للأمن أهمية كبيرة في حياة الدول والشعوب ؛ إذ يعمل على الاستقرار ، وحفظ الحقوق ، وغير ذلك من الفوائد والمزايا ... وقد تحدث ديننا الحنيف عنه في القرآن والسنة ؛ لسمو مكانته ، وارتقاء شأنه ؛ ففي سورة قريش قال تعالى ( لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) .
وقد ذكر الله – تعالى – في السورة السابقة الذكر نوعين عظيمين من أنواع الأمن ؛ أما النوع الأول فهو الأمن الغذائي في قوله – تعالى - (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ) وتقوم بهذه الوظيفة وزارات التموين في عالمنا العربي ، وأما النوع الثاني فهو الأمن العام في قوله – تعالى - ( وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) ، وهذه الوظيفة تقوم بها وزارات الدفاع ووزارات الداخلية في عالمنا العربي .
وقد اهتمت السنة النبوية اهتمامـًا كبيرًا بالأمن ؛ حيث قال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَصْبَحَ مُعَافَى فِي بَدَنِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ) .
وقال – أيضـًا - ( عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ).
وعلينا ألا نغضب من وجود الأمن في الوزارات العربية المختلفة ؛ لأنه يحفظ الاستقرار للعمل ، والطمأنينة للموظفين .
وعلى أجهزة أمن الدولة في عالمنا العربي أن تتخلى تخليـًا نهائيـًا عن مجموعة من المصطلحات الفكرية التي تؤدي إلى الفـُرقة أو ضعف الدولة ، ومن أهم هذه المصطلحات مصطلحا الإرهاب والقومية ، وأقترح أن يكون مكانهما مصطلحا العنف والوطنية ؛ لأن لفظة الإرهاب لها بـُعدان ؛ بـُعد سلبي ، وبـُعد إيجابي ؛ أما البـُعد السلبي فهو الذي يختص بالقتل والهدم والحرق وترويع الآمنين وغير ذلك من عادات سيئة لا بد أن يـُجرِّمها المجتمع من أصغر صغير إلى أكبر كبير ؛ وأما البـُعد الإيجابي فهو ذلك البـُعد الذي يختص بجيوشنا حال الاستعداد في ساحات التدريب الخاصة ؛ من خلال بذل العرق في هذه الساحات التدريبية ؛ توفيرًا للدم المهدور في المعركة ، وتقوم وسائل الإعلام المختلفة بنقل أحداث التدريب عبر التلفاز ، ووسائل الإعلام المختلفة ، ولهذا الأمر بـُعدان ؛ بـُعد داخلي ، وبـُعد خارجي ؛ أما البـُعد الداخلي فيختص بوضع الثقة في قلوب المواطنين تجاه جيش الدولة عند رؤية مهارات الجنود أثناء التدريب ، وأما البـُعد الخارجي فيختص بالدول الخارجية التي تطمح في الإغارة على الدولة ؛ لكنها عندما تشاهد قوة جيش الدولة وتنوع الأسلحة المـُستخدمة في البر والبحر والجو يـُلقي الله الرعب في قلوب الأعداء ، وهذا الأمر يتصل اتصالاً كبيرًا بقوله تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) .
ولفظة القومية أرجو أن يحل محلها لفظة الوطنية عند ذكر الأمن القومي للدولة أو غير ذلك ؛ لأن لفظة قوم تـُطلق على الرجال فقط من دون النساء قال – تعالى – في القرآن الكريم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ) ." أي رجال من رجال ولا نساء من نِساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من نساء؛ وكذلك قول زهير:
وما أَدرِي، وسوفَ إخالُ أَدري،
أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِساء؟ "
ومن ثمَّ فليس من المعقول – أبدًا – أن يكون الأمن حاميـًا للرجال فقط من دون النساء ؛ ولذلك أرشح أن نطرح لفظة القومي من فكرنا ، ونستعين بلفظة الوطني ، وبالجيش المصري - على سبيل المثال - مجلس يـُسمى مجلس الدفاع الوطني ؛ وهي تسمية متميزة للغاية ... حفظ الله جيوشنا العربية من كل سوء ، وكتب لنا التقدّم والرقي في شتى مجالات الحياة .
*******************************
المُخـْلـِص : مُـرَاد مُـصـْـلِـح نـَـصـَّـار .
*******************************