السلام عليكم
عندما تكتب المرأة الشاعرة عن الحب يتغيّر في الأسماع وقع الحروف. ويزداد توهج المعاني ، ذلك لأننا نعرف مسبقاً أن طبيعة المرأة تجعل البوح عصياً ، وخاصة عندما يكون المكنون حساساً . غير أن شرط الانفتاح في العملية الإبداعية كفيل بأن يقدّم التجربة الإنسانية في الأدب والفن مجرّدة من قيود التكبيل الذاتي والاجتماعي .لذا فهو يساوي بين المرأة والرجل في حق التعبير وطرائقه .
في هذه القصيدة الرائعة للشاعرة المبدعة الأستاذة ليانا لاحظت تلك السعة من حيز حرية التعبير التي تتحرك فيها الشاعرة .غير أن الشاعرة تبرر قدرتها على البوح بشدة معاناتها التي وصلت حد الخشية من الموت .
غادريني يا همومًا عِفتُها = أَرّقتْ جفني وهدّت مضجعي
وارحمي ضَعفي فما بَوحي سِوى = أَنني قَد بِتُّ أَخشى مَصرعي
غادريني يا همومًا عِفتُها = أَرّقتْ جفني وهدّت مضجعي
وارحمي ضَعفي فما بَوحي سِوى = أَنني قَد بِتُّ أَخشى مَصرعي
واستريحي يا دموعًا سَيلُها = يُترعُ الأرواحَ حُزنٍا وارجعي
عن عيونٍ أَجهَرتْ سرَّ الهوى = في قلوبٍ ضجرتْ من مُوجعهناك فكرتان محوريتان تدور حولهما المعاني في االقصيدة ؛ أولاهما : ِفكرة "المعاناة من التوجع " ذلك التوجع الذي يعانيه الصب المفتون الذي لا يفيد معه طبٌّ ولا دواء .
لا يغيثُ الصبَّ طبٌّ إن هَوى = بالنّوى مَفتونَ وَهمٍ لا يَعي
فلتغيثوا عودكم إمّا ذوى = واسندوهُ في خصيبٍ مُشبَع
والفكرة الثانية هي فكرة " عدم الاستسلام لمشاعر الضعف والهزيمة . بل الشاعرة ستحوّل معاناتها إلى تجربة إنسانية تفيض بجمال العواطف وعذوبة التعبير عنها . وهكذا نتلمّس الآن تلك الخصوصية التي تتمتع بها الشاعرة من قوة الثقة بالنفس . والتي حوّلت الوجع إلى (ترنيمة السلوى ) ترددها ، وتستمتع بترديدها ، وتدعو لمشاركتها في تلك المتعة، مشيرة إلى مكامن الجمال في تجربتها، حيث دنان الحرف الذي يخزن لذة الصدق في الانفعال العاطفي .
لم تكن الأفكار جديدة ، وكذلك الصور الشعرية هي من متداول الصور . غير أن ذلك الجزء الذي عبّرت به الشاعرة عن ثقتها بنفسها، هو ما يميِّز هذه القصيدة الجميلة من الناحية المعنوية والعاطفية . ثم لا بد أن نشهد بتماسك التراكيب وقوتها ، وتناسب الالفاظ وتوهجها .
وأنا رُغمَ جراحي والجوى = لن أخَلّي الآهَ تُدمي مَدمَعي
من قروحِ الجُرحِ آتي بالدوا = لحنَ بِشرٍ فالبُكا لم يَنفع
هاكمُ شدوي اسمَعوني وَاطربوا = ما جمالُ اللحنِ إنْ لم يُسمع!
زقُّ خمرِ السِّحرِ شِعري فاشربوا = مِن دِنانِ الحَرفِ بَوْحَ المُولع
حيثُ راحُ الروحِ قِرّوا واهنأوا = دَندِنوا تَرنيمةَ السَّلوى مَعي
تحيتي وتقديري