محمد ذيب و أحمد المعطي // من حلبة السجال // متجدد

لونُ الربيعِ مُؤمِّلٌ وجَميلُ
.....................من سندسٍ وبساطهُ مَجدولُ
فالعشبُ مُخضَلٌّ بأنفاس الندى
...................والورْدُ يضحكُ والنسيمُ عليلُ
لكنَّ أوراقَ الخريفِ تمرّدتْ
.....................وتحشّدتْ بعد السُّقوطِ فلولُ
لم تألُ جُهْداً في الخداعِ ثعالبٌ
................واستمرَأت صفرَ الثيابِ عقولُ
فاستنفرتْ طبْعَ الضِّباعِ وأوْغَرْتْ
..............صدْرَ الزَّواحِفِ والكلابُ تجولُ
حتى اكْترَتهُ دَراهمٌ منْ فضّةٍ
...................فاستأسدَ المَرْذولُ والمَغْلولُ

ليـل اذا افتُقِـدَ الضيـاء يطــول
ويزيد من ألــم الحيــاة جَهـول

مُـدَّت اصــابعه في كل نــاحية
وترنحـت بين الظـــلام عقــول

وحقيقة الضوء البعيـد تكشـفت
ببراعـــم مصبــاحها التنـــزيل

حملته دربــا لاســتعادة فجـره
من عتمـة في رأســها التجهيل

وقفت على أرض الجهاد بغزة
والليـل من كل الجهـات يســيل

لم تمنع الإشـعاع غيمة ســاقط
أو تطفيء المصباح وهو دليـل

ليْلُ الجَهالةِ قاتمٌ وهزيلُ
...................فيه ابنُ آوى والكلابُ تَجولُ
والرِّيحُ والأرْواحُ تنفُثُ حِقدَها
....................بطَلاسمٍ في سَمْتِها التَّدْجيلُ
للنّورِ في حَدَقاتِها ترنيمَةٌ
...............تأتي بوَهْج الشمسِ وهيَ تقولُ:
للهِ آياتٌ نَلوذُ بسِرِّها
...................ونَعوذ من عتمٍ مَداهُ يَطولُ
يسعى بثوْب الليل في نزَواتِه
....................وَيَسيرُ في طيّاتِه التَّخذيلُ
ما زالَ قرْص الشمْسِ رغمَ كُسوفِهِ
...............فرَسُ الرِّهانِ وتصَطفيهِ عُقولُ
يأتيكَ بالفجر الضَّحوكِ سِراجُهُ
..............لترى وتدرِكَ ما البُغاثُ يَعولُ

لا يدرك الضوء البعيــد مكانة ً
إلا خبيـــر عـــالم ورســول

درس الحياة وجال في أرجائها
متعلمــا لــم يُغــــرِه التطبيــل

وتنـاول التـاريخ يــأخذ عبــرة
من راحتيه ســيصدق التأويل

أمم تهــاوت حين أمسك حبلها
فرعونهـا ومضى به التضليل

ها نحن نمضي والنهاية فــاقة
ومَواطن نحــو الخـراب ئؤول

والسادة الأحرار فوق عروشهم
مــا همَّهــم ليــل عليَّ يطــول

لِمَعاول التَّخريبِ بين ضلوعِنا
........................همْسٌ وفي همَزاتِها التَّضليلُ
والعتمُ يفترسُ النُّفوسَ سَوادُهُ
.......................إنْ لمْ تَصاولُهُ بالضياءِ عقولُ
تتدارَسُ الأحداثَ في عَصْفِ الرُّؤى
...........................تستقرئُ التاريخَ فيهِ تجولُ
هذا كتابٌ تحتَ أضلُعِهِ ندىً
...........................ترقيكَ قطرتُه وأنتَ عليلُ
كشفَ الغطاءِ فللعيونِ بريقُها
..........................بعدَ انقشاعِ العتمِ وهوَ ذليلُ
فمحاكم التفتيشِ تقضي نحبَها
...........................لمّا تبادِرُ بالصَّهيل خيول

لصوت الفجر وشوشة
ســعيد من يدانيهـــا

ومن يحيــا بلحظتهــا
ومن يدنــومراميهـــا

ومـن يرقي لخفقتهـــا
ويغـرفْ من مآقيهـــا

هنــا في الفجر آيــات
غني من يــلاقيهــــا

تحلق في فضـاء الكـو
ن والاسـرار تخفيهــا

فكن ذاك الـذي يسمـو
لأبعــد نقطــــة فيهـــا

هو الفجر الجميلُ يبُثُّ نورا
......................ويبعثُ في مرابعنا السرورا
بأنفاسِ النسائم نثَّ عطراً
.....................وفي رَمضانَ يُمتعُنا حُبورا
على الأذكارِ ننهضُ من سُباتٍ
......................ونَطلُبُ قبلَ طلَّتِه سُحورا
وباسم الله تدعونا صلاةٌ
.......................وَنُمنَحُ إثرَها خيْرا كثيرا
بعفو الله نأملُ من رَحيمٍ
......................ونأملُ أن يُجنّبنا الشرورا

ركبت الحزن في عتم الليـالي
وزاوجـت الحقيقــة بالخيـــال

فكــم قــاربتُ مــا بيني وبيني
كأني صـرت مفتـاح الســؤال

يغيب الدمع عن عيني وعيني
اذا رقَّـت تبــوح بــلا انفعــال

تجمَّدت الدموع وعِشْنَ فوضى
وبات الحـزن من أغلى نوالي

وإنـي منــذ عــانيت ارتحــالا
فقدت القـوس مع أغلى النبـال

وأضحى اليوم مأسور لأمـس ٍ
وما في الامس الا ضيق حال

لا للوقوفِ على الطلولِ تأسُّفا
.......................فالأمسُ ولّى والزّمانُ لنا جَفا
والليلُ أسدلَ في العقولِ سُدولَه
................وطغى مَحاق الوَعْي والبدْرُ اختفى
حتى النُّجومُ تكادُ تفقدُ وجهَها
.................بعدَ انكساف الشمسِ فالنورُ انطفا
رأسانِ في جَسدِ العروبَةِ أثخنا
.....................وَكِلاهُما خسرَ الإرادةَ وانكفى
فاندَسَّ في الجَسَد الهزيلِ مُوَسْوِسٌ
......................وانداحَ يحفرُ في الخلايا مَوْقفا
حتى تمكَّنَ واستبدَّ مُوالياً
.....................للإفكِ في جَسَدٍ العروبة واحتفى
ما زالَ فينا من يعيدُ نَهارَنا
.................................ويَردُّ عنا عتمةً وتَعَسُّفا
شمسُ العروبةِ ما انطفتْ وشعاعُها
...................يأبى الغروبَ وحقّ ربِّ المصطفى

من خوفنــا عــاثت بنـا الأيــام
وغدت على صدرالسُّرات تنام

عصفت بنــا حتى تبدل حــالنا
وغدا الأمير تســوقه الأوهــام

وتعلــق الكــرسي بين أظــافر
ودمـاء شــعب سـامها الحـكام

من كان يدري أن كلب حراسة
لا يرتـوى من نابـه الأجـرام

بالأمس داس المجد تحت نعاله
واليــوم تهنــا فالنهــار ظــلام