جنون أخضر
تركض الطفلة وسط الأعشاب بين الأزهار والخضرة تملأ محياها البسمة .. بل الضحكة الصاخبة تلك التي تعكسها الروح والقلب .. وأعماق الجوارح ..
هاهي تزيح النبات الطويل .. الأطول منها .. إلى أن تخرج للسهل الواسع حيث الأزهار الصغيرة .. موطن الفراشات ..
مسكن الفراشة .. حلمها الأزلي ..
تجري في المساحة الواسعة بطاقة الحب .. بسعادة الشغف وبجاذبية الجمال .. تضرب النسمات بحركاتها العفوية .. تطأ التراب الندية بخطاها الواثقة .,
وترفع يديها تريد التقاط ذلك العصفور الذي يطير في السماء
ومع معرفتها باستحالة الأمر إلا أن متعة تتبع الطيران وتخيل الانجراف مع العصفور تغري بالتطرف ..
تترك الطائر بعد أن يتوارى بالأفق وتلتفت للفراشة الملونة على مقربة منها
بفرحة الظفر بالحلم تجري خلفها .. وما إن تقترب من إمساكها حتى تطير .. إنما لا تذهب بعيدا بل تنتقل من زهرة لزهرة وكأنها تريد ملاعبتها .. تفرح الطفلة بهذا التوحد وتجعل تلاحقها أينما حلت بلذة بالغة
يا الله ما أجملها من بقعة .. تشرح الفؤاد وتنشرح لها القسمات
مهلا ما هذا .. صمت غريب يخترق المكان .. يفسد لذة الإنصات لمفردات الطبيعة
هدوء عجيب يقتحم يتغلغل يدنس الصفاء
لاااا... لقد حان الوقت
التفت حولي .. كيف للساعة أن تلتهم اللحظات هكذا ؟
صوت الجرس بدأ يصيح ويخمد أي شك بانتهاء الوقت
جرس ضخم يهز بصوته الجدران يتضخم ويتضخم .. حتى وكأنه يصم الأذان
الرعب يتساقط .. الظلام يلتهم المساحة الواسعة وكل شيء يختفي رويدا رويدا ..
الفراشة تختفي .. الأزهار .. تذبل وتجف .. العشب الأخضر البهي يتحول سواد
تزيد حدة الجرس
أدوس الخوف حولي بريبة
هيا مازالت لدي مساحة طويلة اجتازها ,,. لابتعد عن الظلام المحدق هنا .. وأرحل لضفة الأمان
أجري لأصله السياج الفاصل .., أركض برهبة الخوف
بغيتي السياج
هدفي السياج
أملي ما خلف السياج
التراب خلفي يزحف .. كلما خطوت خطوة .. أرى الأرض تلتهم ترابها فأخاف أكثر ,, وأسارع
إلى أن أصله السياج أتشبث بأسواره وأتطلع لما خلفي .. كل شيء به يتفحم
ويتحول لدخان .. يتناثر في الهواء
يمكنك دوما أن تحلم ..
إنما لا تنسى السياج الفاصل
أدخل متاهات .. انجرف وتفرعات .. اذهب صوب تلك العوالم المختلفة
لكن لا تنساه السياج الفاصل
فحين تتشبث بأسواره فقط .. يمكنك أن تفرق بين الحلم والحقيقة
بين الموجود والسراب
بين تفكيرك حين يجنح للمنطق
وحين ينسلخ للجنون
من مذكراتي الهذيااان
؛