|
أُكتُبْ نقوشاً كالصِّحاحِ مُجَلَّدا |
وارسُمْ على الجُدرانِ إسْماً خُلِّدا |
وَاقْلِبْ موازينَ الفَوارِقِ وَلْتَسَلْ |
هل كانَ إرْهاباً وكانَ تمرُّدا ؟ |
وَعْدٌ لَنا وَالوَعْدُ حَقٌّ عِنْدَنا |
فالخيرُ مَنْ أوْفى إذا ما أوْعَدا |
لو كانَ مَوْتُكَ يا شَهيدُ عُقوبَةً |
ما كان ربّي قد أماتَ محمّدا |
|
قلَّبتُ تاريخَ الحروبِ وَإنَّني |
بَطحاءُ يحيى ما عَرَفتُ بِمثلها |
وخَلَتْ مِنَ الأخبارِ كُلُّ صحائفِ |
ما المُدْبِرُ المهْزومُ كالمُتَقدِّمِ |
أو قاعدٌ مُتَوَسِّلٌ كالواقِفِ |
ما الخائنُ الأعمى البخيسُ كَمُخلِصٍ |
أو جاهلٌ مُتخبِّطٌ كالعارِفِ |
|
آهٍ على يحيى وآهٍ صَاحها |
ما صاحها خوفاً ولا أودَتْ به |
غيرُ الخيانَةِ منْ بطونٍ أو فَمِ |
ويَمينُهُ طارَتْ لِتَقْبِضَ تُرْبَها |
والوجْهُ مغزول الضياء بأنجم |
والأرضُ فاضَتْ في الوداعِ بِدَمعِها |
وسماءُ يحيى شُرِّعتْ بتبسُّمِ |
|
ومَرَرتُ يوماً بالضريحِ فهِبْتُهُ |
وتُرابُهُ غَضٌّ زَكيٌّ ناعمٌ |
باكي الطراوةِ والصفاوةِ أسمرُ |
وحجارةٌ بيضٌ تُكاتِفُ بعضَها |
كالطَّائفين بحجِّ مكَّةَ كبَّروا |
والنَّبْتُ أغصانٌ تعانِقُ زهرَها |
والزَّهرُ من كُثرِ احمرارٍ يُقطُرُ |
|
وجلَسْتُ حتى غِبْتُ في نوْمٍ على |
وَشَرَدْتُ في نومي بصحبَةِ طَيفِهِ |
ورأيتُ ألوانَ العروشِ بلا صورْ |
فالقلبُ مشتدُّ القساوةِ أسودٌ |
والجسمُ محمولٌ على عرشِ القدرْ |
والقولُ مسحوقُ العِبارةِ مُنهَكٌ |
والعزفُ مقصورٌ على نفْسِ الوَتَرْ |
|
وتجاوزتْ عيني مشارِفَ حدِّها |
في العابداتِ ستَرْنَ إلا طَرفَهُنْ |
في خالعاتِ الرقصِ كشّافِ النهودْ |
في السابحاتِ مكَثْنَ في أبعادِها |
في فِكرنا المحبوسِ في نَومٍ رَقودْ |
فرأيتُ أن الكلبَ ينبح ليثَهُ |
ورأيت أن الخيلَ سيسَتْ من قرود |
|
منْ علَّمَ الأمَّ الصبورَ نُواحَها؟ |
من صادرَ الأصواتَ من أفواهِها |
واستُلَّ سيفٌ للرِّقابِ وجرَّبا؟ |
من جاء بالأخطارِ لا يقوى بها |
جَلَدُ الكبيرِ وجِلْدُ طفلٍ ما حبا ؟ |
منْ حوَّلَ الأزهارَ في أحواضِها |
كَدَمٍ تخثَّرَ في عُروقٍ مِنْ وبا ؟ |
|
فسألته عن أمَّةٍ كانت لها |
فأجابني: إنَّ مسَّ ضرٌّ أرضها |
لوَدِدْتُ لو كانَ المساسُ بمُهجتي |
هذي بلادي أمَّةٌ وعزائمٌ |
إنْ تُدْعَ يوماً للجلائلِ لبَّتِ |
واللهِ لو عادَ الزَّمانُ أعيدُهُ |
حسبي بأني قد قُتِلْتُ لأمّتي |
|
وطني عشَقتُ كُرُومَهُ وبحارَه |
أبْني بعقْلي باليمينِ فأضرِبُ |
لا بالكؤوسِ الطافحاتِ فأحتسي |
لا أبتغي من قومِ شَرٍّ عطْفَهُمْ |
أوْ انحني كالمارقِ المتلمِّسِ |
خيرُ الرجالِ كرامةً وطهارةً |
من ماتَ موتي قرْبَ بيتِ المقدِسِ |