|
خَذَلوكَ يا قلبي فكيفَ تؤوبُ |
لتشمَّ ثوبكَ إن نعاهُ الذِّيبُ |
ما أنصَفوا ، عَلمُوا بأنَّكَ أوحدٌ |
في النائباتِ ، وما سواك غريبُ |
فَتَجاهلوا الماضي ، وَألحنَ سَعيُهم |
فبكتْ على الوقْتِ الثَّمينِ طيوبُ |
يا ربَّما تَحكي المدامِعَ أنفسٌ |
لكنّ قلبيَ في الهَوى يَعْقوبُ! |
أَسَفي عَليكَ ، وليسَ من أسفٍ على |
مَن ضيّعوك ، وغالهم تَرْهيبُ |
عَدِمُوا مَقاماتِ البَلاءِ وأنتَ مَن |
قلتَ اصْبِروا ، إنّ الضَّميرَ رقيبُ |
فَهناكَ فرقٌ أنْ يُحبَّكَ بُلبُلٌ |
أو يَمْلأ الرأيَ المَعيبَ نعيبُ |
لا يُضرحُ القبرُ اليتيمُ وحولَهُ |
وَعْدٌ يُكفْكِفُ لحدَهُ عرقوبُ |
خَذلوكَ فاقبِضْ يا فؤادُ بلِحْيتي |
لو عادَ منْ قيمِ الوَفاءِ نَصيبُ |
عُدْ عَلَّ تبسُمُ للحَياةِ مَداركٌ |
عُدْ لا عليكَ – أخا الأسى – تثريبُ |
حتَّى وإنْ غابَ الحَسودُ منازلي |
أو راحَ يهزأ بالبَيانِ كذوبُ |
فالحُسْنُ أنتَ ، زيانُ كلِّ خَريدةٍ |
يَحنو على فمِها الشَّذيّ نسيبُ |
ولأنتَ بَدءُ بلاغتي معَ حِكْمتي |
في كلِّ حالٍ للكبارِ رَبيبُ |
تفنى جراحُ الرَّاحَتينِ بلمْحةٍ |
وكلومُ قلبي ما لهنّ طبيبُ |
خَذلوكَ يا قلبي متى ستؤوبُ |
هلْ تَرتجي الهَمَساتِ حين تغيبُ؟ |
للسِّلم أهلٌ ، ليس يفقه كنههُ |
إلا أديبٌ شامخٌ وأريبُ |
أم أنتَ تنسى ما يقولُ " فرزْدقٌ " |
في يومِ أبرقَ والسَّحابُ كئيبُ؟ |
" والبُحتريّ "، " وأخطلٌ معِ حافظٍ " |
" وابنُ المَعَرَّةِ " إذ نعاهُ " حبيبُ " |
هُمْ كلُّهمْ رُزقُوا الصَّبابةَ والعَنا |
فتملّكَ الوَجْهَ النَّديَّ شحوبُ |
حَتَّى تبسَّمَ للبديع مُدامُهمْ |
فهفا إليهم مُخلصٌ ولبيبُ |
إيقاعُهم ينفي الهُدوءَ كأنَّهُ |
صَخَبُ الرَّبيعِ ولطفُهُ المَحْبوبُ |
خذلوكَ يا قلبي علامَ نعيبُ |
شَظفَ الخَريفِ ، وينحني التهذيبُ |
جوُّ السَّمواتِ اكفهَرَّ مُلوّحًا |
للظاعنين ، فهل عساه يخيبُ؟ |
ترتاد أجناسَ العتابِ جماجمٌ |
ويشفُّ راوية اللقاء لغوبُ |
والأمر دُبّر بالنهار وحسبه |
لِفَمِ المرارة ذوقه منسوبُ |
أمرٌ إذا قيس الظلام بوهمه |
فلقال عنه محيّرٌ وعجيبُ |
فاسألْ نواعيرَ الهموم متى انتهى |
دفْق الدماء ، ليستفيق نخيبُ؟ |
هل سايرَ الأملاكَ شكٌّ خلسةً |
أم في اليقين مجاملٌ شِرّيبُ؟ |
هذي وتلك ، ولا ستارَ لمسْرحٍ |
إن مرّهُ هَزلٌ هَجاهُ خطيبُ |
قلباه وعدًا لن أعودَ مُغازلًا |
سكينَ مُعتكفٍ بكتْه ذنوبُ |
كي لا ترى الخِذْلانَ يعزفُ تارةً |
أخرى ، ويشقى بالُكَ المنهوبُ |
فاعدلْ فديتكَ عن درابينِ المَها |
فالعَدْلُ عَذْلٌ ، والقريبُ غريبُ |