ويوماً سرتُ في الغاباتِ وحدي
................................................ وصوتُ الطيرِ صافي اللحنِ شادِ
وكان الطل في خد الروابي
.................................................. .وعطرُ الزهرِ بالنسمات نادي
فلم آبه بوقتٍ كيف يمضي
.................................................. .........ولم أحفلْ بماءٍ أو بزادِ
سمعتُ هسيسَ صوتٍ من بعيدٍ
.................................................. ....فسرت إليه ممتطيا جوادي
ولما أن وصلتُ لحيثُ أبغي
.................................................. ..وأضنيتُ الركوبة في مرادي
ذُهِلتُ لما رأيتُ بأم عيني
.................................................. .......على أطرافِ رقراقٍ بوادِ
فصول العام قد جلسوا بِظلٍ
.................................................. .وصوت الصيف يرعِدُ بالوهاد
أنا أبهى فصول العامِ طرّاً
.................................................. ........أنا فصل التنزهِ في البلادِ
أنا فصلُ الثمارِ بكلِ لونٍ
.................................................. .......يود الناسُ طولي بازديادِ
ترى الشعراءَ في ليلي تغنوا
.................................................. ........ويومي للبناءِ وللحصادِ
أفصلَ البردِ كيف تكونُ خيراً
.................................................. .......وأنت كلابسٍ ثوبَ الحِدادِ
أخافَ الناسَ منكَ سيولُ شَرٍ
.................................................. .......ومن برْدٍ تراهم بارتعادِ
بِك الأمراضُ قد كثُرتْ وسادت
.................................................. ...ونام الناس عن طلبِ الجهادِ
ببرقكَ كم قتلتَ الناس حرقاً
.................................................. .....ورعدك مرعبٌ واللؤم بادِ
رياحُك تقلع الأشجار قلعاً
.................................................. ....وشمسكَ قد تَغطتْ بالسوادِ
نذير الشؤمِ غيمكَ في البرايا
.................................................. .......فهلا أهلكوا بك قوم عادِ
أنا بالخيرِ أفضلكم جميعاً
.................................................. .. - كذا قال الشتاء - ولي أيادِ
أيُنسى حرُ يومكَ والليالي
.................................................. .....بها الحشراتُ تلسعُ بالعبادِ
أيَنسى الناسُ كم تعبوا نهاراً
.................................................. ...........ولا وقت لنوم أو رُقادِ
أنا بالماء آتي كل عامٍ
.................................................. .....ولا عيشٌ بدوني في البلادِ
إذا ما جئتُ جاء الخيرُ يسعى
.................................................. .....وكلٌ صار بالبُشرى ينادي
على ملقى الأحبةِ تم جمعٌ
.................................................. .....بقرب النارِ حاضرهم وبادِ
ترى الأطفال قد فرحوا بثلجي
.................................................. .....وصار الكلُ يلعبُ قي ودادِ
كذا قال الربيعُ بكل فخرٍ
.................................................. أنا فصلُ الجَمال على امتدادي
فلا حرٌ ولا بردٌ بيومي
.................................................. .....وليلي واضحُ القسمات نادِ
وإني أُلبِسُ الغبراءَ ثوباً
.................................................. .......قشيبا وارفا والحسنُ بادِ
فصار الطيرِ في شدوٍ يُغني
.................................................. ....وراح الزهر يكسو كل وادِ
شياهٌ رُتّعٌ في كل صوب
.................................................. ...وترعى حولها ريمُ البوادي
وصوت الناي يصدحُ بالفيافي
.................................................. .........يُردد شدوه تغريد شادِ
فلو صار الفخارُ إليَ تاجاً
.................................................. .....لما وُفيتُ حقي في السدادِ
خريفُ العام خاطَبهم بِلينٍ
.................................................. .....إلام الخُلفُ يا أهلَ الرشادِ
أليس الصلحُ كان بكم حرياً
.................................................. .....لماذا تقدحون على الزنادِ
فإنا إخوةٌ والكلُ خيرٌ
.................................................. ....ويجمع شملنا طيب الوداد