أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: مــات وكـفى !

  1. #1
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,370
    المواضيع : 201
    الردود : 2370
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي مــات وكـفى !

    ... نام غاضبا على جوع، رأى ملابسه تخرج من الدولاب المفتوح تباعا، تتطاير، وهي تصدم بعضها داخل غرفته، بات يلاحقها بعينيه. شبح ــ كأنه انبعث من الجدران ــ يتلقف بيده كل الملابس التي تمر أمامه، يطويها بعناية ويضعها في حقيبة جلدية.
    استيقظ مفزوعا. ضغط على زر الكهرباء المحاذي لسريره، غرز عينيه في جسمها المحشو في الملاءة الحمراء، شرع يقرأ جسدها من تحت الغطاء. أحست به أنه يتابع أنفاسها فرفعت غطيط نومها، يبس الريق على شفتيه، ثقل لسانه. بأنفاس حارة قال: نامي ولا تستيقظي، لقد مولت أحزاني يوما بعد يوم، وعملت على تعطيل طاقتي الفكرية والنفسية. لم أعد أنا، إذا كان كذلك، فمن أنا ؟
    غادر السرير دون أن يحدث خشخشة. بحذر شديد، تأمل زوايا الغرفة، ما زالت الأشياء في مكانها تشهد على صمت الجدران. انطلق نور النهار يمحو ظلمة الليل، وجاءت أشعة الشمس تغسل أحشاء شوارع المدينة وأزقتها. خرج مندفعا والهواجس تتقاذفه، والرعب يزلزل قوته، وهو يسرق أنفاس الفضاء في صمت. أشار بيده وقال:
    هناك... على الجسر كان الحب يرفرف بيننا، على ضفة النهر كنا نتذوق برودة مياهه بأيدينا، على تلك الصخرة كنا نجلس زمنا، والصفاء يختبئ بين أضلعنا. في الحديقة العمومية، ربطنا صداقة مع الحمام وهو يلتقط حبات الفواكه الجافة أمام أعيننا. ويخطف فتات الخبز من كفينا. الأيام تتحدث عن نفسها، تعرف متى كنا نقعد جنبا إلى جنب، ومتى ننهض ويدي اليمنى تمتص عرق يدها. الآن، من أنا؟ ما أنا إلا رقم بشري تائه تحاصره الوساوس في وضح النهار، نظرت إلى وجهي في المرآة فما عرفت نفسي، ها أنا أنظر إليها بلون الذوبان والتلاشي.
    ما زال نقيق الضفادع يقلق صمت المياه، كأن جنازة خفية تقام بين دعامات الجسر. اهتزت أطرافه، انزعج قلبه، لكنه تحمس أكثر لما وجد الهواجس لا تضعفه، بل تمنحنه القوة لمعانقة نشوة الانتصار على الحياة.
    المكان يشكو الخواء. والضباب الأبيض ينسل في هدوء، والتاريخ يخترق الزمن الآتي دون أن يخلف أثرا على صفحاته. وقف على حافة الجسر الإسمنتي، مدد نظره إلى الأعلى، أغمض عينيه، بسرعة قفز تاركا بطنه يرتطم بالماء الجارف...
    بعد ثلاثة أيام، كانت زوجته تضع الزهور على قبره، وبجانبها رجل يظللها بمظلة خضراء وهو يرتدي بذلة زوجها الزرقاء.

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 1,270
    المواضيع : 38
    الردود : 1270
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    هنيئا له سيجد الراحة أخيرا !! من تفتقر إلى الوفاء و تتمادى في نكران العشرة الطيبة ..تجف دموعها سريعا و تصطحب زوجا جديدا ..

    نص اجتماعي نقدي هادف ..و لغة سلسة بخاتمة قوية و قفلة مدهشة ..

    دمت و دام قلمك الباذخ بالجمال أستاذي الفاضل ..الفرحان بو عزة ..

