البابُ الجَّديدُ!
... يُحكى أنَّ زوجَهَ كانتْ تحفظُ معظمَ أجزاءِ القرآنِ الكريمِ، وكانت أمُّها تحاضرُ في دروسِ النِّساءِ الدِّينيةِ، وكانتا على معرفةٍ تامَّةٍ في حقوقِ الزّوجِ تجاهَ زوجِهِ. قالتْ لهُ حماتُهُ يوماً:
هل هوَ هذا حالُ عروسينِ جديدينِ؟!
قالَ لزوجهِ -ولم يكن يعرفُ من أمورِ دينهِ إلا الواجباتِ الأساسيةِ من صلاةٍ وصومٍ-: غداً سنذهبُ إلى المفتي أنا وأنتِ، قالتْ: وماذا ستقولُ للمفتي يا تُرى؟! قال: سأقولُ أنَّكِ تشتمينني وقد طلبتِ الطلاقَ، والمؤخرَ والنّفقةَ، وأنّكَ تغارينَ حتى لو سلّمتُ على أُختي!
منذُ شهرٍ طلبتُ إلى حارسِ العمارةِ أن يُغيِّرَ قفلَ بابِ الكراجِ الصَّدىءِ، وذلكَ لسهولةِ الوُلوجِ والخروجِ دونَ المدخلِ الرَّئيسيِّ للطابقِ الأرضيِّ بعدَ أن أصبحَ الكراجُ المخصّصِ للطابقِ الأرضيِّ عريشَ كَرْمٍ نستظلُّ فيه، وربّما استقبلتُ فيهِ بعضَ الضيوفِ الّذينَ يفضلونَ الجلوسَ في فناءِ البيتِ للتّرويحِ بمشاهدةِ الأحواضِ الّتي احتفلت بالوورودِ والزُّهورِ وبعض الأشجار المثمرة تحتَ الشمسش أو في الظِّلِّ. وذلكَ بعدَ أن أصبحَ الكراجُ العامُّ للعمارةِ أسفلَ العمارةِ يتَّسعُ لجميعِ سيّاراتِ سكّان العمارةِ ويزيدُ. تلكأَ الحارسُ لاحتجاجِهِ بكثرةِ الأعمالِ المنوطةِ بهِ-أو ربمَّا ظنَّ أنَّنا لن أدفعَ لهُ مُقابلَ هذا العملِ الإضافيِّ-
عادَ من العملِ إلى البيتِ في المساءِ، أدارَ مقبضَ البابَ ليدخلَ..طرقَ البابَ لم يردَّ أحد رُغمَ سماعِ حركةٍ خفيفةٍ في البيتِ وهيهمةٍ، أخرجَ مفتاحَ البيتِ من جيبِهِ، أدخلَ المفتاحَ أدارَهُ في قفلِ البابَ، لم يَدُرْ المفتاحُ في القفلِ..
طلبتْ زوجي إلى حارسِ العمارةِ أن يدهنَ سقفَ أحدِ الحمّاماتِ- وكنتُ شاهداً- مقابلَ عشرةِ دنانيرَ، فأبى إلاّ بخمسةِ عشرَ ديناراً، ثمَّ أدارَ ظهرَهُ وتولّى. ذهبتْ زوجي إلى جارتِها فاستعارتْ فرشاةَ طراشةٍ اسفنجيَّةً دوّارةً، ذا عصاً طويلةً تنتهي بمقبضٍ..فتوليَّتُ المهمَّةَ فأنجزتُها في ساعةٍ، لم يُعجبْ عملي زوجي لمّا رأتِ البقعَ الجافّةَ والتي لم تجفَّ بعدُ، فظهرَ السَّقفُ في لونين إذ قالتْ: لولا دفعنا الخمسةَ عشرةَ ديناراً!!..لكنّها في المساءِ رضِيتْ وسُرَّتْ لمّا رأتِ الجفافَ طغى على بياض السّقفِ كما يجبُ أنْ يكونَ، وقدْ قالت بابتسامٍ: أبدى الحارسُ نشاطاً غيرَ اعتياديٍّ، إذْ أحضرَ قبلَ ساعةٍ قفلاً جديداً لبابِ الكراجِ وقامَ بتركيبهِ!
جاءتِ الشُّرطةُ واعتقلتْ أخَ الزَّوجِ الذي ذهبتُ أختُهُ مغاضبةً إلى دارِ أبيها، وعادَ الزَّوجُ معَ النّجارِ بقفلٍ جديدٍ..