تلك الأمة التى تضرب بجذورها في عمق الوجود الإنساني .. فقد كان موسى كليم الله على موعد مع المعجزة الكبرى والآية العظمى التى جعلها الله منحة لمن صدقوا العهد ووافوا بالوعد واتبعوا سبيل المؤمنين فنجاهم في مشهد عز وكرامة ينبغي ان نتأمله على الأقل في كل عام مرة ...
واما هؤلاء ، فقد حرفوا الكلم عم مواضعه وتحول عاشوراء على أيديهم إلى مسخ لا ينتمي لمعتقد هذه الامة .. ولا يظنن ظان ان هؤلاء - الذين بدلوا تبديلا - يعظمون إمامنا الحسين رضي الله عنه في الحداد والعويل والنواح في ذلك اليوم .. بل هوى شح مطاع وهوى متبع ودين ضريه سادتهم على رقابهم كما تضرب الجزية على الذميين .. وإلا فيقول بعض اهل العلم ( اتخاذ الشيعة يوم عاشوراء يوم حداد، إنما هو من أجل التشنيع على بني أمية، لأنه قُتل في دولة يزيد وليس حباً ولا حزناً على الحسين - رضي الله عنه -، ولهذا نجد أن عليا – رضي الله عنه - أفضل من الحسين، وقد قتل غدراً ولم يتخذ أحداً يوم موته مأتماً، ) ..
فليت شعري اي عقل بقي عند هؤلاء حتى يخاطبوا به ؟!
وإن تعجب فعجب فعلهم - هداهم الله - يقتلون أئمتنا الأبرار الأطهار من آل البيت عليهم السلام ثم يتلبسون بشنيع فعل الجاهلية الأولى في إثر موتاهم ..!
أليسوا هم من اسلم إمامنا الحسين وقتلوه وطعنوه ؟!
من قتل الحسين؟
يجيبك على هذا السؤال كبار أئمة الشيعة الروافض فهذه شهاداتهم على بني جلدتهم:
(1-قال الشيعي حسين كوراني: " أهل الكوفة لم يكتفوا بالتفرق عن الإمام الحسين، بل انتقلوا نتيجة تلون مواقفهم إلى موقف ثالث، وهو أنهم بدأوا يسارعون بالخروج إلى كر بلاء، وحرب الإمام الحسين علية السلام، وفي كربلاء كانوا يتسابقون إلى تسجيل المواقف التي ترضي الشيطان، وتغضب الرحمن، مثلاً نجد أن عمرو بن الحجاج الذي برز بالأمس في الكوفة وكأنه حامي حمى أهل البيت، والمدافع عنهم، والذي يقود جيشاً لإنقاذ العظيم هانئ بن عروة، يبتلع كل موقفه الظاهري هذا ليتهم الإمام الحسين بالخروج عن الدين لنتأمل النص التالي: وكان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه: قاتلوا من مرق عن الدين وفارق الجماعة " في رحاب كربلاء ص 60-61 "
2- يقول الشيعي كاظم الإحسائي النجفي: "إن الجيش الذي خرج لحرب الإمام الحسين - عليه السلام - ثلاثمائة ألف، كلهم من أهل الكوفة، ليس فيهم شامي ولا حجازي ولا هندي ولا باكستاني، ولا سوداني، ولا مصري، ولا أفريقي، بل كلهم من أهل الكوفة، قد تجمعوا من قبائل شتى" "عاشوراء ص 89 "
3-قال المؤرخ الشيعي حسين بن أحمد البراقى النجفي " قال القزويني: ومما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسن بن علي - عليه السلام -، وقتلوا الحسين عليه السلام بعد أن استدعوه "تاريخ الكوفة ص113 "
4-وقال الشيعي جواد محدثتي " وقد أدت كل هذه الأسباب إلى أن يعاني منهم الإمام علي عليه السلام الأمرَّين، وواجه الإمام الحسن عليه السلام منهم الغدر، وقتل بينهم مسلم بن عقيل مظلوماً، وقتل الحسين عطشاناً في كربلاء قرب الكوفة وعلى يدي جيش الكوفة " موسوعة عاشوراء ص59) (1)
ما هو موقف أهل السنة من قتل الحسين - رضي الله عنه -؟
الجواب:
(أما موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه فيلخصه شيخ الإسلام ابن تيميه في مجموع الفتاوى (4 /511) بقوله: " وقد أكرمه الله بالشهادة وأهان ذلك من قتله أو أعان على قتله، أو رضي بقتله وله أسوةً حسنه بمن سبقه من الشهداء، فإنه وأخوه سيدا شباب الجنة، وقد كانا قد تربيا في عز الإسلام لما ينالا من الهجرة والجهاد والصبر والأذى في لله ما نالهُ أهل بيته فأكرمهما الله بالشهادة تكميلاً لكرامتهما ورفعاً لدرجاتهما وقتلهُ مصيبة عظيمة. والله سبحانه وتعالى قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى:
" .... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) (156 البقرة )3
الادلة عندنا اشهر من تحصر.. وما كنت أتخذ من كلام هؤلاء المضلين عضدا ولكنه الاضطرار الملجئ الذي قد يرفع الإصر عن الصادقين منهم ويكشف الغطاء عن أعينٍ طائفة جائحة جانحة ما كان أولى بها وأجدر حقا ان تخدم الفكرة الإسلامية الصحيحة ....
اللهم
بغناك وفقرنا .. وقوتك وضعفنا .. وعزك وذلنا .. وعلمك وجهلنا ..
اجمع المسلمين في خدمة دينك على كلمة سواء ترضيك
واعصمهم بحبلك المتين
وركنك العظيم وسلطانك القديم
فانت تقدر ولا نقدر وتعلم ولا نعلم
وانت على كل شيء قدير وبالإجابة جدير
( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (182) الصافات
------------------
(1) - من قتل الحسين؟ ص 39 -41
(2) -من قتل الحسين ص 12
(3) من كتاب الوجيز المفيد في تبيان أسباب ونتائج قتل عثمان بن عفان المؤلف: مصطفى يونس الراقي الفاخري