التابعة
طالما أرهقتني بطلباتها العسيرة ، وانا اسارع الى تلبية كل ما ترجوه ، وما تتمناه من أشياء قد تكون بعيدة ، عن القدرة على التصديق ، وكثيرا ما كنت أسمع نصائح جادة من أشخاص معروفين بالانصاف وحب العدالة ، انني يجب ان انتبه لنفسي ، وان أحرر ارادتي من الانصياع لرغباتها الكثيرة ، والتي يرهقني الوفاء بها ، وأمانيها المتزايدة على الدوام ، ما دامت تجد مني مسارعة الى تنفيذ ما تأمرني به ، استمع الى النصائح التي اعلم تمام العلم انها مخلصة لي ، ولكن ماذا افعل واليد قصيرة كما تعلمون ، وانا وحيدة والدي ، وليس لي صديقات استمع لكلامهن ، واسير حسب مشيئتهن الا سلوى ، التي مهما بلغت سيطرتها على شخصي الضعيف المتواضع ،الا انني أجد نفسي معزولة في هذا العالم الغريب ، ان خاصمتني يوما لتقاعسي عن تلبية طلباتها الشاقة المؤبدة ، حالما انتهي من اعداد واجباتي المدرسية ،حتى أسارع الى منزل سلوى ، استمع بانبهار يثير فيها الفخر ، الى ما ترويه من حكايات ، اعرف انها مبالغ فيها كثيرا ، وقد لاتتضمن من الصحة الا خمسا في المائة ، ولكن ماذا افعل وانا غريبة ، لااحد يحدثني عن امره ويخبرني عن أحواله ، وكيف قضى نهاراته ؟ ، الا تلك المخلوقة التي مهما قالوا عنها ، أنها متكبرة ومغرورة ،الا انني اسارع الى منزلها كل يوم لأمتع نفسي برواياتها المثيرة للاعجاب .
ولا ابالي ان نعتني احدهم ،باحدى الصفات البعيدة عن حقيقة شخصيتي ، كل ما ارجوه ان اكون قريبة من محمود ، ذلك الرجل الذي طالما داعبت شخصيته خيالي ، اعرف انني امرأة لاتحسن التعبير عن نفسها ، لاتظهر عليها عواطفها ، ولكن من يعلم ؟ ربما عرف بحالي ، وما أقاسيه وانا ساهرة طوال ليلي ، أتضرع الى الله ان يجعله يرأف بحالي ، ولكن كيف يمكنه ان يهتم بأمري ؟ ، وانا شبه خرساء ، لااحسن الا خدمة صديقتي سلوى ، والتفاني في ارضائها.
خلقني الله هكذا ، لاأثير الالتفات ، مع انني أحمل صفات ناصعة ،كما يقول العارفون بكنه الامور وحقيقتها ، سلوى حبيبتي قد تعرف حالتي ، وقد اقتدي انا بها ، فأصبح امراة تحظى بالاهتمام ، وانا لااطمح الا بان يراني محمود ، ويعرف كم أعاني من عذاب الوجد ، ومن عناء الهوى ،وما أقاسيه من ابتعاد الناس ، الذين لاأبالي بأمرهم ، الا هو المخلوق الأثير
لااحسن رواية الاحاديث ، وان كنت اعرف الكثير من الحكايات ، وحين اخبر سلوى باحدى الحكايات التي سمعتها ، تسارع هي الى اضافة التوابل والبهارات الى ما سمعته مني ، فتأتي قصتها اجمل من قصتي ، واشد فتنة ومهارة ، استمع اليها بشغف ، متناسية انها من قصصي انا.
احل لها التمارين المدرسية ، وأقوم بالواجبات الملقاة على عاتقها خير قيام ، اذهب الى المكتبات لكتابة أحد البحوث ، الذي طلبه الاستاذ منها ، وانا راضية مغتبطة ، ما دامت سلوى راضية عني ، وحين تأتي نتائج الامتحان اكون عالمة بها في البداية ، فانا لااحرز الا على الدرجات الدنيا ، اما سلوى المجتهدة اللبقة ، فانها تكون في مقدمة الناجحين والناجحات
اكوي لها ملابسها ، واخرج انا مرتدية لباسي بلا كوي ولا ترتيب ، انا طبيعية ، لااحسن تزويق الأمور ، والجري وراء المظاهر الخداعة ، كل ما في قلبي يظهر على لساني ، اقول للقبيح صراحة عن صفة القبح ، دون ان اخشى شيئا ، فابتعد عني الأصحاب ، وتجنبني الأحباب ، وكل منهم يجد انني لااحسن الصحبة ، ولا احترم الصداقة ،الا سلوى ، بقيت ملازمة لي ، تستقبلني في منزلها وتحدثني بحكاياتها الجميلة التي لاتنقضي.
انتم لا تعرفون صديقتي سلوى ، الانسانة الخلوقة المبتسمة على الدوام ، الطموحة التي تحسن معاملة الناس ، الذين تهمهم المظاهر فقط ، ولا يحاولون ان يعرفوا شيئا عن الجوهر ، يشتري لي ابي الملابس الانيقة وحين ارتديها ، تبدو على جسدي بالية عتيقة ، وحين ترتديها سلوى تبدو ساحرة الجمال ، الجميع يتغنى بفتنها وجلالها وبهائها ، ان ذهبنا معا في نزهة او مشوار ، سارت أمامي والجميع ينظر اليها بافتتان واعجاب ، يظنون انني خادمتها ، مع انها صديقتي الوحيدة.
افرح حين تحقق سلوى احدى امنياتها الكثار ، ويتملكني السرور عندما تصل الى مبتغاها ، أحببت محمود بصمت ، دون ان احدث احدا بقصتي ، كنت اهديه وردة فيظن ان سلوى هي الواهبة.
جاءتني يوما لتزف لي البشرى
- انت صديقتي الحبيبة ، وسوف تفرحين لفرحي
يتحدثون عن الحب والغيرة ، لماذا أغار ومحمود لم يلتفت لي يوما ؟، اخفي شعورا بالمرارة يحيط بي ، هل أظل هكذا شخصية هامشية ؟ وكيف أتغير ؟ والجميع يرى انني امّعه بائسة .
أشعر احيانا بضرورة ان أتغير ، ولكن سرعان ما يصدمني سؤال غريب يلح علي باستمرار :
- لماذا التغير ؟ وحلمي الوحيد أفل نجمه واندثر.
ألعق جراحي وخيباتي وانا ارسم ابتسامة ، كل من رآها يعرف ان صاحبتها امراة بلهاء لايرجى شفاؤها
اتناسى اخفاقاتي ، والازم سلوى ، وألبي طلباتها
صبيحة شبر
12 حزيران 2007