|
الكلُّ يا غزُّ حتى الأهلُ ينتظرُ |
لكي تذلّي ويأبى اللهُ والقدرُ |
وأنتِ عنقاءُ رغمَ النارِ تستعرُ |
تطيرُ من حيثما يطّايرُ الشررُ |
رَفّتْ قوادمُ لم ترضيْ بخافيةٍ |
ما صدَّكِ الموتُ عن سيرٍ ولا الخطرُ |
قيامةٌ بُعثتْ من بين ما حفروا |
وخافقاكِ مَدىً يُزجيهما الظفَرُ |
هذي نيازكُهم في الجوِّ تنشطرُ |
كالبرقِ مرتعشًا يمتصُّه المطرُ |
وأنتِ وسطَ صحارى الجدبِ نخلتُنا |
وأنتِ خيمتُنا والريحُ تعتوِرُ |
وأنتِ في جبهةِ الأيامِ غُرتُنا |
وكلُّ غزةَ في أيامِها غُررُ |
وأنتِ حاضنةٌ في حِجرِها قمرُ |
فنعمَ هاشمُها الوضاءُ والأثرُ |
وفيكِ مصباحُنا يأتمُّهُ السَّحرُ |
تهفو لمشكاتِه الأرواحُ والعِبرُ |
الكلُّ يا غزُّ حتى الأهلُ يأتمرُ |
وأنفُكِ الحرُّ ما راموا فما قدروا |
ها أنتِ شاهدةً تروي مؤامرةً |
حيكتْ بسخريةٍ منهم كما سخروا |
لا يخدعنْكِ لسانٌ؛إنهم تترُ |
والوجهُ يرهقُه من ذِلّةٍ قتَرُ |
هم في دمي ولغوا حينَ العدوُّ وَنى |
عَفَّ العُداةُ وقومي نابَهم سَعَرُ |
لو كان يمكنُني فارقتُ من لغتي |
حرفًا تسترَ فيه قاتلٌ أشِرُ |
برئتُ من مُضَرٍ إن كان يجمعُنا |
هيهات أن يتبنى مثلَهم مُضَرُ! |
جلا الغُزاةُ وأبقَوا فرخَ بيضتهِم |
وهاؤمُ الزُّغبُ والأنغالُ قد كبروا |
لم يفتؤوا بكِ مكرًا كلَّ سانحةٍ |
واللهُ في مكرِه فوق الذي مكروا |
والعالَمُ المنتحي ما زال يسألُني |
مَن الضحايا؟وفيم الطفلُ ينتحرُ؟! |
وددتُ لو قمتُ من موتي لأصفعَه |
لكنه راحَ للجلادِ يعتذرُ |
يا عالَمًا ذا انفصامٍ بل به حَوَلٌ |
إن تغمضِ العينَ تبصرْ أننا بشرُ |
بكفِّنا تزهرُ السكينُ والحجرُ |
ومن خلالِ دخاني يُسفرُ القمرُ |
أُفْقي معارجُ بالأنوارِ تنحدرُ |
غصّتْ كمثلِ سديمٍ مَدُّه البصرُ |
وها هنا برزخٌ من غزَّ مزدهرُ |
ولم يزل يفِدُ الغزّيّةُ السُّمرُ |
وهم بغيرِ جوازٍ رغم ما حصروا |
يسافرونَ فأنى يُمنعُ السفرُ؟ |