باتجاه وجهك أهرب أيتها المدينة ... أدس بين قسمات وجهكِ هزيمتي وخيبتي .. أخبئ بين منعطفات شوارعك ذاكرة متعبة .. طفولة شقية وشباب بائس ... وأعود أتذوق أيامي .. طعم المرارة يمتزج .. ويتساقط مع طلاء أبنيتك البيضـــــــــــــــاء ... أجوبك أيتها الرائعة .. أسلك دروبك .. أجوس خلال شوارعك باحثة عن شوق لا ينتهي .. عن حب لا يموت .. عن آهة تقودني إلى زاوية خلفية تختبئ في زقاق منعزل ... عن أغنية تمتد جذورها في العمق .. تسحبني إلى هناك تقذف بي بعيداً حيث مضارب الروعة ومراعي الجنون .. تفتك بكل شيء .. وتردني مسلوبة العقل إليكِ .. وكنتِ أيتها الرائعة في انتظاري .. وكنت ألتهم المسافات وأختصر الشوق والحنين والغربة إليكِ ...
كنتُ أقول .. هل يعقل أن أسافر بدونكِ .. هل يعقل أن أحمل أبجديتي وكلماتي وحبي ودمعي وحبري وأتركك خلفي .. ؟ .. أي جنون سأكتبه بدونكِ .. بدون حماقاتي الصغيرة التي أرتكبها كل يوم أمام أزقتكِ ونوافذ منازلكِ وشوارعك التي تقتفي أثر خطواتي المقتربة من وهج شمسك الحنونة .. لقد تعبت شوارعكِ ونامت على صوت خطواتي البطيئة وأنا أتأمل ملامحكِ وأتفرس وجهكِ الطيب وأجوس بسبابتي المرتعشة فوق اسمك ورسمك الذي أخطه وشماً في ذاكرة امرأة فقدت حبيباً عند مفترقكِ ساعة حق رحل الحبيب إلى الأبد ..وضاعت المرأة بين المسالك .. ولم تكتمل قصة المدينة .
خيرية فتحي عبد الجليل .
البيضــــــــــــــــــــ ـــــاء .. 30-5-2013 م