|
حَلَبْتُ ضَرْعَ المَعَانِي البِكْرَ فَاغْتَبِقِي |
وَحُزْتُ ضَوْعَ المَغَانِي النَضْرَ فَاعْتَبِقِي |
وَجُزْتُ بَابَ الهَوَى العُذْرِيِّ مِنْ قُبُلٍ |
فَقَبِّلِي الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ وَاعَتَنِقِي |
يَا مَنْ تَشَكَّلْتِ كَالنَيْرُوزِ مِنْ أَرَجٍ |
وَجِئْتِ بِالسَّمْتِ كَالفَيْرُوزِ فِي أَنَقِ |
كَأَنَّ عَيْنَكِ أَذْكَتْ رَوْحَ كَرْمَتِهَا |
لِمهْجَةٍ مِثْلَ هَذَا الكَأْسِ لَمْ تَذُقِ |
تَعُبُّ مِنْ بَهْجَةٍ حَامَتْ عَلَى فَمِهَا |
فِي نَشْوَةٍ أُتْرِفَتْ فِيهَا فَلَمْ تُفِقِ |
فَرَاشَةَ الحُبِّ، لَيلُ الشَّوْقِ فِي رَهَفٍ |
فَحَلِّقِي فِي سَنَاءِ الحَرْفِ وَالْتَصِقِي |
وَهَا سَرَجْتُ لَكِ الإِحْسَاسَ أَخْيِلَةً |
فَأَسْرِجِي الخَيْلَ فِي كَفَّيكِ وَانْطَلِقِي |
صَلَّتْ لِمِحْرَابِ عَينَيكِ الرُّؤَى وَصَلَتْ |
نِيرَانُ ظَنِّكِ جَوْرًا قَلْبَ مُعْتَنِقِ |
مَا زِلْتِ تَحْدِينَ نُوقَ البَيْنِ فِي صَلَفٍ |
حَتَّى أَنَخْتِ شَظَايَا الدَّمْعِ فِي الحَدَقِ |
هَلْ عِفْتِ شَوْبَ الرُّبَي مَا اعْتَدْتِ نَاصِعَةً |
فَكَانَ هَذَا النَّوَى مِنْ ذَلِكَ النَّوَقِ؟ |
أَمَا اتَّقَيتِ بِأَنِّي وَالرُّؤَى حُجُبٌ |
وَثَّقْتُ فِيكِ المُنَى مِنْ قَبْلِ أَنْ تَثِقِي؟ |
وَأَنْتِ دِفْءُ صَقِيعِي قُطْبُ بَوْصَلَتِي |
فَأَمْسِكِي الكَفَّ يَا مِسْكِيَّةَ العَرَقِ |
قَلْبِي مِنَ الخَزِّ مِنْ دِيبَاجِ ذِي رَشَدٍ |
وَكُلُّ أَفْئِدَةِ العُشَّاقِ مِنْ خَرَقِ |
وَلِي بَرَاءَةُ أَحْلامِي وَرِقَّتُهَا |
وَلِلَّذِينَ تَدَاعَوا نَزْوَةُ الشَّبَقِ |
وَفِي رُبَى الصَّمْتِ شَرْقَ القَلْبِ سَوْسَنَةٌ |
تُطِلُّ مِنْ شُرْفَةِ الوِجْدَانِ بِالعَبَقِ |
فَفِيمَ أَمْسَى سُرُورُ الوَصْلِ فِي تَرَحٍ |
وَأَصْبَحَتْ هَمْسَةُ النَّجْوَى إِلَى نَزَقِ؟ |
وَكَيفَ عِشْقٌ يُرَى وَالجِسْمُ فِي حَدَمٍ |
كَحُبِّ رُوحٍ سَرَى فِي هَدْأَةِ الغَسَقِ؟ |
تَلاقَيَا فِي مُتُونِ الحِسِّ وَافْتَرَقَا |
بِالفَرْقِ بَينَ جَمِيلِ الرِّفْقِ وَالفَرَقِ |
سَلَكْتُ نَحْوَكِ دَرْبَ العُمْرِ مُلْتَجِئًا |
مِنْ بَعْدِ أَنْ ضَاقَتِ الأَوْطَانُ عَنْ طُرُقِي |
فَلا تَرُدِّي عَلَى يَعْقُوبَ حَاجَتَهُ |
وَلا تَصُدِّي عَنِ الأَبْوَابِ ذَا رَهَقِ |
وَهَدْهِدِي الوَجْدَ فِي رُوحِي التِي وَقَفَتْ |
فِي رَدْهَةِ الصَّبْرِ تَتْلُو سوْرَةَ الأَرَقِ |
يَا قَلْبُ إِنَّ دُهُورَ العَدْلِ قَدْ أَفِلَتْ |
وَبَاتَ دَهْرُكَ جَرْمًا غَيرَ مُؤْتَلِقِ |