    تحاياي.
    كـلُّ الـشموس تـجمّعتْ فـي فُـلْكهِ
    ويَرانِيَ الشمسَ الوَحيدةَ في سَماهْ

  3. #3
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأستاذ الفرحان بو عزة..
    نصّ جميل بطابع اجتماعي ..
    كعادتك تجول بِنَا بين التفاصيل .. بالوصف الدقيق ..حتى الخاتمة القوية..
    تحياتي.
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,189
    المواضيع : 318
    الردود : 21189
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    ياللوفاء المنقطع النظير .. تضع الزهور على قبره ـ وبجانبها رجل يرتدي بذلته الزرقاء
    وهنا تفسير لحلمه .. رجل يتلقف ملابسه المتطايره ويضعها بعناية في حقيبة جلدية.
    ترى هل تستحق هذه الخائنة الخبيثة التي عملت على تعطيل طاقته الفكرية والنفسية
    وملأت حياته بالحزن ورمت به بين الوساوس والهواجس ـ هل تستحق أن يقتل
    نفسه لتعيش هى؟؟؟
    بالسرد والوصف والقص جعلتنا نندمج بالصورة فتصلنا بصدق عجيب إلى حد الوجع
    أبدعت في الوصف ونقلت المشاعر ببراعة وأوصلت الفكرة.
    يبقى شيء واحد لفت إنتباهي.. ترى هل هى مقصودة تلك الألوان التي ملأت النص:
    الملاءة الحمراء ـ الضباب الأبيض ـ مظلة خضراء ـ بذلة زوجها الزرقاء.
    ترى هل هناك ما تعنيه أو تريد إيصاله ؟؟
    تقديري لقلمك الذي تمسك لجامه بقوة
    وتحية لك بحجم الإبداع. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 1.99

    افتراضي

    نام غاضبا مع احساسه بالجوع لها لتواجهه افكاره مرتدية ثوب الاحلام، ينهض من نومه ويبقى معلقا بالحلم
    ممزقا بعينيه ذلك الغطاء الذي يشعل الضوء الاحمر في غريزته لتطفئه ببرودها او هروبها
    ينسل متسلللا الى الماضي على أمل العثور على بقايا من نفسه فيدرك انها قفزت في بحر اليأس، فيتبعها على نية الخروج من الحلم الى الحقيقة التي زينتها الزهور ومظلة أنيقة تُظلل بدلته بعناية .
    وككل الاشياء التي ماتت وستموت سيبقى هناك سحابة ذكرى وكفى
    ربما ملني التكرار لكنني لا أجيد التعبير في كل مرة ..كل ما استطيع قوله
    أبدعت
    كل التقدير

  6. #6
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,370
    المواضيع : 201
    الردود : 2370
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر أحمد سمير مشاهدة المشاركة
    هنيئا له سيجد الراحة أخيرا !! من تفتقر إلى الوفاء و تتمادى في نكران العشرة الطيبة ..تجف دموعها سريعا و تصطحب زوجا جديدا ..

    نص اجتماعي نقدي هادف ..و لغة سلسة بخاتمة قوية و قفلة مدهشة ..

    دمت و دام قلمك الباذخ بالجمال أستاذي الفاضل ..الفرحان بو عزة ..

    تحاياي.
    الأديبة المتألقة سحر تحية طيبة ..
    شكرا على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ،
    فعلا ،بطل لم يدافع عن نفسه ، ولم يستطع أن يبتعد عن وسارسه ..فهلك نفسه ..
    شكرا على اهتمامك النبيل وكلمتك الطيبة ، كلمة اعتزبها ..
    مودتي وتقديري ..

  7. #7
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,370
    المواضيع : 201
    الردود : 2370
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السلام دغمش مشاهدة المشاركة
    الأستاذ الفرحان بو عزة..
    نصّ جميل بطابع اجتماعي ..
    كعادتك تجول بِنَا بين التفاصيل .. بالوصف الدقيق ..حتى الخاتمة القوية..
    تحياتي.
    شاعرنا المبدع ومبدعنا المتميز عبد السلام .. تحية طيبة ..
    شكرا على قراءتك القيمة للنص .. فعلا أخي ،النص له طابع اجتماعي ،
    والسؤال : هل يوجد في المجتمع رجال يشبه حالة البطل ..؟
    محبتي وتقديري .. شكرا على اهتمامك النبيل ..

