|
بحث عن السعادة
سافرت أبحث عن السعادة لكثرة ما قيل لي عنها ولكثرة ما أنبت دموعي من أجلها.
جمعت أحزاني وجعلتها فوق ظهري وأخذت أطوف بين العيون والمدن والأبواب, فوجدت العيون تخاف ضوء النهار لأنه يفضح لصوصية أصحابها, ووجدت المدن تجمع أكبر عدد من النافقين وتبيع أكبر عدد من الفقراء وتشتري أكبر عدد من الأنفس, طرقت كل باب وجدت عنوانه ابتسامة فإذا ولجت منه وجدت خلفه دمعة وحزنا أو كاذبا على نفسه يظن نفسه سعيدا.
قيل لي من مغفل أن السعادة شيء جميل كالوردة وأثرها يمتد في النفوس كشذاها العطر فرحت إلى وردة نضرة وجعلت أتأملها لعلي أصل إلى السعادة من خلالها, فإذا بها تفوح عطرا فكدت أن أصدق المغفل ولاحظت الأنظار تنجذب إليها فكدت مرة أخرى أن أصدق المغفل.
وبعد هنيهة سقطت أوراقها وما بقي منها جف وتهشم ولم يبق منها حقيقة إلا الأشواك الجارحة والمتخمة بالأمراض والتي لا تزورها إلا الجراثيم والأدواء فعلمت أن السعادة ما هي إلا عجوز كاذبة خرفة, نصدقها ونكذب أنفسنا
فتمسكت بأحزاني وفرحت بجراحي وغسلت عيني بدموعي وعدت من حيث أتيت. |
|