زَيْفٌ زَمَانُكَ لا بَعْضُ الوَفَاءِ يَفِي |
فِيهِ الكِرَامَ وَلا كُلُّ النَّقَاءِ يَقِي |
هَذِي جَحَافِلُ جَهْلٍ أَوْغَلَتْ سَفَهًا |
وَقَدْ شَحَذْتُ سُيُوفَ الفِكْرِ فَامْتَشِقِ |
أَنَا المُحَلِّقُ بِالجَوْزَاءِ تَتْبَعُنِي |
كَوَاكِبُ الحَرْفِ تَرْجُو النُّورَ مِنْ بَثَقِي |
كُلُّ البَسَاتِينَ مِنْ شَمْسِي قَدِ ازْدَهَرَتْ |
وَبَهْرَجُ الشِّعْرِ مِنْ غَيمِي النُّضَارَ سُقِي |
أَشَدْتُ بِالأَرْضِ تَاجِ الشَّرْقِ مِنْ مِقَةٍ |
وَشِدْتُ لِلعِرْضِ صَرْحَ الصِّدْقِ مِنْ لَهَقِ |
وَزِنْتُ حُبَّ المَهَا طُهْرًا وَبَلْسَمَةً |
وَخُضْتُ حَرْبَ النُّهَى دَحْرًا لِكُلِّ شَقِي |
وَقُمْتُ لِلدَّينِ سَهْمًا فِي كِنَانَتِهِ |
أَرْمِي عَدُوَّ الهُدَى فِي السَّاقِ وَالعُنُقِ |
وَسِرْتُ بِالحَقِّ لا أَعْنُو عَلَى ضَعَةٍ |
إِلَى المُلُوكِ وَلا أَعْلُو عَلَى السُّوَقِ |
فَيَا لَحَسْرَةَ أَيَّامِي التِي بَذَلَتْ |
إِلَى الجُحُودِ سِنِينَ الجُهْدِ وَالطَفَقِ |
وَيَا لَبُؤْسَ مَوَاوِيلِي التِي صَدَحَتْ |
عَلَى شِفَاهِ عَصَافِيرٍ مِنَ الوَرَقِ |
جُرْحٌ أَنَا فِي المَدَى، كَفِّي عَلَى شَفَتِي |
تَجُوسُ وَحْشَةَ رُوحِي دَمْعَةُ الشَّفَقِ |
وَحْدِي، دَهَانِي الدُّجَى صَلْبًا عَلَى وَهَجِي |
وَتُهْمَتِي سِحْرُ حَرْفٍ حَيثُ بَانَ رُقِي |
مَا زِلْتُ أُصْهَدُ مَنْسِيًّا فَلا وَطَنٌ |
رَعَى مَقَامِي وَلا أَهْلٌ رَأَوا أَلَقِي |
أَحْدُو فُلُولَ أُفُولِ الرَّأْيِ فِي شَدَهٍ |
كَنُورِ طَيْفٍ رَمَاهُ الظِّلُّ بِالوَهَقِ |
يَجُولُ طَرْفِي وَيَعْوِي ذِئْبُهُمُ حَرَضًا |
فِي مَعْبَدٍ وَثَنِيِّ اللَحْمِ وَالمَرَقِ |
وَمَا الخَطِيئَةُ إِلا أَنَّ مَوْهِبَتِي |
قَدَّتْ قَمِيصِي وَفَاقَتْ كُلَّ مُسْتَبقِ |
مَا انْفَكَّ أَزْهَدُ فِي شِعْرِي وَيَلْحَقُ بِي |
يَجْتَرُّ حُزْنَ يَتِيمٍ غُصَّ بِالشَّرَقِ |
كَأَنَّ شَأْوِي تَجَنَّى فَاسْتَبَاحَ دَمِي |
بِكُلِّ مُجْتَرَحٍ فِي الطَّرْحِ مُخْتَلَقِ |
هَلْ كَانَ شِعْرِيَ إِلا بَهْجَةً أَسَرَتْ |
كُلَّ ابْنِ ذَوْقٍ وَسَرَّتْ كُلَّ ذِي وَمَقِ؟ |
وَهَلْ تَأَفَّفَ مِنْهَا غَيرُ ذِي حَسَدٍ |
عَلَى السُّمُوِّ وَغَيرُ القَاسِطِ الحَنِقِ؟ |
مَنْ كَانَ يَحْزَبُ مِنَ قَدْرِي وَمَقْدِرَتِي |
مَنْ كَانَ يَحْسَبُ أَنْ يَشْفَى مِنَ البَهَقِ |
إِنْ يَسْخَرُوا مِنْ قُطُوفِ السِّحْرِ فِي لُغَتِي |
فَنُوحُ حَرْفِي سَيُنْجِينِي مِنَ الغَرَقِ |
أُمِيَّةُ الشِّعْرِ سَاقَتْ لِي نُبُوءَتَهُ |
