سَكَنَاتُ اللّيْلِ عَلَتْ وهَوتْ هَمْسًا سِحْرِيَّ الإيِمَاءِ ؛
خَفَقَانُ نُجُومٍ و غُيومٍ تَتَهادَى فِي سَقْفِ سَمَاءِ
نَظَّفَهَا البَدْرُ ولمّعَهَا بِالنُّورِ الدَّافِقِ كَالماَءِ
وَاعْتزَلَ وَحِيدًا مُعْتَكِفًا بِيْن الصَّحْوَةِ و الإِغْفَاءِ
كَالزّاهِدِ مِنْ أَزَلٍ يَرنُو.. يَرنُو مِنْ فَوْقِ الإصْغَاءِ
آهٍ يَا كَاهِنُ إنّكَ مثْلي صِرْتَ طَِريد الضَّوضَاء
محْتّرقًا فِي اللَّيْلِ شُعَاعًا فِضِّيًّا وَسَطَ الظّلْمَاءِ
ونَهَارًا تَعْبُر كَسَرَابٍ منُطَفِئا خَلْفَ الأَضْواءِ
****
اللّيْل يقَُطِّرُ فِي كَأْسِي تَسْهِيدًا تَشْرَبُهُ جِرَاحُ
لاَ أَدْرِي رُوحِي تَشْرَبُ أَمْ تَشْرَبُ مِنْ رُوحِي الأَقْدَاحُ
أأَُقِيمُ و أرْحَل فِي صَمْتي أمْ رَحَلَتْ بالرّأْسِ الرَّاحُ
خُطُواتُ الشَّارِعِ أَسْمَعُهَا كَالموْجِ تَهُمّ و تَنْزَاحُ
و الصَّمْتُ الأَسْودُ يَجْرِفُنِي لبَعِيد أَتْبَعُ منْ رَاحُوا
أَمْضِي فَأَعُود لمنُطَلقٍ و كَأَني فِي الدَّربِ ريَـــاحُ
خُطُواتِي أَبْعَد مِنْ دَرْبِي فَبَأَيِّ وُصُولٍ أَرْتَــــاحُ ؟
***
لمِتَى أَتَسَلَّقُ أَحْلَامِي أَوْ قُلْ أَهْوِي منْ أَوْهَامِي
سِيّانُ رشَادِي و ضَلاَلي فجُنُون الفِكْرةِ إلْهَامِي
أَنَا قَلبي نَارٌ تَتَلظّى ... تَحْرِقُ منْ أهْوى بهُيَامي
أَأُلام لِأنّه مُلْتَهبٌ ؟ و أَنَا أتَنَفّسُ إضْرامي
يَا لَيْتهُ كَانَ يُطَاوِعُنِي كَيْ أُطْفِأَ في الصَّدْرِ ضِِرَامِي
لَكِنّه أَبَدًا عَطْشَانٌ وَيَعِبُّ منْ الوَجْدِ الحَامِي
فَلْيَبْقَ بِنَارِهِ مُحْتَرِقًا مَادَامَ شَقِيّ الأَحْلاَمِ
***
وعلى الأُفُق الوَرْدِي يد تَتَصَفَّحُ أَيَّام حَيّاتِي
لاَ زَالتْ فِي كُّل غُروبٍ تَمتَدُّ مِنَ الغَيبِ الآتِي