  8. #8
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,370
    المواضيع : 201
    الردود : 2370
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    ياللوفاء المنقطع النظير .. تضع الزهور على قبره ـ وبجانبها رجل يرتدي بذلته الزرقاء
    وهنا تفسير لحلمه .. رجل يتلقف ملابسه المتطايره ويضعها بعناية في حقيبة جلدية.
    ترى هل تستحق هذه الخائنة الخبيثة التي عملت على تعطيل طاقته الفكرية والنفسية
    وملأت حياته بالحزن ورمت به بين الوساوس والهواجس ـ هل تستحق أن يقتل
    نفسه لتعيش هى؟؟؟
    بالسرد والوصف والقص جعلتنا نندمج بالصورة فتصلنا بصدق عجيب إلى حد الوجع
    أبدعت في الوصف ونقلت المشاعر ببراعة وأوصلت الفكرة.
    يبقى شيء واحد لفت إنتباهي.. ترى هل هى مقصودة تلك الألوان التي ملأت النص:
    الملاءة الحمراء ـ الضباب الأبيض ـ مظلة خضراء ـ بذلة زوجها الزرقاء.
    ترى هل هناك ما تعنيه أو تريد إيصاله ؟؟
    تقديري لقلمك الذي تمسك لجامه بقوة
    وتحية لك بحجم الإبداع. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    تحية طيبة الأخت المبدعة المتألقة نادية ..
    شكرا على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع ..
    سررت بهذه الملاحظة القيمة فيما يخص ،"استعمال ألوان " ملاحظة لم أضعها في الحسبان لما كنت أكتب القصة ، وبدوري استغربت من استعمال ألوان بعينها ..
    ورغم أنني قرأت كثيرا عن دلالة الألوان في علم النفس والقرآن الكريم لم أجد تفسيرا مقنعا لنفسي ولغيري على استعمال ألوان بعينها ..
    كل ما هناك أحب اللون الأخضر والأزرق كثيرا .. فهل هناك علاقة للألوان بنفسية الإنسان ؟ ومهما حاولنا من تأوليات فإنها تبقى غير مقنعة ..
    شكرا على اهتمامك النيبل وكلمتك الطيبة ..
    مودتي وتقديري ..

  9. #9
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,370
    المواضيع : 201
    الردود : 2370
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خلود محمد جمعة مشاهدة المشاركة
    نام غاضبا مع احساسه بالجوع لها لتواجهه افكاره مرتدية ثوب الاحلام، ينهض من نومه ويبقى معلقا بالحلم
    ممزقا بعينيه ذلك الغطاء الذي يشعل الضوء الاحمر في غريزته لتطفئه ببرودها او هروبها
    ينسل متسلللا الى الماضي على أمل العثور على بقايا من نفسه فيدرك انها قفزت في بحر اليأس، فيتبعها على نية الخروج من الحلم الى الحقيقة التي زينتها الزهور ومظلة أنيقة تُظلل بدلته بعناية .
    وككل الاشياء التي ماتت وستموت سيبقى هناك سحابة ذكرى وكفى
    ربما ملني التكرار لكنني لا أجيد التعبير في كل مرة ..كل ما استطيع قوله
    أبدعت
    كل التقدير
    المبدعة المتألقة والأديبة المتميزة .خلود .
    شكرا على قراءتك الهادفة والمركزة لهذا النص المتواضع ..
    لا تكرار ولا ملل من القول ،قراءة مبنية عن وعي وإدراك ..
    وذوق أدبي رفيع ..
    شكرا على اهتمامك النبيل وكلمتك الطيبة ..
    مودتي وتقديري

  10. #10
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,788
    المواضيع : 392
    الردود : 23788
    المعدل اليومي : 4.12

    افتراضي

    أماتته حيا بخيانتها , وميتا برفقة رجل آخر إلى قبره يرتدي حياته
    بلغة جميلة وسرد ماتع وحبكة قوية كانت تلك الاجتماعية البهية نبيلة المقصد
    شكرا لك أديبنا الفاضل
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. !.. مــات حـيّـاً ..!
    بواسطة أحمد فؤاد هاشم في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 06-03-2024, 06:32 PM
  2. عـــودة مــلك مــات هــزيـمـة ً قبــل ألــف عـــام
    بواسطة محمد الهيصمي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 01-07-2015, 08:25 AM
  3. و مــات ،،،
    بواسطة عمرو عبدالرؤوف في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 30-09-2006, 03:16 PM