إِنْ قُلْتُ: إِقْرَأْ تَلا الإِبْدَاعَ وَحْيَ تَقِي |
هُنَا عَلَى الجَانِبِ الغَرْبِيِّ لِي رِئَةٌ |
تَوَضَّأَتْ بِالرِّحِيقِ الطَّاهِرِ العَبَقِ |
وَمِنْ هُنَاكَ أَتَتْ لِلطُّورِ مِنْسَأَتِي |
تَجُرُّ عَبْقَرَ عَبْدًا غَيرَ ذِي أَبَقِ |
بِهِ أًسَطِّرُ فِي الأَلْوَاحِ وَحْيَ رُؤَى |
لِلعَارِفِينَ وَأَرْوِي الرَّأْيَ مِنْ طلَقِي |
أَنَا ابْتِسَامَةُ هَذَا الشِّعْرِ مَا نَطَقَتْ |
نَبْضِي الحُرُوفُ وَمَا غَنَّى لَهَ نَسَقِي |
أَنَا العَبِيرُ أَمَامِي الزَّهْرُ يَمْدَحُنِي |
وَخَلْفَ ظَهْرِي يَعِيبُ الثَّوْمُ فِي حَبَقِي |
أَنَا الشُّعُورُ أَنَا كُلُّ العُصُورِ أَنَا |
رَبُّ الحُضُورِ أَنَا المُنْهَلُّ بِالغَدَقِ |
أَنَا مُقَلِّمُ أَظْفَارَ الحَدَاثَةِ مِنْ |
وَهْمِ المَرَايَا وَمُقْنِي الشِّعْرَ مِنْ مَلَقِ |
خَلْفَ الدُّهُورِ جَعَلْتُ الشِّعْرَ يَعْكُظُ لِي |
عَلَى مَسَافَةِ صِفْرٍ مِنْ دُجَى النَّفَقِ |
لا البُحْتُرِيُّ يَفُوقُ الوَصْفَ فِي قَدَحِي |
وَلا جَرِيرُ يَذُوقُ الفَخْرَ مِنْ طَبَقِي |
وَلا امْرِؤُ القَيْسِ رَغْمَ السَّبْقِ يَسْبِقُنِي |
وَلا زُهَيرُ يُدَانِي حِكْمَةً حَذَقِي |
وَلا حَبِيبُ بْنِ أَوْسٍ كَانَ فِي فَلَكِي |
وَلا أَبُو الطَّيِّبِ الكِنْدِيُّ فِي فَلَقِي |
وَلا ابْنُ زَيدُونَ يُؤْتَى رِقَّةً غَزَلِي |
وَلا المَعَرِّي يُضَاهِي فِي التُّقَى يَقَقِي |
وَلا الفَرَزْدَقُ لا قَيسٌ وَلا عُمَرٌ |
وَلا نِزَارُ وَلا الأَعْشَى وَلا شَوِقِي |
لَوْلا تَرَاءَى أُولِو حِلْمٍ إِلَى عِظَةٍ |
وَأَنْصَفُوا الحُكْمَ بِالقِسْطَاسِ وَاللَّبَقِ |
أَمْ يَحْسُدُونَ فَقَدْ أَغْرَاهُمُ أَدَبِي |
حَتَّى كَأَنَّ اعَتِدَادِي شَهْقَةُ الرَّمَقِ |
لَمْ يَقْفُ مِنْهُمْ رِضًا إِلا مُدَاهَنَةً |
وَلَمْ يُقلْهُمْ قِلًى إِلا عَلَى قَلَقِ |
فَحْوَى المَطَامِحِ فِي تَعْرِيضِ مُتَّهِمٍ |
بَلْوَى المَلامِحِ فِي حَتْمِيَّةِ الزَّلَقِ |
مَا انْفَكَ يَسْفَعُهُمْ بِالمَقْتِ غَيْظُ هَوَى |
حَتَّى ازْدَرَونِي وَبَالُوا الحِقْدَ فِي الحُمُقِ |
وَإِذْ تَأَذَّنَ هَامَانِي لَيُسْمِعُهُمْ |
أَقْذَى الهِجَاءِ وَلَكِنْ رَدَّنِي خُلُقِي |
مَنَ كَانَ يَلْبِسُ تَاجَ الشِّعْرِ مِنْ دُرَرٍ |
فَلَيسَ يَجْلِسُ فَوقَ العَرْشِ بِالخِرَقِ |
قَالُوا هُوَ الكِبْرُ قُلْتُ الكِبْرُ لَيسَ سِوَى |
غَمْطِ الدَّيَاجِرِ مَا لِلشَّمْسِ مِنْ أَلَقِ |
وَالأُفْقُ لِلشَّمْسِ مَا بَانَتْ فَإِنْ أَفَلَتْ |
فَلِلنُّجُومِ التِي تَخْتَالُ فِي الأُفُقِ |